المدينه الاثريه

3 1 0
                                    

غادر طاهر عز الدين خيمته بعد صلاة الفجر، ليجد العمال في انتظاره ،فقال لهم امرا :
-واصلوا الحفر.
وبدأ العمال عملهم، بينما اقترب ايمن منه، وقال:
-كيف ستعمل بدون الخرائط والاوراق?
قال طاهر في تصميم:
-سأصل الى بقليا المدينه واكشف سرها..اني احفظ الخرائط عن ظهر قلب.
زفر ايمن في حيره،وقال:
-احيانا يبدر لي ما حدث مجرد حلم...أحقا رأينا ذلك الطريق المضيء.. الذي اختفى عقب مرور معاونك عالم الاثار عليه..
ما رأيناه حقيقي..والدليل اختفاء معاوني ..ومعه الخرائط الهامه..
ونظر في ساعته،وقال في حماس:
-حان موعد التفجير.
-ماذا?!
-سيفجر العمال جدار ضخم لتظهر خلفه البوابه الدائرية..بوابة المدينه الاثريه..
ورأي شبحا يقترب منهما،ما لبثت ملامحه ان اتضحت،كان رجلا عجوزا يسير مستندا على عصاه،ويقول في صوت ضعيف واهن:
- لا تفجر الجدار.. لا تفتح ابواب الجحيم..
حملق طاهر في وجه الرجل،وهتف;
-من انت?لقد رأيتك قبل الان،ولست اذكر أين..
لم يحر الرجل جوابا بل راح يقول محذرا:
-إمنع رجالك من تفجير الجدار..دع السر مختفيا..
وإلا ستبتلعهم عاصفة الشر..
خبط طاهر جبهته وقال
-اه..تذكرت..انت البواب الغامض..الذي لا يعرف احد
متى جئت..ولا حتى اسمك..البواب الغامض..غموض المنزل الذي يحريه.
وارتسمت في عينيه نظرة حزن،وهو يتذكر ابنه الوحيد ،ثم قال في غضب:
-كيف جئت إلى هنا إني لا أرى معك سياره..او وسيله مواصلات ولماذا تريدني ان اتراجع عن اكتشافي الاثري?..
-أريد ان احميك..وأحمي رجالك.
رفع طاهر حاجبه متسائلا في دهشه..
-تحمينا!!..مم?
قال البواب في انفعال:
-لن تتحملوا العاصفه..ستقلع كل شيء..لن تتحملوا النيران..ستحرق الجميع.
ضحك طاهر ساخرا وقال:
-لعلك تعني لعنة الفراعنه وتحذرنا منها.
اطلت من عيني البواب نظره اثارت رعبهما وهو يفول:
-بل اعني ماهو اشد هولا منها..لقد حذرتك..لا تفتح ابواب جهنم ..
وابتعد البواب،فهتف طاهر في حنق:
-مجنون..مخرف.
اطل الخوف من عيني ايمن درويش وهو يقول:
-طاهر..تريث قليلا ..فكر في كلام هذا الرجل.
قال طاهر ثائرا:
-كلامه لا معنى له..أاضحي بهذا الاكتشاف الاثري الهائل من اجل..
قاطعه ايمن في خوف:
-لقد اثار هذا الرجل رعبي..إنه رغم ضعفه وتقدمه في السن يبدو لي قويا..شديدا..ونظرات عينيه مخيف..ارجوك..فكر جيدا قبل ان يتم التفجير
نظر طاهر في ساعته وغمغم:
-لم يعد ثمة مجال للتراجع..
ودوى صوت الانفجار..وارتفع صوت البواب يقول في اسى:
-فات الاوان..أنتم تستحقون..بدأت العاصفه..فتحت ابواب الجحيم.
وشعر ايمن بالارض تهتز تحت قدميه،فنظر لاسفل ورأى الارض تتشقق،فتراجع مذعورا وصاح فزعا:
-الارض...الارض تتشقق.
ونظر إلى طاهر فوجده يعدو في رعب وهو يصرخ:
-ما الذي يحدث?لم أراى اشياء كهذه من قبل?
