الحلقة الثانية

14K 425 32
                                    

الثاني
اليوم التالي .
منذ أيام يعانى عثمان إضطرابا فى النوم ، رغم أنه لم يع جيدا ما حدث تلك الليلة إلا أن صرخة ما تصر على شق طريقها عبر أحلامه لتفزع قلبه وتصيبه برجفة قاتلة .
ظل معظم ليلة أمس يفكر ، لما لا يشعر باسم بأى مما يشعر هو به !!! هو يعلم أن أيهم متحجر القلب وسيلقى تلك الليلة وراء ظهره كأن لم تكن ، لن يذكر منها إلا فخره بكسر تلك الفتاة ، أما باسم فهو يشبهه إلى حد ما ، لا يفهم سبب تقبله ما حدث !!!!
غفا عثمان بعد صراع مع أفكاره دون أن يصل لإجابة تساؤلاته ، ليرها فى نومه ككل ليلة .
خطواتها مضطربة تسير مبتعدة عن أيهم الذى يلحق بها بشراسة ، خطواتها تهرول لكن خطواته أسرع واقوى ، يكاد أن يلحق بها لتغيب فى ضباب كثيف ، لكنه لا يرتجع عنها
و يخترق الضباب كسهم نارى  لاحقا بها إلى جحيم يشعر عثمان بلهيب احتراقه يصهر وجهه بألم يذيب أوصاله
********************
أسرع الطبيب للغرفة ما إن أخبرته الممرضة بإفاقتها ، هو ينتظر تلك الإفاقة منذ          الأمس ، وضع محقنه فى جيب رداءه الأبيض وهرول لها .
كلما إقتربت خطواته هاله الصمت المخيم على المكان ، أحقا أفاقت !!!!
تبع فضوله وهو يدخل للغرفة مدعيا الهدوء التام لينظر لها بأعين متسعة وهى تجلس فوق فراشها المعندى بصمت تام .
لا إنهيار !!!
لا بكاء !!!!
لا دموع صامتة !!!!
فقط تجلس مقطبة جبينها تنظر للأمام بصمت وتركيز .
أقترب راسما بسمة كاذبة : حمدالله على السلامة .
توجهت له بنظرها دون أن تجيب ليتساءل بقلق : انت سمعانى ؟؟؟
اومأت برأسها ليزداد تعجبه : طيب مابتكلميش ليه ؟
لم ترد ليقترب متفقدا مؤشراتها الحيوية ، إنها بخير نظرا للحالة التي وصلت بها .
عاد خطوة للخلف وهو يحمحم : إحنا هنبلغ البوليس إنك فوقتى . هم منتظرين علشان يكملوا التحقيق.
ليعود خطوة أخرى خوفا حين إنفجرت ضاحكة بشكل أفزعه ، ضحك متواصل ، غير مبرر .
إنها تنهار بالفعل ولكنها تنهار داخليا ، هذه الفتاة لها من القوة ما يؤهلها لاخفاء ذلك الانهيار ، لكنه طبيب ويرى ذاك ، ستحتاج لرعاية نفسية هذا مؤكد ، ليس تخصصه لكنه سيتأكد من حصولها عليها ، فكم يشعر بالشفقة لأجلها.
*******************
أفاقت من غيبوبتها لتجد نفسها بغرفة باردة ، تلفتت حولها لازال جسمها يعانى ألما شديدا ، العديد والعديد من الأجهزة المتصلة بجسمها المسجى فوق الفراش المعدنى
برودة اهتزت لها أوصالها . ثم حرارة تنبعث من جسمها كاملا وهى تتذكر ما حدث .
لقد شعرت بالخوف من هذا المختل الذى أقر بإتفاق هى لم تضرمه من الأساس ، ظلت المدة الباقية من فترة عملها تتجنب طاولتهم .
اخيرا ستغادر العمل وسترتاح من هذا الضغط الذى تشعر به بوجودهم .
لكنها فوجئت بمغادرتهم أثناء تسليمها العمل لزميلتها ، زفرت براحة يبدو أنهم قد يأسوا منها . هذا ما كانت تريده تماما .
توجهت لتبدل ملابس العمل ثم للخارج
زادت خطواتها ارتباكا حين فوجئت بسيارتهم تقف أمام المطعم وهذا المختل ينظر لها تلك النظرة التى تدب الرعب بقلبها .
لكنها لم تظهر له سوى الاشمئزاز لتغادر بخطوات سريعة فشلت تماما فى التحكم في اضطرابها .
قطع ذكرياتها المؤلمة دخول الممرضة التى ما إن إكتشفت إفاقتها حتى هرولت لتعود بعد دقائق بصحبة هذا الطبيب .
لم تشعر بالقلق من تواجده فهيئته مطمئنة إلا أنه حين أخبرها عن الشرطة التى تنتظر إفاقتها حتى انفجرت ضاحكة .
هى لا تخافه ولا تخاف سواه ، إنها حتى لا تخافهم ؛ نعم من انتهكوها بوحشية كادت تودى بحياتها ؛ إنها تكرههم .هم أعدائها ليس جيدا ان تخاف من عدوك ، إن خفت منه فسوف يهزمك .. خوفها تلك الليلة مهد الطريق لهزيمتها لكنها لن تهزم مجددا .
كانت تنظر له وتضحك وقلبها يرفرف ألما كطير ذبح للتو بسكين بارد .
دمعت عيناها ليظن من يراها أنها دمعت من شدة الضحك ، إنما هي فى الواقع تحاول تحرير بعض دمعات لتخفف من ضغط الدموع داخلها ، فهى لن تسمح لنفسها بالبكاء .
***************
انتفض عثمان جالسا مع تلك الصرخة التى شقت أحلامه .
اعتدل جالسا يلهث بقوة ويمسح وجهه نافضا قطرات العرق عن مسامه الملتهبة ، خطف نظرة للساعة الجانبية ، إنه الصباح .
ينهض بتكاسل متجها للخارج لكنه يتراجع قبل أن يصل للباب ، هو لا يريد مواجهة أحد ، لا يريد رؤية أحد .
عاد لفراشه ليجلس يتذكر ما حدث تلك الليلة .
تلك الفتاة التى أصر ايهم أن يلحق بها ، رغم أنها استقلت اول ميكروباص مر أمامها وقد كان خاو إلا من شاب وفتاة يجلسان بالخلف يبدو عليهما الريبة .
تابع أيهم بسيارته الميكروباص حتى توقف بعد عشر دقائق ليهبط ذلك الشاب وفتاته تلك ، ليسرع معترضا طريقه ليتوقف مرغما .
توقف السائق وهو يسب بغضب ، إنه شاب من نفس عمرهم تقريبا .
هبط أيهم من سيارته بغضب ليفتح الباب ويجذبها للخارج .
أسرع السائق مغادرا السيارة وهو يصيح : انت بتعمل ايه يا اخينا ؟
لينظر له ايهم بغضب بينما قبع هو وباسم متشبثين بالسيارة ليصيح أيهم : انت مالك . دى واحدة ناقصة رباية .
صرخت الفتاة تستنجد بالسائق وهى تتملص من قبضة أيهم التى تمسك بها وتدفعه بصدره بقوة ليزداد هو تمسكا بها  : أنا مااعرفهمش ، حرام عليك ماتسبهمش ياخدونى
ليتقدم السائق من أيهم بلهجة آمرة : سيبها يا اخ
ليفاجئ أيهم الجميع وهو يخرج مسدسه من خلف ظهره ليشهره فى وجه السائق الذى ظهر الاضطراب على وجهه لوهلة قبل أن يبتسم ابتسامة خبيثة .
نظر من موقعه لوجه أيهم ليعلم أن ابتسامة السائق أثارت قلقه ليعم الصمت لحظات ، خاصة مع الصدمة التي اخرست الفتاة ليقول السائق بعدها : هى الحكاية كدة ؟؟
اتسعت ابتسامته وهو يمسح صدره بطريقة مقززة : يبقى لقمة هنية تكفى ميه .
كانت الصدمة من نصيبه وباسم الذى نظر له بتعجب : انت سمعت اللى أنا سمعته ؟
اومأ برأسه وهو يبتلع ريقه بصوت يعبر عن قلقه بينما أعاد أيهم سلاحه وهو يبادله بسمة مشابهة : اتفقنا .
ليثير جنون الفتاة التي بدأت تضرب بلا هدى يمينا ويسارا بذراعيها وساقيها وهى تسبهم جميعا ليسرع السائق مثبتا ولاءه وهو يقيدها من الخلف ليتحكم فى ذراعيها مكمما فكها وينظر ل أيهم : إحنا كدة بنقول يللى ما تعرفش اعرفش . هتروحوا بيها فين ؟
ليجيب أيهم بثقة : طالعين السخنة
يقذفها السائق داخل سيارته مرة أخرى ليرتطم رأسها بالمقعد  ويحاول إغلاق باب السيارة إلا أن الفتاة تجذب الباب وهى تصرخ وتمطرهم بوابل من السباب ليلتفت لهما أيهم ويقول بلهجة آمرة : باسم أنزل بسرعة اركب معاها .
يسرع باسم يستجيب فيدفع الفتاة لتسقط فوق المقعد وهو يصفعها صفعات متتالية دون أن يهتم من أغلق الباب فقط شعر بالسيارة تتحرك .
ينتفض عثمان متخليا عن ذكرياته حين يفتح باب غرفته عنوة ليدخل أخيه الأكبر سليم الذى يشعر أن أخيه يخفى أمر ما ويحاول الضغط عليه فمن حالة عثمان يبدو أن الأمر شديد السوء
********************
نظر الطبيب لضحكاتها وهو يتوقع أن تتحول لصرخات بعد قليل خاصة حين دمعت عيناها لتفر بعض الدمعات تروى ظمأ وجنتيها .
انتظر حتى انهت نوبة الضحك الغير مبرر لتمد كفها تمسح دموعها وهي تتساءل بضعف : أنا فين ؟
يهز كتفيه ببساطة : فى المستشفى .
نظرت له بضيق : المستشفى فين ؟
نظر لها كأنه لا يفهم ما تعنيه حتى قالت بضجر : فى أى بلد ؟
أسرع مجيبا ويده تصل لجيبه حيث محقنه ذو العقار المهدي  : السويس .
نظر لها بتعجب لم هذا السؤال؟
أليست من نفس المحافظة ؟
ترى ما الذي تخفيه خلف قناع القوة الزائف الذى تتحلى به ؟
أسئلة كثيرة تدور حول هذه الفتاة المجهولة ، علامات استفهام تدور حولها فقط ، وتزيد واحدة وهو يراها تستلقى بالفراش وتغمض عينيها استعدادا للنوم .
ما الذى تفعله !!!
هل ستغفوا حقا بهذه البساطة  !!!!
لما لم تصرخ لدى رؤيته !!!!
ألم تصاب بالخوف رغم كل ما حدث لها !!!!
تعود الأسئلة لتتركز فى سؤال واحد . ما الذي تخفيه هذه الفتاة ؟؟؟!!!!

يتبع...

اغتصابحيث تعيش القصص. اكتشف الآن