الفصل الأول:البلدَة.

6.6K 438 308
                                    










..يحدُث أن ينحلّ المرء من شغفهِ و أحلامه, و أن تتبخّر أمانِيه صوب عينيّه, يحدُث أن يُفقد المعنى من كُل الأشياء حولِه..

لطالما يحدُث.


__



ريڤيري:


استعدت وعيي على صوت نضوح عجلات العربة, فتحت عيناي لتقابلا ذات السواد الذي أغلقتهما عليه قبل بضع ساعات، شعرتُ بيدين غليظتين تلتف حول ذراعايّ المقيدان ببعضهما البعض يجُراني لخارج العربة، انتزع أحد الرجال الثلات القناع من رأسي بينما حلّ الآخر وثاق ذراعايّ—كان الثالث بمقعد القيادة.

دفعاني الرجلان للخلف لأتعثر بالرصيف ساقطة، ذلك قبل أن يركبا العربة و يهم ثلاثتهم بالرحيل سريعًا و الاختفاء عن أنظاري دون أثر.

كان هذا بغيضًا.

تمتمتُ ببعض اللعنات بينما استعيد توازني ماسحةٌ الأرجاء بعينايّ في محاولةٌ بائسة من قبلي لاستيعاب ما قد ورطتني بهِ ليديا.
اتجّهت نحو المنزل الذي يفترض علي المكُوثِ به، كان مُهترئًا صغيرًا نسبةً للمنازل المجاورة.
تحسستُ جيبي أُخرج المفتاح الصَّدِئ لأدسهُ بالباب الخشبي في عدة محاولات لفتحه حتى نجح الأمر أخيرًا، دفعتُ الباب بيدي ليطلق صريرًا مزعجًا بينما أدلف للداخل.

لم يختلف داخل هذا المنزل عن خارجه، بدا منزلًا قديمًا يعود أثاثه لأعوامٍ بعيدة، ورق الحائط لم ينجو من التقشر بينما الأسقف يتخللها التشققات و أرضيته الخشبيّة متآكلة.
قاطع استكشافي بضع طرقاتٍ متتالية على الباب، جعدتُ حاجبايّ بإستنكار متجهةً نحوه، فتحتُه بحذر لتقابلني هيئة فتاةٍ ما برداء ذو طراز لا يبدو مألوفًا لي تقف حذوي بإبتسامةٍ واسعة على وجهها.

" مرحبًا، آنسة ريڤِيري " رحبّت بلكنة ريفية..— مهلًا! " كيف تعرفين اسمي؟ " اندفعتُ حانقةً بوجهها لتسقط الابتسامة -و التي أجدها مزعجة بالمناسبة- عن وجهها.
" أنا ليزا، والدي كان على معرفة بالسيدة ليديا و.. " لم أبه بالاستماع لما قد تقوله بعد ذكرها لهذا الاسم البغيض..ليديا.
لازالت ترتعش أوصالي بمجرد وقوعه على مسامعي.

" آنسة ريڤِيري، هل من خطب؟ " قاطعت شرودي.
" ريڤْيري.. انه ريڤْيري " صححتُها بنفاذ صبر لتومأ بتفهم، كادت ان تثرثر قبل أن أقاطعها " انظري أيًا يكن ما قد أتيتي لأجله أنا لستُ بحاجةٍ إليه، يمكنكِ الذهاب " كدتُ على إغلاق الباب، " مهلًا!، هناك ما يجب عليّ إخبارك به أولًا " صدح صوتها لأقلب عينايّ بحنق، ازلقتُ مقبض الباب بينما اتمتم " أيًا يكُن " اندفعت لغرفة المعيشة لتتبعني إلى الداخل.

مُـحرَّم .حيث تعيش القصص. اكتشف الآن