Ch이십구 (Telegram)

813 84 157
                                    

الخامس عشر من إبريل/نيسان 1967
السابعة والنصف مساءً~

أبيض
أبيض
أسود
أسود
أبيض
أسود
أسود
أسود أسود

أم.. أبيض؟

هل ضغطها مرة أم مرتين؟
هل ضغطهما على حدى أم معاً؟

تؤ.. الوغد الحقير ذو الأنامل سريعة!

تنهد الفتى باستسلام وقد قرر أن لعبة مراقبة أنامل الآخر بينما يعزف البيانو هي لعبة انتحارية قد تودي إلى ضمور أعصاب العين، فأطراف أصابعه لها من السرعة ما يجعلها أشبه بدخان شبحي يطوف على اللوح.

إنه يتدرّب على البيانو بدوره لكن هذا المستوى من التزاوج مع الآلة والزمن بدا له نوعاً من الفانتازيا بعيدة المدى.

في مرحلة ما تخلت المقطوعة عن تماسكها الذي تحلت به على طول الخط وبدأت تتذبذب، استغرب الفتى وتساءل في قرارة نفسه عن إن كان هذا التذبذب من كيانها أم أن خطباً حلّ بالعازف.

نظر عن يمينه حيثُ يجلس رفيقه الأسمر يعاين إن كان بخير، كان مفتوح العينين ثابت الجنان لا يختلج فيه شيء، لم يدري إن كان مسموحاً له بالتحدث وكسر اللحن أم لا لكنه فعلها على كل حال..

(ما اسم هذه المقطوعة؟ إنها.. غريبة..)

لم يُجب "كاي" من فوره، بل بترَ عزفه أولاً ثم اعتدل في جلسته على مهل (لم تكتمل لذا لم أمنحها اسماً)

تعجّب الفتى من هذا القول (أتؤلف الموسيقى؟ ظننتك عازفاً فقط)

هزّ الأسمر كتفيه وهو يمد يده نحو كوب عصير الرمّان على الصحفة بجانبه (إنها تجربتي الأولى)

ارتشف مقدار بسيطاً من الكوب ثم أكمل ببؤس (لكن يبدو أنني أفشل..)

ضرب الفتى كتفه برفق بكتف الآخر (لا تضغط على نفسك، أنت فاشل في كل شيء، لا بأس عليك)

تجمّد العازف للحظة قبل أن ينظر له وعلى وجهه نظرة تُضرم الشيب في الغلمان (مؤخراً تبهرني حقاً بتلك المُستويات الجنونية التي تصل إليها في نقدك الهدّام!)

أجابه ببرود (لم أقصد بهذا نقداً هدّاماً أو بناءً.. فقط أصرّح بالحقائق)

هتف به وهو يدفعه بغلظة (كين انهض من جانبي، قُم!)

(أنتَ انهض! هذا مقعدي! أنسيت نفسك؟) رد عليه الأقصر وهو يدفعه بدوره بعنف ويحاول ألا ينزلق من على المقعد الجلدي الذي يتشاركانه.

ولسبب ميتافيزقي ما.. خسر الأسمر في مبارزة الدفع هذه، لذا هو فقط تأفف بقلة حيلة وعاد لارتشاف عصيره بيد مُرتعشة لكنه حصل على دفعة مُباغتة كادت تُسقط الكوب على ملابسه لتحيلها إلى عجين مُبتل، سمع الآخر يضحك بسخرية (حتى في هذا فاشل؟! عيب عليك)

Silence out loud:1950حيث تعيش القصص. اكتشف الآن