Final Ch삼삼오 (Home II)

779 57 359
                                    

الحادي عشر من مايو/آيار 1967
السابعة والنصف صباحاً~

رائحة القهوة المطحونة تواً المُنبعثة من الداخل،
رائحة البُخار المتصاعد من الفطيرة الصغيرة،
رائحة الزهور المقطوفة حديثاً التي تزيّن الطاولة..
ورائحة الكولونيا التي يستخدمها "تشانيول" والتي لم يغيرها طوال كل هذه السنوات المديدة.

هذا الخليط من الروائح جعله يشعر برغبة عارمة في الابتسام.

لكنه لم يبتسم..
لم يفعل منذ أكثر من ثلاثة أسابيع.

(أعجبك المكان؟) سأله "تشانيول" بحنو يحاول دفعه لمحادثة قصيرة.

هزّ له الفتى رأسه بهدوء ثم أخذ يرمق المارة المسرعين إلى مشاويرهم المُبكرة، كان المقهى الذي يجلسون فيه يقع في منتصف طريق ''بيثنال جرين'' وهو طريق حيوي للغاية حتى في مثل هذه الساعة.

استرعى انتباهه بشكل خاص صبيان فتيّان في زي مدرسة داخلية شهيرة قريبة من هنا، كانا يتهاوشان ويصنعان جلبة وصخب بينما يبدو عليهما الانشراح الأعظم.

جعله منظرهما هذا مُنقبض الصدر لسبب ما أقرب لغيرة، ليس لكونهما مستمتعان وسعيدان لكن لأنهما.. ربما.. معاً؟

(لقد ازدادت لندن حيوية) علّق بدون روح بينما يختفي الصبيان في مُنعطف الطريق.

ابتسم "تشانيول" له ابتسامة أظهرت جُل أسنانه الصغيرة (وماذا بوسعها أن تفعل غير هذا بعد عودتك؟) ربّت على كفه المنبسط على الطاولة ومسح عليه يبث فيه شيئاً من سعادته الخاصة.

لم يتلقى الشاب مراده في جعل الآخر يلين بالمقابل بل كان كل ما حصل عليه هو عقدة كبيرة تشكّلت بين حاجبيه الثقيلين.  

مرت لحظة صمت قبل أن يأمره بجدية (لا تفكر في الأمر كيونج)

(ليس وكأن لي حيلة) دافع الفتى عن نفسه.

قال "تشانيول" والحدة تحتدم في صوته (ليس لك حق في الشعور بالذنب، حسناً؟ ما جرى قد جرى وللرب حكمة خفية في هذا، بالإضافة أن القضية أُسقطت بموجب كونها دفاعاً عن النفس، وددت لو نفرغ من كل هذهِ الإجراءات في أسرع وقت لكن الأمر لم يمر مروراً كريماً لأن اللعين رجل سياسة)

ذِكر أمر القضية جعل الفتى يعيد إحياء شعور الامتنان الغريب اتجاه الشاب الجالس قبالته رغماً عن أنفه، بالإضافة لفخر عميق ينتابه كلما تذكّر أنه محامي الآن، يريد حمله على ظهره والهِتاف لأجله في الأرجاء.. وإن فعل.. لن يوفيه شيئاً من حقه.

أخبره أنه سلكَ المُحاماة ودرسها في الجامعة بعد أن تم تسريحهُ من سكتلاند يارد، لم يستسلم وينوح في الأرجاء فقط، حسناً.. هو فعل لبعض الوقت.. لكن ذلك لأنه كان غاضباً غضباً جماً على الظّلمة فأعماه هذا وفصله عن الواقع لفترة.

Silence out loud:1950حيث تعيش القصص. اكتشف الآن