في قصر واسع مشيد بدقة يتسع لمئات الأشخاص ..
محصن بطاقم حراسي ذو مستوى عالي من الخبرة و الإحترافية .. يتحرك الخدم صباحا بنشاط وخفة يعدون الإفطار لبنات الشامي مالكات هاذا البناء الفخم المتقن للبناء ..
في الطابق العلوي في غرفة فخمة تدل مقتنياتها على الثراء الفاحش ..و على سرير كبير جدا دائري الشكل ذو ملمس ناعم ..تجلس تلك الفتاة الفاتنة بمنتصف عقدها الثاني بعيونها الخضراء الفاتحة و شعرها البني الملفلف ببشرة بيضاء ناصعة و وجه فاتن حزين شارد ..
تضلله لمحة ألم ..و حزن دفين ..
بيديها ألبوم صور يحمل بطياتها ذكريات كانت ذات يوم حلما و عمرا مزهرا بالنسبة إليها ..
بداخل كل صورة منها نفس الوجه ..و نفس العينان العسليتين ..نفس الشعر الشديد السواد و الكثيف بشدة ..
بملامح رجولية شديدة الوسامة ..و بنفس النظرة الجليدية القاسية ..
أو القسوة التي لم تستطع التعرف عليها بسبب سذاجتها السابقة ..و عقلها البريء ..
كانت " لميس" تتأمل صاحب الصورة بألم لم يختفي رغم السنين ..
لتدخل عليها ابنة عمها ..
وقفت ذات الشعر الأشقر القصير و العيون البنية الفتاكة ..تتأمل رفيقتها بنفس الألم ..لم لا و قد طعنت بنفس الطعنة ..و تجرعت من نفس الكأس ..
رنا تنهدت بألم : كفاك هما يا لميس ..
لن نستطيع أخذ ثأرنا و قلوبنا معلقة بالماضي الخادع .. ألم نتفق على اقتلاع حبهم من قلوبنا ..ألم نتعاهد على تجريعهم من كأس الردى نفسها التي جعلونا نعاني من مرارتها ..اغمضت لميس عيونها بألم لتردف : أحببته بكل جوارحي يا رنا ..فعلت كل شيء لأسعده..كم مرة جئت على نفسي و أهنتها لأجله كم ..
تنهدت بهم ..و ابتسمت بمرارة :و في المقابل يأتي هو و الآخرون ليرمونا عند أول مشكلة ..عند أول اختبار ..
رفعت عيونها لرنا الواقفة حذوها تتأملها و دمعة معلقة بعيونها ..
لميس بهمس متألم : ألهذه الدرجة كنت عمياء ها ..لهذه الدرجة هنت عليه ليرميني بعز الليل منتصف الشارع معكن ..أنا و انت و فادية و دينا ..أخبريني بالله عليك يا رنا لماذا ..لما لم نلحظ الجانب المظلم منهم منذ البداية ..أين ..أين كانت هذه القسوة ..أين وعده بأن ينسيني مأساتي و يتمي ..
ابتسمت بسخرية و ضحكت بمرارة كبيرة : كلااا بل لم يقصر لا هو و لا أبناء عمه ..استغلو كوننا أيتاما لا ظهر و لا سند لنا ..
أغمضت عينيها بحزن لتسقط دمعتان على خديها ..
رنا في نفسها بألم : لا يمكنني نسيان نظرة الاتهام التي وجهوها لنا يومها ، رمونا في الشارع منتصف الليل بلا رحمة..ألهذه الدرجة لم أستطع رؤية قلبك القاسي ..
تنهدت بكبت ..و جلست جوار لميس ..
دخلت فادية و دينا .. برغم سماعهما لكل كلمات لميس المتألمة ..إلا أن دينا بخفة دمها المعتادة تحاول دائما عكس الأمور لتهون قليلا ..
دينا بصدمة مصطنعة : بناااات ..النجدة غرفتي تحترق ..
ألقت عليها لميس نظرة غبية : ماذا
دينا بضحكة : لا شيء ..
نظرن لها قليلا ..فجأة انفجرن ضاحكات عليها ..تلك هي دينا ..بشعرها الأسود الليلي اللامع ..مع عيون بنفسجية واسعة بوجه ناصع البياض ..جميلة حد الفتنة .
..بروحها المرحة التي لم يستطع مراد محوها رغم شكه بها ..
ذاك الذنب الذي كان كالوشم الذي طبع على قلبها ..
أطرقت لميس رأسها أرضا ..نعم خسرته ..لا بل هو من خسرها ..لكن لا تزال بنات عمها معها ..و هاذا أغلى كنز خرجت به من حياتها البائسة ..
تأملتهن طويلا و هن يتمازحن بمرح ..لكن على من يضحكن ..لن تخدع تلك البسمة المزيفة لميس أبدا ..لا تزال ترى الألم الذي تخفينه ببراعة ..
همست لنفسها بجرح كبير : أنت الوحيد الذي لم أستطع قراءة قسوتك خلف حبك ..و هاذا كان ذنبي الوحيد ..
ثم رفعت صوتها لهن و تكلمت بهدوء : حسنا ..أعلم أنكن تتألمن مثلي ..فنحن الأربعة عانينا الألم نفسه ..ألم الخيانة و مرارة الشك من أزواجنا ..
رفعت رأسها لهن لتردف بتصميم مخيف : الشيء الوحيد الذي أنا شاكرة لهم عليه ..هو أننا لم نتزوج إلا على الورق معهم .. لذلك.. سنسترجع حقنا ..و لو بالقوة ..
ابتسمت فادية بهدوء ..فادية بعينيها الرماديتين ..و شعرها الكستنائي المائل للشقار ..و قلبها المتجمد البارد ..الذي مات منذ شك حبيبها بها ..
أنت تقرأ
عشق... أم كره و انتقام بقلم زينب رابح
Short Story أحبته بجنون ..عشقته حد النخاع ..ليصدمها هو بشكه فيها و يرميها خارج حصون قلبه و حياته غير آبه لتوسلاتها ..لم يساعدها أحد كما أمر هو فمن ذا الذي يجرأ على تحدي "الإمبراطور" .. فهو من ترتجف لحضوره أقوى القلوب ..حينها ..أقسمت على اقتلاع عشقه من قلبها و...