الفصل الثامن عشر!

4K 157 6
                                    

الأنتظار! هو حالة شديدة القسوة على نفس من يترقب حدثًا ما يُثلج صدره، ويُحي دقات قلبه المتباطئة وكأنه يحتضر بغياب عزيز لديه .. هو قطعة من العذاب.. لقادم تجهل كل تفاصيله وتخافه، وتتسائل بأي كفة سترسوا؟
كيف ستكون طبيعة القرار المنتظر ؟ شقاء أم سعادة؟ لا تدري حسناء إلى متى ستنتظر عودته وعفوه عنها.. ولا تملك خيارًا سوى المكوث متضرعة على عتبة باب الرحمن تدعوا بإلحاح أن تصفوا القلوب مرة أخرى بينها وبينه!
قررت أخيرًا العودة لمنزل غسان، حتى إذا ما قرر أن يأتي إليها يجدها هناك، بمملكتهما الصغيرة..!

ورغم ما تحمله من هم وحزن، أبتسمت وهي تربت على بطنها المنتفخ بحنان، داعية من الله حين يُولد طفلها بسلام، يكون سببًا بعودة الأمور گسابق عهدها..!. اتسعت ابتسامتها حين تذكرت فرحة كريم بعد علمه أنه سيرزق بأخٍ ثاني، فهذا ما علمته عندما زارت طبيبتها، وكم تمنت وجوده معها ومشاركته تلك اللحظة.. لكنها ستظل تلوم ذاتها بأخر الأمر، فلولا ما فعلت، لكانت تنعم الآن برعايته وحنانه وفرحته .. لكن لعله خير.. هي حسنة الظن بخالقها، أن القادم سيكون افضل!
______________________

بعد أداء صلاتها الأولى خلف زوجها فارس، الذي كان إمامها، وصوته العذب يرتل الدعوات لهما سويًا.. وكم تفاجأت بإتقانه الدعاء بشكل يوحي أنه لا يفتقر ابدا في نشأته، بترسيخ حيز لا بأس به من الجانب الديني بطريقةٍ ما..!
ورغم مرور مايقرب من الخمسة ليال على زواجهما، وزوال الكثير من خجلها الفطري أمامه، إلا أنها الآن جالسة على طرف فراشها تفرك أصابعها بتوتر وقلق، والكثير من الأقاويل تتدفق لعقلها عن الليلة الأولى!
تْرى! ماذا سيحدث، كيف عليها التصرف بالظبط؟ لا تعلم أي شيء، وخجلت هي في الأساس أن تستفسر من أحدهم.. كم افتقدت وجود والدتها بشيء كهذا..!

_ سمورة! إيه مالك؟ بقالك شوية قاعدة بإسدال الصلاة، أحنا خلصنا صلاة على فكرة!

تمتمت ببعض التيه: هاااا... أه.. فعلا خلصنا، طب أروح احضرلك العشا.. وحاولت الهرب، فالتقط طرف ثوبها وجذبها إليه وهو يهتف: انتي ناسية إننا في فندق واي حاجة بنطلبها لحد هنا..!
صمتت وهي تنظر بعيدا عنه، ووجنتاها يكادا يحترقا خجلا وتوترًا.. فتفحصها عن قرب بتسلية وتمتم وأصابعه تجول على وجهها تتلمسه برفق:
تعرفي ياسمر أول حاجة لفتت نظري ليكي اما شوفتك في النادي؟!

جذب انتباهها وشتتها عن توترها، فرفعت عيناها إليه منتظرة جوابه، فاستقبل نظرتها بأخرى تفيض عشقًا أسرها، فحررها من قيد خجلها وراحت تطالعه بحب مماثل، فتمتم بصوت خافت، ومازالت عيناه تأسرها:

جمالك كان مختلف عن أي جمال صادفته، حزين بس مبهر، نعومة ملامحك خلتني اتمنيت المسك.. عنيكي كان فيها مزيج غريب، حنان، وحدة، حزن، قلق.. انا كل ده شوفته في نظرتك..وكل مرة كنت بشوفك كنت بحس إنك بتتزرعي جوايا أكتر، وشعوري ناحيتك بيكبر بسرعة غريبة..!

الجرم الأكبر " كامل"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن