الخامس
بعد موت أيهم بشهر واحد
يجلس عثمان أمام أخيه الأكبر سليم يرتعد خوفا و الاخير يصيح فيه : باسم كمان مات . أيهم من شهر وباسم أمبارح و الاتنين مسمومين والاتنين ماتوا فى شقة مقفولة لحد ما ريحتهم طلعت .انتو كنتوا أكتر أصحاب
نظر ل عثمان الذى يرتعد : لو مخبى حاجة قول دلوقتي يا عثمان .
يبتلع عثمان ريقه بصعوبة توشى بكذبه المتعمد : هخبى إيه يعنى ؟
سليم بلهجة تحذيرية : أنا اللى بسأل يا عثمان ؟
نكس رأسه دون أن يجيب ليصيح سليم : انت ماتخرجش من البيت ابدا ، وممنوع أى اكل من برة البيت .
وغادر غاضبا فهو لا يدرى لم يصمت عثمان بعد وفاة صديقيه . وما الذى يخفيه ، يرجو ألا يكون أخيه متورطا فى جريمة أو ما شابه ؛ لكن رجاءه يخيب حين يرى انكساره وصمته ورغم ذلك لن يتخلى عنه .
*********************
خارج الڤيلا التى عين عليها سليم حراسة مشددة ومنع أى تواصل بين أخيه وبين خارج الأسوار ليحافظ على حياته . أو هكذا ظن أنه يفعل .
على بعد عدة أمتار من البوابة تمر كما تمر كل يوم تتفحص هؤلاء الحرس بغيظ برعت فى إخفاءه .
سارت بخطواتها المعتادة تتبعها عينى الحارس ليتخلى عن موضعه كما يفعل منذ أيام لاحقا بها .
تسرع خطاها وعلى وجهها ابتسامة ظفر وهى تشعر بلحاقه بها وتتسع ابتسامتها حين يأتيها صوته : طيب ريحى قلبى وعرفينى انت شغالة عند مين ؟
لحق بها لتتظاهر بالخجل وتسرع الخطى هامسة : لا مايصحش كدة . ارجع لو سمحت .
الحارس ويدعى محمد : ارجع فين بس ؟ انت قلبتى حالى .
توقفت لترفع عينيها لتتاكد من سيطرتها عليه وهى تقول بدلال : اناااا ؟؟ مش فاهمة !!
ابتسم بوله : قابلينى وانا افهمك .
هزت كتفيها بتمنع لا يزيده إلا رغبة : لا مقدرش .
محمد : ماتخافيش هنتقابل فى الڤيلا اللى بشتغل فيها ، فى الجنينة بالليل . مش هندخل جوة .
تشهق مدعية الصدمة : إيه !!! لا حد يشوفنا . طيب هقابلك بس برة
محمد : ياريت اقدر أنا مزروع على البوابة زى ما انت شايفة ليل نهار علشان عثمان بيه .اسمعى كلامى بس بكرة فى حفلة والبيه الكبير هيروح هو والهانم وسليم بيه ، الڤيلا هتبقى فاضية
تتساءل بقلق : وزمايلك ؟؟ لا انا انكسف .
محمد : هقابلك من الباب الورانى وادخلك الجنينة محدش هيشوفك غيرى . صدقينى وريحى قلبى .
نفسى اتكلم معاكى . عندى كلام كتير لازم اقولهولك .
قناعة ظاهرة أثلجت قلبه وهى تبتسم بخجل : طيب انا هاجى علشان خاطرك بس ، أصلى استريحت لك أوى .
ليعود محمد مطمئن القلب فيتساءل زميله : انت كنت فين ؟
محمد : هروح فين يعنى أدينى قدامك .
وأشاح بوجهه عنه ، هو لن يخبر أحد عن حوريته التى تسللت بخفة حتى ملكت قلبه ، سيخفيها عن الجميع ، وسيصل إليها مهما كان طريقه طويلا .
***********************
الليلة التالية تقترب من البوابة الخلفية حسب الموعد المتفق عليه مع محمد والذى تهرب من زميله كالعادة ليسرع إليها .
لمحته مقبلا لتزفر براحة برعت فى إظهارها ، فتح لها البوابة لتسرع للداخل بقلق ظاهر : انت متأكد محدش هنا ؟؟ أنا خايفة أوى .