وبدات الارض تسقط لاسفل..والشقوق تتسع..فصاح طاهر في قلق:
-هذه الارض هي قمة النفق الذي حفرناه...سينهدم فوق العمال ويقتلهم..
وفقد توازنه، وسقط وايمن بجواره،وراحت الارض تنهار،وقطع ضخمه من الحجاره تتساقط لاسفل،وارتفع الصراخ والانين،ونظر ايمن الى البواب،وارتجف عندما لم يجده وصاح في رعب: 
-اين ذهب?كيف اختفى? لا يمكن ان يكون قد ابتعد
بخطواته البطيئه وكل ما حولنا خال تماما،فكيف لا اراه?
لم يحر طاهر جوابا،فقد راح ينظر بأسى الى النفق الذي راح سقفه ينهار فوق رؤوس العمال..وصوت الصراخ والانين يمزق نياط قلبه، حتى ظهر فجأه وسط الحطام وقطع الصخور،شيء دائرى ضخم.. يبرق في شده، بأضواء تخطف الابصار.. واتسعت عينا طاهر وهو ينظر إلى تلك الدائره الضخمه.. ثم لم يلبث ان هتف في انهيار:
-ها هي البوابه...بوابة المدينه الاثرية.
هتف أيمن في ذهول:
-يا للجمال..يا للروعه.. كأنها مصنوعه من الماس...إنها تحفه نادره.
انقبض قلب طاهر وهو يقول:
-ولكن منظرها يوحي بارهبه.
قال ايمن في حماس.
-لنشرب منها.
-هيا بنا.
شعر فجأة بحراره عاليه تنبعث من الارض،ونظر تحت اقدامهما،فوجد الارض ممدده مضيئه،تشع حراره،ولدهشتهما ابصر الارض الصحراويه وهي تتحول تدريجيا الى ارض ممهده كأن بساطا مضيئا يمتد ليغطيها، ويغمر النفق الى بداية البوابه العجيبه.
هتف أيمن في كثير من الخوف:
-لقد عاد الطريق المضيء.
قال طاهر وهو يتألم:
-لنبتعد..فأنا لا اتحمل هذه الحراره العاليه..انها تحرق قدمي..
وابتعدا عن الجزء الممهد الغريب..وأبصرا العمال الجرحى وهم يرتمون فوق البساط المضيء بلون ارجواني براق، والدماء تقطر منهم بينما غاب بعضهم عن الوعي..وفي ذهول ممتزج بالرعب..هتف ايمن :
-ماذا يحدث هنا?.
وبدا الطريق المضيء يتقلص تدريجيا مبتعدا عن البوابه حامل معه العمال الجرحى تبعه الرجلان بأبصارهما في دهشه وذهول..والرعب يملأ نفسيهما..حتى ابتعد تماما..وتحول الى نقطة مضيئه..ما لبث نورها ان اختفى..وغمغم ايمن في اضطراب:
-نحن نواجه قوى غير طبيعيه..يبدو ان لهذه البوابه سرا..سرا مخيفا..
قال طاهر في اصرار:
- انا مصر على دخول بقايا المدينه..ومعرفة عصرها وكشف اسرارها..
وغلب ايمن فضوله الصحفي،فقال في حماس:
-وانا معك.
وسار الرجلان نحو البوابه،وبدأ يشعران بحراره، راحت ترتفع رويدا رويدا وهما يقتربان منها،وتصببا عرقا،وتلاحقت انفاسهما،ولكنهما واصلا السير في عزم وتصميم وقال ايمن في إعياء:
-لكأني اقترب من الشمس.
وسقط فجأة ارضا،،وهو يشعر ان الحراره تكاد تحرقه
وصرخ متألما..وغاب عن الوعي...
وتبعه طاهر بعد لحظات...
وفقد الوعي..
وخبا ضوء البوابه الغامصه.
                ***********
              يتبع،،،،،

عاصفة الشرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن