2

99 8 3
                                    

يَدْخُلُ للْغُرفَةٍ بِخُطُوَاتٍ مُتَعَجِلَةٍ مُرْتَدِيٍا بِزّتهُ السّوْداءَ المُزَينة بِرَبْطَةِ عُنُقٍ حَمْرَاءَ
يَجُولُ بِبَصَرِهِ فِي الْمَكَان بَاحِثًا عَنْ ضَالتِه
لَفَتَ إنٍتِبَاهَهُ تِلْكَ الضَحكَاتُ اللّذيذَة ،رَفَعَ بِعَسِليتَيهِ بُغْيَةَ إِكْمَالِ الصّوتِ بِصُورَتهِ فَقاَبلتْهُ تِلٍكَ الْخَصالَاتُ الذّهبيةُ المُنْسابةُ عَلى القُماشِ الأَحْمرِ الّذي يحْمي ظهْرَ مُرتَديَته منْ النَظَارَاتِ المُخْتَرِقة
"كَعَادَتِكَ، مُباَكرٌ جداً" لَفَتَ إنْتبَاههُ صوتُ والِدهِ المؤَنِبِ بِهُدوءٌ بَالِغْ
أَجابَهُ بِهُدوئِه المُعْتاد و قدْ تَخلّلَ الضِّيقُ نَبْرَتَهْ
"لَمْ أَنْتَبِهْ لِلْوَقْت "
قَاطَعَ حَديثَهُمَا الْقَصيرَ ذَلِكَ الصّوتُ المُريح " هَاقَدْ وَصَلَ أخِيراً مَالكُ الكَبيرْ"
إبْتَسَمَ لَهُ بِصِدْقٍ مُرَحِباً "زَيْن ، كَيْفَ حَالُكَ يَابُنىّ؟"
صَافَحَهُ بإِحْتِرامٍ " سَيّدْ وِيلْيَمزْ ، بِخَيْرٍ ، أُقَدّرُ سُؤَالَكْ ، أَعْتَذِرُ عَنْ تَأخّري "
"لَا بَأْسَ يَا بُنَى ، أُقَدّرُ تَعَبَكَ بِشِدة"
إِسْتَمرّ الْحَديثُ بينَ ثلاَثتِهِمَا فِيمَا يَخُصُ أَعْمَالَ الشّرِكَة الّتي يتَشارَكُونَهَا
جَذَبَ إنْتِبَاهَهُ مُرَاقَصَةُ أَخَاهُ لِلْحَمْرَاءِ ذَاتِ الشّعْرِ الذهَبِي
إِنْتَابَهُ الْفُضُول لِمَعْرِفَةِ صَاحِبَتِ الْجَاذِبيَةِ الْمَهولَة ، فَرُغْمَ عَدَمِ مَقْدِرَتِهِ لإِبْصَارِ مَلَامَحَهَا ، إلّاَ و أَنّهَا قَدْ جَذَبَتْ أَنْظَارَهُ بِطَريقَةٍ لَمْ يَسبِقْ لَهَا الحُدوثْ
لَمْ يُشَتّتْ إِنٍتِباهَهُ سِوَى تِلْكَ اليَدُ الّتي وُضِعَتْ عَلى كَتِفِهِ وَ كأْسُ النّبِيذِ الأَحْمَرِ الّذي إمْتدَى أَمَامَ وَجْهِهِ مُعَرْقِلاٍ مُحَاوَلاَتِهِ لِمَعْرِفَةِ الْحَمْرَاءْ.
إِلْتَفَ مُتَنَهِدا بِخَفةٍ بُغْيةِ مَعْرِفَةِ صَاحِبِ الْيَدْ
"لَا تَرْمُقٍني بِهَذِهِ النّظرَاتْ "
" أَيَجِبُ عَلَيكَ تَعْكِيرُ مزَاجِي أَينَمَا ذَهبتْ ؟"
"وَ كأَنّكَ لاَ تَفْعَلُ الِمثْلَ بِمِزَاجِي ،فِيمَا كُنْتَ شَارِداً؟"
"لاَ شئَ مُهِمْ ، بَعْضُ الأمُورِ الْجَانِبية"
جَالَ بِنَظَرِهِ فيِ الأَرْجَاءِ بَاحِثًا عَنْ رِفْقَتِهِ السّابِقَة
"لَقَدْ إنْصرِفوا عِنْدَمَا كُنْتَ شَارِداً"
سَأَلَهُ رَافِعاً حَاجِبَهُ فيِ تَعَجُبٍ فَاغِراً فَاهَهُ بِغْيَةَ السّؤَال، إلّا أنّه قَدْ أَعْرَضَ عنْ هذِه الْفِكرة موفراً على نَفْسِه صُدَاعَ الرّأْسِ الّذي قدْ يسَبِبُهُ صَديقُ طُفُولَتِه

                  ***********************

فِي الْجِهَةِ الأُخْرَى إبْتَسَمَ أَخَاهُ بِعَبَث " سَيِد وِيلْيَمَزْ ، تَعْلَمُ جَيداً أَنَنِي لَا يُمْكِنُني الإِستِغْنَاءَ عَنْ صَغيرَتك ، جِدْ لِنَفْسِكَ عُجوزًا تُراقِصُكْ يا رُوبِنْ، و إحْرِصْ أَنْ تَكُونَ فَاتِنَة " أنْهى كَلامَه بِنَبْرَةٍ لَعوبةٍ لٍيصْدَحَ إثْرُهَا صَوْتُ قَهْقَهة السّيدِ رُوبِنْ و إِبنَتُهُ الّتي قَامَتْ بِالتّخَلُصِ مِنْ يدَيّ مُرَاقصِهَا لِتُرَاقِصَ وَالِدَهاَ، أَمِيرَهَا الدّائِمْ
" يَبْدُوا أَنّكَ مَنْ سَيَبْحَثُ لِنَفْسِهِ عَنُ عَجُوزٍ فاَتِنَةٍ يا دِيلانْ"
رَفَعَ الأَخَرُ يَدَيْهِ بِدْرَامِيةٍ دَالةً عَلَى الإِسْتِسْلام " تَفُوزُ بِمُرَاقصَتهَا لأَنّهَا إبْنَتكْ،لَوْ كَانَتْ إِبْنَتي لَرَاقَصَتْني أَنَا " أنْهى كَلاَمَهُ بإِبْتِسَامَةٍ تاَرِكاً إِيّاهَا وَ والِدَهَا لِيَحْظَيَا بِلَحْظَتِهِمَا الْخَاصة
"كَيفَ هيِ عَلَاقَتِكِ معَ هذَا الفَتى ؟"
"كَسَابِقِ عَهْدِهَا "
"هَذَا الْفَتى جَيّدٌ بِطَريقَتِهِ الْخَاصة" أَضاَفَ وَالِدُهَا لتُهَمْهِمَ لهُ دَلِيلاً عَلى تَأْيدِيهَا الرّأي
ظَلّ يَنْظُرْ إِلَيْهَا بِنَظرَاتٍ تَحْمِلُ  أَسْمَى مَعَاني الْحُبْ
تَنَهَدا مُطأطأً برأْسهِ لتسْأَلَهُ إنْ كَانَ بِخَيْر
أَجَابَ سؤَالهَا بِسؤالٍ لاَ يَمُدّ لِوَضْعِهِمِ الرّاهِنِ بِأَيّ صِلَة
"أڤِي ، إنْ طَلَبْتُ مِنْكِ أمْراً ،أسَتَقُومِينَا بهِ؟"
ظَهَرتْ عَلاَمَاتُ التّعَجّبِ عَلى مَلاَمِحَهَا مُلْتَزِمةً الصّمٍتَ لِلَحَظَاتٍ قَبْلَ أَنْ تَتَدَارَكَ الْوَضْعَ و تُجِيبْ
"بِكُلِ تَأْكِيدْ ."
"عِدِينِي "
"أَبِي ما...." قَاطَعَهَا بِعُيُونٍ مُتَرجِيَةٍ و صَوْتٍ هَامِسْ
"فَقَطْ عِدِينِي"
أَجَابَتْ بِنَبْرَتٍ مُتَرَدّدةٍ " أَعِدُكْ"
"حسَناً ، ستَستَلِمِينَ إدَارةَ حِصّتي مِنَ الشرِكة " قاَلَهَا بِحَزْمٍ رَافِضاً النّظَرَ لِعَينَاهَا لِتَتسِع الأخِيرةُ بِذُهولُ
"ماَلّذي تَقُولهْ، لقَدْ تَنَاقَشْنَا في هَذاَ من الأمْرِ مِن ْ قَبْلْ ، لَقَدْ تَخَرّجت لتوّي منَ المُحاماةِ ، أُرِيدُ أنْ أُصبِحَ مُحامِية ، ماَ اللّعنة التّى......" قاطعَهَا وَالِدُهَا بِحَزْمٍ
"هَذَا الأَمْرُ قدْ حُسِم وَقمتِ بقطْعٍ وَعْدك قبل لَحَظَاتْ"
مَا أنْ أنْهى جُمْلَتَهُ حَتى خَرَجَتْ بِخُطُواتِ سَرِيعَةٍ تَارِكَةً الْمَنْزِلْ

******************************************

يَنْظُرُ لِسَاعةِ يَدِهِ بيْنَمَا يُثَرْثِرُ مَعَ شَقِيقِهِ و صَديقِه
"علَيّا الْعوْدةُ إلى الْبَيْت"
نَظرَا إلَيْهِ بِإِستنكَارْ
"لاَزَالَ الَوَقْتُ مُبَكِراً"
"لديّ أَشغَالٌ مُهِمَةٌ صَباَحاً ، أَحْتَاجُ للرَاحة"
أنْهَى حَديثَهُ مُغادِرا دُونَ أَنْ يَهْتَمّ لِرَدِهِمَا
خرَجَ مِنَ الْمَنْزِلِ الْفَخْمِ رَاكِباً سَيارته مُغَادِراً الْحَيْ ، لَفَتَ إِنْتِباَهَهُ تِلكَ الْخَصَلَاتُ الذّهبيةُ الّتى تُداعِبُ قِطْعَةَ القُمَاشِ الْحَمْرَاءْ
رَكَنَا سيّارَتَهُ عَلى جَانِبِ الطَريقِ لِيَلْحَقَ بِهَا لَعَلّهُ يُرْضيِ فُضُولَهُ بُرؤيةِ مَلَامِحهَا
مَا أَنْ أَصْبحَتْ تَفْصِلُهُ عَنْهَا بِضْعُ خَطَوَاتٍ حَتى عَبَثَتْ بأَنْفِهِ رائحةُ النبِيذ القَوية ، عقدَ حاجِبيه بِحيرَة ، و ماَ لبِثَ يَفْعَلْ حَتى إِلْتَقَطَتْ أُذُنيهِ صوَتَ شَهَقاَتِهَا الخَافِتة
أَدارَهاَ إليهِ بسرعَةٍ لِتتسِعَ عيْنيهِ بِذُهُولٍ لمَا رأَتْهُ منْ مَلاَمِحٍ مِثالِية.
نَظَرَتْ إِليهِ بِوَجْهٍ محْمرٍ فاَغِرةً فاهَهاَ بِغْيَةْ التّحَدُثُ لِيُقَاطِعَهَا بِذُهُول و خُدرْ
" هَلْ المَلائكةُ تَبْكيِ؟ " نَظَرَتْ إليهِ بإستغرَابٍ لِيُتمْتمَ بِخفُتٍ "مَا بِهَا الْحَمرَاءُ تَبْكي"
ما أنْ سَمِعَتْ كَلِماته حَتى عَاوَدتْ شَهَقاَتُهُ الْخُرُوج
فأحَاطَ وجْهَهَا بكَفّيهِ الْبَارِدينْ

***********************
رأيكم 🙄

أَحْمَرْREDحيث تعيش القصص. اكتشف الآن