٥-تحت انكسار الضوء.

339 55 118
                                    

كم من المريب أن يرمى في دربك بعض الأوراق العشوائية التي تدرك بكونها رسائل, مريب, لكن مُبهر في ذات الحد.

أمضى ساعات الصباح الموالي يقلب الأوراق الهشة بين كفتيه, حيناً يشذبَ من حدة نظره ليجاهد قراءة جوقة الأحرف, وحيناً يشهق بعتو في كلِ مرةٍ يتأججُ فيه العجب من إبهام الكلمات.

أمضي أيامي أرتقب النهاية, نهايته, نهاية المكان, أو نهاية أيٍ كان.

نهاية تبعدني عن هنا, تبعدني عن الحوائط التي أحسُ بها قاب قوسين أو أدنى من سحقِ كلاً من عقلي ورئتي.

أكاد أجزم أنني أختنق!

لما ليس علي سوى أن أرضح لرغبته؟

لما لا يتخلى عن محاولة تقييدي؟!

ورغم امتداد الوقت وعظمة الجهد الذي احتاجها لفك تلك الكلمات من قيدِ قبحِ خطها, إلا أنه لم يزِد سوى من عنفِ إحساس الجهل في جوفه. ما هو هذا؟ وأيُ رسائلٍ هي تلك؟ ولما كلُ ما قرأه حتى الآن يبدو صنيعة شخصٍ أعماهُ السخط؟ هل حتى لا بأس بما فعله؟ انتشالُ رسائلٍ لا شأن لهُ بها من مخبأ الرمال.

ورغم أن محاولة فتح الأوراق القليلة كان محفوفاً بالوجل من تمزيقها لهشاشتها, إلا أن الرقة في أطراف أصابعه أعانته.

كلانا يعاني بطريقة او بأخرى.

لكن الأمر متباين وكأننا نقف على صدغين متقابلين.

أنا لا أعلم حتى ما علي فعله بعد الآن, أشعر أني تائه بالكلية. كلُ ذرة رمال هي جزءٌ منه!

إذاً لما لا يمكنني الوقوف على قدمي والابتعاد عن هذه البقعة؟

بالتركيز على التحسن الطفيف بسيرِ الخط, ووضوح الأحرف, يمكنه الجزم بأن الكاتب هذه المرة شخصٌ مختلف.

مؤخراً في بدايات النهار و خواتيم الليل, باءت تراودني بعض المخاوف.

مخاوف من أن القيود التي تربطني بهذا المكان, ستنسلُ على طول أطرافي حتى تُصبح حبلاً يشنقني تعلقاً بمآسيّ.

هذا مضنٍ, وأكثرُ ما يعكره علي هو أن هذا برمته ليس رغبتي! بل رغبته!

المعاني المشفرة في الرسائل تظفرُ باهتمامه وتزيدُ من فضوله, عائدةً عليه بكلاً من الفضولِ والفوضى.

أحياناً أؤمنَ أن تعلقَ مصائرنا بهذهِ الأرض سيكون مآله نهاية شديدة السوداوية.

Juvenile | يافعحيث تعيش القصص. اكتشف الآن