33

11.6K 370 15
                                    

في عقار مكون من شقتین... كان عیسي قد انتقل الیھ
ّ مع ابنتھ حبیبة و نواره وصغیرتھا.. ّ لم تعارض نواره
ُ انتقالھا و استقرارھا معھم فلم تنجب صبي لـیتحمل
تلطمھا و تحتمي ھي بھ... انجبت فتاة فباتت نقطة
ضعف اكثر من ان تكون ظھر و سند لھا.. لم یختلف
... فبرغم انھ قد صار لھا ً وضعھا كثیرا في البیت الجدید
مساحتھا الخاصة و شقة لھا مع ابنتھا.... إلا انھا كانت
تتولي مسؤولیة الشقتین شقتھا و شقة عیسي... كانت
ُ ُ ُ تنظفھا و تعد الطعام و تعتني بحبیبة و تحفظھا القرآن و
.. كانت حبیبة ُ تتابعھا و ھي تذاكر في غیاب والدھا
ّ تمكث مع نواره منذ عودتھا من المدرسة حتي یعود
ّ والدھا فیكون لھا الخیار اما ان تظل مع نواره او تصعد
معھ .. ّ كبُرت نواره الصغیرة في كنفر عيسي
ورعایتھ.. تنادیھ ب بابا عیسي..... فقد تكفل بها كليا....
صارت كحبیبة تماما فھو یأتي لھا بالثیاب و الالعاب و
یُخصص لھا وقت تقضیھ معھ یداعبھا و یدللھا و
یعوض معھا ما حُرم منھ مع ابنتھ حبیبة...لم یُكن یُعكر
صفو حیاتھم شيء.. حبیبة قد اتمت حفظ القرآن محققھ
نتائج دراسیة جیده... ّ و كذلك نواره الصغیره التحقت
ً .. كانت اختا ً بالمدرسة وتولت حبیبة رعایتھا دراسیا
كبرى لھا ... تعتني بھا مع انشغال امھا بشغل البیت و
عدم قدرتھا علي مساعدتھا في المذاكره لانھا لم تكن قد
اخذت اي قدر من التعلیم... كانت حبیبة تؤدي دورھا
علي اكمل وجھ بحب و تفاني... و تمر الایام لتلتحق
حبیبة بكلیة الطب كأباھا و تتخرج منھا و قد ورثت
موھبتھ و شھرتھ.. ّ و تلتحق نواره بالثانویة العامة و
تتولي حبیبة كل شئونھا لتساعدھا في الالتحاق بكلیة
الطب.. ّ كانت نواره متفوقة و یتنبأ الجمیع ان تلتحق
بكلیة الطب.. بعد ان حققت مركز متقدم في المرحلة
الاولي في الثانویة العامة ..اقتربت امتحانات الثانویة
العامة.. . ّ لكن حبیبة لم تعد تأتي لتساعد نواره كما
تعودت... كانت تعود من ّ عملھا فتطمئن علي نواره الام
و تصعد لشقتھا.. ّ لاحظت نواره تغیر حبیبة فسألت
ً ابنتھا فتھربت من الاجابة... لاحظ عیسي أیضا تغیر
حبیبة و الحزن الذي ارتسم على وجھھا.. حاول ان
یعرف لكنھا تھربت... ّ كان متیقن ان الجواب عند نواره
فأن لم تكن نواره الام فستكون نواره الابنھ.. . استغل
عیسي تغیب ابنتھ حبیبة في جامعتھا فقد التحقت بسلك
التدریس بھا بعد تخرجھا بتفوق... فیما ھو قد قرر
التقاعد من التدریس و اكتفي بالاشراف علي رسائل
ّ الدكتوراه و الدرسات العُلیا لیستدعي نواره و یفھم منھا
.. اتصل بھا علي ھاتفھا المحمول الذي اھداه لھا بعد
نجاحھا في الثانویة العامة..
عیسي في الھاتف : ایوه یا نور.. تعالي عاوزك بعد ما
تخلصي مذاكرتك
ّنواره الابنة : حاضر یا بابا باذن الله ھاجي لحضرتك
ً حالا
ابتسم عیسي لسرعة استجابتھا و اعتدل في جلستھ
ینتظرھا.. كان عیسي في غرفة مكتبھ بشقتھ حین شعر
بخطوات في الصالة... ّ كانت نواره معھا مفاتیح للشقة
لتدخل في اي وقت... سمع طرقات الباب.. نادھا
ُ لتدخل... فتح الباب فدخلت فتاة في رداء اسود و
خمار ابیض یصل إلى ركبتھا.. تبدو في خمارھا
... ّ كانت نواره ُ الأبیض كملاك تحیطھ ھالھ من النور
.... ً ا عیناھا الزرقاوتان تشبھ امھا كثیرا فیما عاد
ِ بشرتھا سمراء بأحمرار یبرز جمال لونھا و شفاھا
منتفخة كحبة فرولھ بضھ و حاجباھا كأنما قد رسمتھما
ریشة فنان.. ... وجھھا یشع منھ نور من اثر الوضوء و
حلاوة قلبھا الذي حملت فیھ القرآن قبل اعوام.. ابتسم
لرؤیتھا... كانت تنظر في حیاء للارض.. دعاھا
لتقترب و تجلس.. مشت خطوات للداخل و وقفت...
باتت حریصة ألا یجمعھم مكان وحدھما... برغم انھ ھو
من رباھا الا انھ سیظل غریب و لا یجوز ان یختلي
بھا.. كانت تترك باب الشقة مفتوح و كذا باب الغرفة...
كان عیسي یحزن لفعلتھا لكنھ الآن قد تعود و شعر
ً بالفخر... ھي لا تستبدل بأیات الله ثمنا قلیلا و لا تخاف
في الله لومة لائم... لم یشعر قط انھ صاحب فضل
ً علیھم بل یحس دوما انھ فقط یحاول رد جمیل امھا
علیھ.... و لیتھ یستطیع ... لم یكن لیرى حبیبة قدوة و
مثل یحتذي بھ و یُضرب بھ في الأدب و الاخلاق و
التدین لولاھا... حتي ھو لم یعرف طریق الاستقامة و
الالتزام لولاھا.. ّ كان قد سرح في ذكریاتھ مع نواره و
كیف كان یرید ان یتخلص منھا قبل أن تسرق ابنتھ....
ابتسم رغم عنھ لتلك الذكرى.. ّ انتبھ لصوت نواره
ّنواره : حضرتك كنت عاوز حاجة مني
عیسي : ِ انت مزعلة حبیبة لیھ یا نور
ّنواره و قد رفعت بصرھا نحو عیسي قالت بأضطراب:
انا معملتش حاجة..
عیسي قاطعھا مبتسما : یعني متعرفیش ھي زعلانھ لیھ
اعادت نواره بصرھا للارض و تنھدت في حزن...
اختفت الابتسامة من على وجھ عیسي و شعر بالقلق..
ظل یتفحص وجھھا حین رأى عبرة تسقط من عینھا
فدوى صداھا بقلبھ.. اقشعر بدنھ لا یحتمل ان یرى
دموعھا.. نھض من مكانھ.. كان یحرص ألا یُزعجھا
بلمساتھ و ان كانت بریئة.. مشى نحوھا بحذر.. شعرت
بھ ف رفعت بصرھا.. ابتسم لھا بحزن.. اجھشت ف
البكاء.. لم یحتمل..
عیسي بصوت باكي : متعیطیش یا نور و فھمیني في
ایھ
نور باكیة : انا السبب........
ّ قالتھا نواره و اجھشت في البكاء.. كان قلب عیسي
منفطر لرؤیة دموعھا.. لم یحتمل امسك بھاتفھ و طلب
رقم حبیبة
عیسي بأنفعال : تعالي یا حبیبة دلوقتي.. سیبي اي حاجة
و تعالي
ّ ظلت نواره تبكي و عیون عیسي تتابعھا و قلبة یتمزق
علیھا... مر الوقت و لازالت مكانھا.. كان عیسي قد
جلس واضعا رأسھ بین كفیه.... لا  یدري ما الذي یستحق
كل تلك الدموع من نواره و الحزن الذي ارتسم علي
وجھھ حبیبة.. انتبھ علي خطوات بالخارج.. اتي بعدھا
صوت ابنتھ.. كانت حبیبة قد وصلت و وجدت الباب
مفتوح فدلفت للداخل.. ّ وقع بصرھا علي نواره و ھي
تبكي في غرفة المكتب.. اسرعت نحوھا تحتضنھا و
كأن شيء لم یكن.. ّ توارت نواره في حضن حبیبة تبكي
و تعتذر و ھي تھدئھا.. ً كان عیسي مشدوھا مما یرى..
ّ ھدأت نواره فأبعدتھا حبیبة عن حضنھا و مسحت
دموعھا بیدھا و ربتت علي ظھرھا.. التفتت لابوھا
الذي تعلق بصره بھما... كانتا یقفان بجانب بعضھما
فبدتا كأنھما توأمتان رغم فارق السن و الملامح... كانت
ّ حبیبة ترتدي مثل نواره.. جلباب اسود و خمار یصل
لركبتھا... لا تضع اي مساحیق تجمیل فظلت محتفظھ
ببراءة ملامحھا..
ّ حبیبة و ھي تضم نواره : ایوه یا بابا حضرتك كنت
عاوزني
عیسي بغضب مصطنع : انتم عاوزین تجننوني
حبیبة بصدمة : لیھ ایھ اللي حصل.. ھي نو عملت
حاجة
عیسي مُغتاظا : نو انت ضیعتي ملامح الاسم خالص

ّ انفجرت حبیبة و نواره في الضحك
حبیبة ضاحكھ : یوووه یا بابا ھو انت مش ھتبطل
تعایرني اني مش بنطق حرف الره
قالتھا حبیبة بطریقتھا التي تغیب عنھا حرف الراء فزاد
ّ ضحك نواره.. مضت دقائق ارتسمت فیھا الابتسامة
علي وجھ عیسي لرؤیة ابنتاه بخیر..
: افھم بقھ ً عیسي مبتسما و ھو ینقل بصره بین الفتاتان
في ایھ..
ّ نظرت نواره لحبیبة و قالت : انا زعلت حبیبة و
ھصالحھا
: انا عاوز افھم كل حاجة ً عیسي مقاطعا
ّنواره : انا حولت من علمي علوم لعلمي ریاضھ... انا
عاوزه ادخل كلیھ الھندسة بصراحھ بس مقدرشي علي
زعل حبیبة من بكره ھرجع علمي علوم..
ّ قالت نواره كلمتھا و قربت وجھھا من حبیبة و طبعت
.. ُقبلة علي وجنتھا فأبتسمت حبیبة و بادلتھا قبلتھا بحب
: انتم عاوزین تجننوني صح ً عیسي غاضبا
الاثنان معا بدھشة : لیھ
عیسي بأنفعال : انت یا نور عاوزه تدخلي ھندسھ ایھ
اللي یزعل حبیبة في كده... ده حلمك و مینفعشي تتخلي
عنھ ثم انت یا دكتوره حبیبة ایھ یزعلك ان اختك تحقق
حلمھا
حبیبة بتلعثم : یا بابا دي جایبھ %99یعني
: یعني تستحق تحقق حلمھا مادام مجتھدة ً عیسي مقاطعا
یا حبیبة
ّ نظرت حبیبة للأرض فلمحتھا نواره فحزنت لحزنھا
قالت بسرعھ : بس حبیبة عندھا حق یعني انا مینفعشي
اضیع مجموع زي ده
عیسي بعصبیة : انت ھتضیعیھ لو دخلتي كلیھ مش
عاوزاھا
ّ حبیبة و قد رفعت بصرھا نحو نواره : بابا عنده حق یا
نو انا كنت خایفھ علیكي بس و نفسي تكون احسن
واحده
عیسي بحب : عارف و ھي عارفھ كده صح یا نور
ّ كان رد نواره ان احتضنت حبیبة بشدة و بكت الفتاتان
ً بفرحة و سقطت دموع عیسي تأثرا
عیسي بغضب مصطنع : یلا من ھنا انت وھیھ مش
عاوز دوشة
ّ حبیبة و ھي تأخذ نواره بیدھا : تعالي یا نور نھرب قبل
ما یتھور
ّ كانت جملة حبیبة مشبعھ بحرف الراء فأنفجرت نواره و
عیسي في الضحك و شاركتھم حبیبة
حبیبة بمرح : ماشي اضحكو اضحكوا
..............

💕🙈🙈🙈🙈 خلص البارت

جعلتنى ملتزما " مكتملة "حيث تعيش القصص. اكتشف الآن