الحلقة الأولى

21.2K 486 25
                                    

الأول
تدخل الممرضة إلى غرفة العناية الفائقة لتضيف بعض الأدوية إلى المحلول المتصل بذراع المريضة ، تنظر لوجهها الجميل الذى تخلت عنه معالم الحياة لتهز رأسها بأسف وتزفر بضيق هامسة : ربنا يعافيك وتفوقى بس . ربنا يجازى ولاد الحرام .
تغادر الغرفة تاركة إياها تحت هذه الأجهزة تصارع من أجل حياتها ، لا من أجل أن تحياها ؛ بل تصارع لخسارتها !!!!

**************

تغيب عن الدنيا لا تعلم منذ متى ؟
لكنها تعلم أنها لا تريد العودة ، فأخر ساعات لها بالحياة امكنت الزهد من قلبها فلم تعد لها رغبة فيها .

الساعات الأخيرة فى الحياة __

تدور مقلتيها أسفل جفنيها المرتخيين كرها كما كانت تدور هى فى ذلك اليوم المشئوم ، تدور بين الطاولات كالفراشة تخدم زبائن المطعم الراقى الذي تعمل فيه منذ ما يزيد عن العامين .

هى زهرة فتاة فى الثانية والعشرين من عمرها ، اخت كبرى لاثنتين تصغرانها ، انفصل والدها عن والدتها منذ أعوام ليتزوج أخرى بحثا عن المولود الذكر لتنجب له الأخرى فتاتين ايضا ، ليترك  الثانية ويتزوج الثالثة .

منذ انفصل والديها ووالدها لا يعرف عنهن أى شئ ، لا يراهن ، لا يتكفل بهن ، هن كاليتيمات ، ربما اليتيمات أفضل حالا منهن فوالدهن تخلى عنهن برغبته المطلقة كارها كونهن إناث ليس إلا .

لم تنعم زهرة بالالتحاق بالجامعة ، فشقيقتيها بحاجة للمال ووالدتها تعمل عملا متواضعا بأحد مصانع الملابس الشعبية ودخلها لا يكفى متطلبات ثلاث فتيات ، لذا اكتفت زهرة بالتعليم المتوسط لتلتحق باكرا بسوق العمل بحثا عن المال .

تنقلت بين عدة أعمال لمدة عامين قبل أن تستقر في هذا المطعم الذى ارتاحت للعمل به فصاحب العمل لم يطلب منها خلع الحجاب مادام لايخالف زى العمل ، وما ايسر ذلك ! هو رجل كريم ايضا يراعى من يجد بعمله مثلها .

التحقت شقيقتها دينا بالجامعة أما الصغرى علياء فهى بالثانوية العامة .اعتادت زهرة على مضايقات الزبائن من ذوى المال أو النفوذ ، فهى جميلة ؛ بل مبهرة الجمال وجه مستدير حليبى تتوسط وجنتيها غمازات تزيد وجهها اشراقا ، عينيها بلون العسل الصافى ليزين كل هذا شفتين بلون الفراولة الناضجة مكتنزتين بشكل محبب يجعل التطلع إلى وجهها درب من دروب الفتنة المؤكدة .

كان يوم عملها اعتياديا تدور بين الطاولات تجيب هذا وتسأل ذاك تتوجه للمطبخ بخطوات ثابتة وتعود حاملة ما لذ وطاب .

من بين الطاولات كانت هناك طاولة اختارها جالسيها للتخفى عن الأنظار قد الاستطاعة ،ثلاثة شباب يبدو من ملابسهم مستواهم الإجتماعى  ، لاحظت فور اقترابها من الطاولة أنهم ليسوا بحالة طبيعية ؛ ربما تعاطوا بعض المخدرات . هى اعتادت هذه الشاكلة ستتحاشى أى حديث يمكن أن يدور هى لا تريد الانغماس مع مثل هؤلاء.

اغتصابحيث تعيش القصص. اكتشف الآن