محمد بثقة : تخافى وانا معاكى . لا كدة ازعل منك.
تخفض وجهها خجلا : مايهونش عليا زعلك يا سى محمد .
يدق قلبه بعنف ليضغط على كفه منفثا عن تفجر الدماء بعروقه ، يتظاهر بالثبات فهذا لقاءهما الأول الذى رجاها لأجله أياما ، عليه أن يكسب ودها ويحسن إستغلال فرصته .
تلفتت حولها بريبة : هنقعد فين ؟
أشار لها لجانب منعزل لتخفض وجهها خجلا وتسير أمامه بخطوات ثابتة ، تتعلق عينيه بها ويتبعها قلبه بشغف وجنون .
جلست برقة واضحة ليسرع لجوارها ، يبتسم بود حقيقى ويتساءل بلهفة : مش هتقولى لى بقا اسمك إيه؟ وساكنة فين ؟ وشغالة عند مين ؟ اوعى تكونى مخطوبة !!!
وضع يده فوق قلبه مردفا : انا اموت فيها .
ضحكت بدلال بصوت حرصت على خفض نبرته وهى تقول : كل دى أسئلة ، هو انا لسه اعرفك علشان اقولك كل ده ؟
تلفتت حولها مدعية الخوف وتساءلت بمكر : انت متأكد محدش هيشوفنا ؟ أحسن حد من الخدامين يطلع ولا حاجة
محمد بثقة : قلت لك ماتخافيش ، هو انا هخاطر بيكى بردو ؟ وعلشان تطمنى سليم بيه طرد كل الخدامين مفيش غير الدادة بتاعتهم ودى بتنام من المغرب .
ظهرت الراحة على ملامحها فورا ، وأولته كل اهتمامها ؛ أو كذلك ظنظلا يتسامران لمدة قصيرة حرص فيها محمد على أخبارها بكل تفاصيل حياته بينما تتهرب منه ولا تجيب تساؤلاته .
قصر الوقت كان فى صالحها أيضا فبعد عشر دقائق بدأ زملاءه في البحث عنه .
كان يتحدث عن نفسه بإستفاضة حين علا صوت أحدهم : يا محمد .
ارتعدت بشكل واضح وهى تهب واقفة ليفزع لفزعها ليس إلا وهو يقول بحنان: ماتخافيش .
ابتعد خطوات ليقف ويقول برجاء : اوعى تمشى . مش هتأخر عليكى .
وغادر بإتجاه زملاءه لتتجه هى فورا للداخل ، ليس من الصعب معرفة غرفته ، هى الوحيدة المضاءة حاليا .
هل يخشى الظلام !!؟
ام يخشى قدومها صاحبة له ملك الموت !!!!!
دخلت للڤيلا بسهولة عبر التراس المفتوح لترتقى الدرج بثبات .
خطوات ثابتة ، كما خطواتها دائما ، ومضات من نور تعيد ذكريات المرتين اللتين شعرت فيهما بنفس الإحساس.
فى كل مرة ترتقى نحو أحد هؤلاء الذئاب .
دقات قلبها العالية ، الدماء الحارة التى تتدفق عبر شراينها لتزيدها إصرارا على التقدم
ذكريات تلك الليلة ، التى تخص كل منهم على حدة .
عليها أن تشكر عثمان أولا ، حقا هو أخر من ستنتقم منه ، إلا أنه كان الخيط الذى اوصلها لرفيقيه .
لقد كان بحثها عن شخص بإسم أيهم وشخص بإسم باسم دربا من دروب الحماقة ، حتى إن تعرفت على وجوههم ، فمن أين لها أن تصل إليهم ؟
لكن ذكر أيهم للقب عثمان تلك الليلة وهو يطلب منه بوقاحة أن يريها رجولته ، كان كنزا ثمينا حصلت عليه لتبدأ منه رحلة الانتقام .
حسنا ستشكر عثمان حتما ، قبل أن يرى بعينيه ماذا صنعت له رجولته المزعومة و إلى أين وصلت به .
فتحت الباب بحرص هى لا تريد إخافته فيسرع بطلب النجدة ، الأمر مختلف عن أيهم وباسم ، فهى الأن بڤيلا محاطة بحراسة مشددة.
كانت الغرفة خالية لكن إضاءة المرحاض جذبت إنتباهها لتسرع إليه
يتبع...