تردد قبل مغادرة الغرفة وعندما نظرت حولي كان واقفاً مواجهاً لي مع نظرة كئيبة على وجهه المجعد قائلاً :
- أرجو أن تعذرني يا سيدي لكنني لم أتمالك نفسي من سماع ما قلته عن السيد الشاب غودفري على العشاء ، فأنت تعلم يا سيدي أن زوجتي كانت مربيته وكذلك يمكنني القول إنني أبوه بالتربية ، فمن الطبيعي أن نبدي اهتماماً، وأنت تقول إنه كان متماسكا على نحو جيد يا سيدي ؟.
- لم يكن هناك رجل أشجع منه في الفوج، فقد سحبني مرة من تحت رصاص بنادق البويريين وإلا ما كنت هنا الأن ربما.
فرك كبير الخدم العجوز يديه النحيلتين قائلاً :
- نعم يا سيدي نعم هذا هو السيد غودفري في كل النواحي، لقد كان شجاعاً دائماً، ولاتوجد شجرة في الحديقة إلا وتسلقها ، لا شيء يستطيع إيقافه، كان فتى رائعاً وآه يا سيدي وكان رجلاً رائعاً.
وثبت على قدَميّ
أنظر إلى هنا صحت مردفاً :
- تقول إنه كان، تتحدث كما لو أنه مات، ما كل هذا الغموض ما الذي حل بغودفري إمسوورث؟.
أمسكت الرجل العجوز من كتفه لكنه ارتد مبتعداً وتكلم قائلاً :
- لا أعرف ماذا تقصد يا سيدي، اسأل السيد عن السيد غودفري، إنه يعرف، وليس من شأني أن أتدخل .
كان يغادر الغرفة، لكنني أمسكت ذراعه.
اسمع قلت :
- ستجيب عن سؤال واحد قبل أن تغادر ولو اضطررت لامساكك طوال الليل، هل غودفري ميت؟.
لم يستطع أن يواجه عيني، كان مثل رجل منوم مغناطيسيا، فقد انسحب الجواب من بين
شفتيه، كان جواباً فظيعاً وغير متوقع فقد قال :
- أتمنى من الله لو كان كذلك!
صاح بذلك واندفع خارج الغرفة ساحباً نفسه ليتحرر مني ستعتقد يا سيد هولمز أنني عدت إلى كرسي في حالة ذهنية غير سعيدة أبدا، فقد بدت
كلمات الرجل العجوز لي أنها تحمل تفسيراً واحداً فقط ، فمن الواضح أن صديقي المسكين
قد تورط في عملية إجرامية ما أو على الأقل في عملية مخزية مست شرف العائلة، وقد قام ذلك
الرجل العجوز الصارم بإرسال ولده بعيداً وإخفائه عن العالم خشية أن تخرج فضيحة ما إلى
النور، كان غودفري شخصاً متهوراً، وكان سريع التأثر بمن حوله، ولا ريب أنه قد وقع بين أيدٍ
شريرة وضُلل إلى دماره، كان عملاً مثيراً للشفقة - إن كان كذلك حقاً - لكن حتى في هذه
الحالة كان من واجبي أن أقتفي أثره وأن أرى إن كان بإمكاني مساعدته. كنت أتأمل في
المسألة بقلق عندما نظرت إلى الأعلى وهناك كان غودفري إمسوورث واقفا قبالتي
توقف زبوني كمن غاص في عاطفة عميقة.
- أرجوك تابع
قلت
- فمُشكلتك تُظهر بعض السمات شديدة الغرابة.
- كان خارج النافذة يا سيد هولمز ووجهه منضغط على الزجاج. لقد اخبرتك إنني نظرت
إلى الخارج في الليل، وعندما فعلت ذلك تركت الستائر مفتوحة جزئيا . كانت هيئته مؤطرة في
هذه الفتحة، كانت النافذة ممتدة حتى الأرض واستطعت أن أرى طوله كاملا
ما أستدعى تحديقى، فقد كان شاحبا كالأموات ولم أرى في حياتي قط رجلاً بهذا البياض
أظن أن الأشباح قد تبدو هكذا لكن عينيه التقتا بعيني وكانتا عيني رجل حي
قفز إلى الخلف عندما رأى أنني كنت أنظر إليه واختفى في الظلام .
أنت تقرأ
الجندي المتبيض '' THE BlANCHED SOLDIER ''
Misterio / Suspensoإحدى روايات شارلوك هولمز للمؤلف آرثر كونان دويل وهي من قسم مذكرات شارلوك هولمز