الفصل التاسع الجزء الأول "قبل أن نفترق"

5.8K 180 13
                                    


الفصل التاسع و قبل الأخير " قبل أن نفترق ! "
الجميع يتهامس بحذر علي بعضهم البعض .. وجميعهم محقون !
لا أحد سيشعر بك سوى نفسك .. هي التي ستبقى معك في أوقات حُزنك قبل سعادتك .. لا تشكو لأحد سواك ولا تسأل إلا عن نفسك
فحزنك لنفسك .. وابتسامتك للجميع !
..........
دوت صفعة قوية علي وجهها لدرجة أنها مالت للجانب المُقابل ، لكن ما ألمها ليست الصفعة المدوية التي تسببت باحمرار وجنتيها البيضاوتين .. بل من قام بصفعها !
نظرت لوالدها بدموع وأطرقت برأسها أرضاً مُنتظرة توبيخه بعد صمتٍ ران بعد الصفعة ..
جاء يفوز ليكون شاهداً علي الصفعة هو الأخر لكنه لم يستطع أن يُدافع عنها تلك المرة كما حدث في بيت مريم .. غضبَ عندما رأى حالتها وهي تقبع أمام والدها وأخيراً تدخلَ متحدثاً بلهفة حينما بدأت دموعها تأخذ مجري لوجنتيها
"عمي .. بالراحة عليها ، مش بالطريقة دي "
نظرَ له باسم شزراً ثم وجه حديثه الحاد إليه كونه شريك بالجريمة الشنيعة من وجهة نظره ، والتي سيدفع الإثنين ثمن تهورهما الغير محسوب
"أهلاً .. أهلاً ، الأستاذ شرف هو كمان ، تعالى يا سعادة البيه يا اللي فضحتني هناك وقولت كلام على لساني مقلتوش وصغرتني قدام الناس "
وقفَ يافوز بجانب زهراء وهمسَ لها قبل أن يأخذ نصيبه هو الأخر من التوبيخ
"متخافيش كل حاجة هتتصلح"
استمعَ إلي باسم بخجل هو الأخر ولكنه حاول الكلام والدفاع عن نفسه لكن باسم قاطعه بصرامه وهو يهم بالصعود آخذًا زهراء معه
"مش عايز كلام كتير .. زي النهاردة الأسبوع الجاي هنعلن الخطوبة عشان الناس تبطل كلام.. لأنك زي منت عارف يا بشمهندس محدش بيرحم حد"
ثم رمقه بحدة قبل أن يصعد تاركاً إياه متخبط بمشاعره .. فلم يرد أن يكون أمر ارتباطه بتلك الطريقة التي ليس لها سوى مُسمى واحدٍ فقط ... فضيحة !
وقفَ بمدخل عمارتهم يبعثر شعره ، حانقًا على آلَ الأمر إليه من سوء .
سارَ إلي منزله وفي ذهنه العديد من الأفكار ..أكثرهم ضجيجاً وشراسة والتي تكاد تفتك بعقله تلك اللحظة المتوقف عندها الزمن حينما لمحها تقف في الشرفة تبكي .. منذ ذلك الحدث وصورتها لا تُفارق لُبه .. أصبحَ لديه شعور ناضج ناحيتها مؤرقاً ليله ونهاره إذا استمعَ إلي حديثها صُدفةً مع أخته أو تراءت إليه صورتها في أي وقت !!
قُدمت له الفرصة علي طبقٍ من ذهب حينما صرحَ أنهما مخطوبان ..
هل كان لإنقاذها أم أن الأمر لمسَ قلبه فأراد انتهاز الفرصة !!
...............
صدحَ رنين هاتفها الجديد الذي قام فهد بابتياعه لها برقم بسمة الممرضة ، التقطه بعدما جففت أصابعها المبتلة في المنشفة كما تعلمت من هيام وأجابت بحبور
"ألو يا سمسم .. إزيك ع ..."
قُطع حديثها بينما أخذت تستمع للطرف الأخر بملامح مصدومة ما إن لبثت حتي تجعدت وصارت مُنكمشة عن ذي قبل !
انسلَ الهاتف من بين يديها حتى ارتطمَ بالأرض بينما هي تنظر لنقطة ما في الفراغ بإحساس مُبهم ما بين الظُلم ... والانتقام والذُل .. وأكثر ما اعتراها تلك اللحظ هي مشاعر القهر الممزوجة بالخوف !
أخيراً انتبهت علي حالها وأطلقت صرخة مدوية جاء علي إثرها فهد وهيام لتصيبهم الدهشة فور أن وجدوها تجلس أرضاً وتبكي بشدة بينما تلطم صدرها وتخمش وجهها بقسوة
سرعان ما مالت هيام عليها تحتضنها بخوف تتحدث بكلمات تطمئنها وتربت على رأسها بينما هي مازالت تبكي بقهر ...
شخصت عيناها في الفراغ وتجمدت لوهله لتتحدث بخواء داخلها
"أبويا قتل أمي ... خد الفلوس ومنع عنها الدوا .. أبويا قتل أمي "
نظر إليها بانشداه يُترجم حديثها المكلوم بعقله ..إلي أي تهلكه كان سيُلقي بها نفسه !!
هل يتحكم القلب في العيون أيضاً لدرجة أنه يعمى عن كل شيء غير شريكه الأخر
التقت العيون في لقاء ٍ طويل مُحمل بالتوسل والخذلان .. العين بالعين والقلب بالقلب والبادئ بالخذلان هو الظالم !
أجلستها هيام على مقعد الطاولة التي تتوسط المطبخ وأخذت تمسح علي شعرها بحنان مُشفق .. وتتحدث إليها بهدوء
"مين قالك كده يا حبيبتي .. ما يمكن حد بيكدب عليكِ"
هزت رأسها بالنفي تعصر عينيها لتندفع الدموع تباعاً تحفر أخاديد القهر والخذلان علي وجنتيها وأردفت ببحة
"بسمة هي اللي قالتلتي .. أأأه يا أمااا أأأه "
كان هذا أخر ما نطقت به ليغشى عليها في أحضان هيام التي صرخت باندفاع حتى أتي فهد علي صوتها لتصيبه الصدمة فور رؤيتها مغشياً عليها حملها برفق حتى وصلا لسيارته ومن ثم المشفى ..
لأجلك أنت !
تستحق حياة أفضل ..
.....
جلسَ وحده بغرفته وملاذه الدائم يسترجع ذكريات خمس أيامٍ مضت بعد أن اُصيبت هي بالإغماء ونُقلت للمشفى ...
فلاش باك
خرجَ الطبيب يُخبرهم بملامح فاترة أنها صدمة عصبية وستحتاج للراحة والغذاء خصوصاً أن جسدها لن يحتمل صدمة أخري لصغر سنها ويجب عليهم مراعاة غذائها جيداً
تنهدَ مُستنداً علي جدار أروقة المشفى بينما عينيه تطالعان باب الغرفة التي تقبع داخلها ... مشاعر مُتناقضة تولفت داخله ما بين حُبه الذي يظنه أعمى والشعور بالازدراء !!
حسمَ أمره أخيراً واتجه ناحيه غرفتها بعد كم هائل من المشاعر التي تضاربت داخله مُخبره إياه أنه لن يجد مثلها وأنها الوحيدة التي سلبت لُبه وأسكرته بنبيذ حُبها الطفولي الرقيق وبين الأخرى التي تُخبره أنها ليست المُناسبة لا سناً ولا حالة إجتماعية وما هي إلا حالة يُشفق عليها من باب الرحمة !
"ماما هبعتلك السواق توديها لأهلها تاخد العزا "
نظرت إليه من بين دموعها المُشفقة وهتفت بخفوت
" مش هتيجي معانا"
نطقَ هو بجمود
"لأ "
ثم ضيّقَ عيناه وتابع
"هو إنتِ هتروحي معاها ولا إيه .. كفاية يا ماما إحنا مش ضامنين الناس دي .."
زجرته بنظرتها المُعاتبة وهتفت بحنان دفين
"حرام أسيبها لوحدها دي خلاص بقت يتيمة أنا هروح معاها وهكلم باباك أقوله متشغلش بالك إنت "
هزَّ كتفيه بلا مُبالاه ثم أردفَ ببرود
"همشي أنا وهبعتلكوا السواق "
أماءت بخفوت ورحلَ هو غافلين عن زوج الأعين الذي يذرف الدموع ألماً وقهراً علي فقد حبيبين في يومٍ واحد .. أحدهما كان فرضاً محبوباً يضخ حناناً بلا مُقابل ، وأخرَ كان اختياراً خاطئاً لا يُفيده ندم !
..............
أنهى اتفاقه مع والدها بشأن العرس ثم بكل هدوء طلبها لتجلس معه قبل يوم عقد القران ..
جاءت على مضض تحمل صينيه الشاي وعقلها يصور لها أن تُلقيها بوجه ذلك المستفز القابع على الأريكة بأريحيه شديدة ينظر لها من رأسها لأخمص قدميها ويبتسم ابتسامة جانبية تزيد من وسامته وتجعل قلبها يخفق بقوة بين ضلوعها الساكنة ..
"اتفقوا ومش عايز فضايح"
أردفَ باسم موجهاً كلمته لزهراء التي أطرقت بوجهها أرضاً مُتأففه بضيق بينما تعلو نظرات النصر وجهه محاولاً سبر أغوارها
"هااا يا عروسة تحبي الفرح يبقى إمتي "
نظرت إليه ساخرة من برودها وفرحته التي تظنها زائفة بحنق ثم لوت شفتيها بضيق وأردفت وهي تُحرك عينيها بملل
"إنت بتكدب الكدبة وتصدقها ولا إيه؟؟ ... لا فوق اللي بتفكر فيه مش هيحصل "
وضعَ قدمه فوق الأخرى مُستمتعاً بضيقها الزائف واضطرابها أمامه ، يعلم من فرك يدها وترطيبها لشفتيها كل وهله أنها تحاول مداراة خجلها وارتباكها أمامه .. ليتحدث هو مستغلاً تلك النقطة لصالحه وببرود متناهي أردفَ
"وليه لأ .. إنتِ بتحبيني وأنا بحبك إيه المشكلة "
شهقة خافة إنسلت من شفتيها لتدير عينيها إليه وتنظر بانشداه وقلبها يقرع الطبول من ثقته التي تذبحها وتؤجج داخلها الإحساس بالعجز
"عمين قالك كده إنت بتحلم "
أجابَ هو بنفاذ صبر وهو يعتدل بجلسته حتي أصبحَ مواجهاً لها
"زهراء بلاش نلف وندور .. أنا وإنتِ فاهمين كويس بنتكلم عن إيه فياريت تساعديني"
وقفت وهي تقوم بإنهاء النقاش المُحتد بينهما وبرجفه تسري في أوصالها أردفت بثقة واهية
"بلا أساعدك بلا بتاع .. أسفة يا بشمهندس طلبك مرفوض ، وياريت حضرتك متجيش هنا تاني لأني مش هتجوزك "
................
الفصل التاسع (الجزء الثاني) "حتمًا تتلاقى الأقدار "

حتى لا تضطر لإعلان هزيمتها لجئت للكذب ،ولكن شاءت الأقدار أن تُفتضح برعشة يديها وتهدج شفتيها المبرومتين عقب إنتهاء كل جُملة خادعة تفوهت بها ..
لم يغفل هو عن اضطرابها وثقتها الواهية التي تزعمها ، أخفى تعبير وجهه بملامحه الجامدة ثم أردفَ بهدوء يعكس مكره وما يعتمل بصدره
"إممم وهتقولي إيه بقى للناس اللي المفروض مستنين كتب الكتاب "
امتقعَ وجهها حالما تذكرت عقد قرانها الذي من المُفترض أن يكون بعد أسبوع !!، تلك المرة لا تستطيع أن تفعل شيئاً فالأمر كله بين يدي والدها وهو لن يمرر فعله كتلك ! .. ، فضيحة أخرى وأحاديث النساء لا تنتهى بل تظل كعلكة تلوكها الأفواه حتى تأتي فضيحة أخرى تطمس الأولى .. والجميع يتحدث حقاً أو باطلاً
كان هو من تحدثَ حينما قطعَ شرودها وقد بدأ يستشف هو الأخر ما تُفكره ، فأجاب ببرود محاولاً استفزازها ليرد ثأره
"عـ العموم لو مش عايزة الجوازة تتم نبقى نتطلق بعد كتب الكتاب .. أو بعد الفرح بسنة إنتِ وشوقك بقى !!"
نظرت إليه بصدمة تحاول معرفة ما يدور بعقله لكن ملامحه الباردة لم تمكنها من سبر أغواره
تظل دائماً هي الخاسرة بحضرته ، وجوده يربكها .. ضحكته الجانبية الساخرة تجعل قلبها يدق بعنفوان كأنها في ماراثون .. وماراثون الحُب كان أقوي وأعتى من أن يكون الخاسر به يافوز !
ازدردت ريقها الذي كان كالعلقم .. ينخر في أحشائها بلا هوادة .. وبعد فترة وجيزة من الصمت بدأت عبراتها في الهطول وبعد أن كان الاضطراب قلقاً كان انتفاضة من البكاء
قطبَ حاجبيه بحيرة فتلك التي كانت تدّعي الصلابة منذ قليل أصبحت هشة كورقة سقطت من شجرة عتيدة في أيام الخريف العاتية ..
زفرَ بنفاذ صبر ثم اقترب منها بينما هي تذرف الدموع بصمت وتمسحهم بباطن يديها في منظر طفولي جعله يندم على التفوه بتلك الحماقة ..
ضمها برقة وهو يهمس لها بكلمات مُطمئنة حتي تهدأ ... كالطفلة الصغيرة أخذَ يهدهدها يخبرها أن حياتهما معاً ستكون ناجحة ... وهي لم تكن بحاجة لهذا
أخبرها أنه لن يحزنها مهما حدث .. وهى لم تكن بحاجة لهذا
يحدثها عن ليلة عمرهما التي ستكون وهمية ... وهى لم تكن بحاجة لهذا
أخبرها أنه يحبها .. وكانت بحاجة لسماعها منه !!
زادت من حده بكاءها ما إن همسَ لها بضالتها .. رغم أنه أخبرها منذ قليل .. إلا أن الشعور بها وهي بكنفه كان له ... شعور أخر !

منطقة الحب محظورة  " كاملة"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن