قضى المسيو《كابريني》برهة طويلة من ايام حياته سعيدا مغتبطآ بزوجه جميلة وثروة صالحه وخلق طيب شريف يحببه إلى الناس جميعا،ثم نكبة عظمى ذهبت بماله وبزوجته ،فبكاهما ما شاء الله ان يفعل ثم بلى حزنه كما تبلى جميع الاحزان في قلوب الناس ،ولم يجد من ان يعيش لأبنته "الين" ليتولى تربيتها واسعادها ،فألتحق بمصرف من المصارف الماليه بمرتب قليل ،ثم لم يزل يجد ويجتهد في خدمة العمل الذي وكل اليه حتى اصبح بعد مدة قصيره وكيلا لذلك المصرف ،فكان يعمل فيه سخابة نهار ثم يعود ليلا الى منزله فيرى ابنته منهوكه مضغطه لكثرة ما كانت تبذل من الجهد في خدمة المنزل ومناظر شوؤنه فرأى ان يتزوج ليخفف عنها بعض متاعبها ففعل ،وكان سئ الحظ في اختياره ،فتزوج من امرأه لا هم لها في الحياه سوى الترفيه وتدليل نفسها،والتقلب بين اعطاف شهواتها ولهواتها فلم ينتفع منها بشئ ،بل زادت همومه وآلامه واثقال عيشه،ولكن ماذا يعمل لقد وضعت السلة في عنقه وانتهى الامر،واصبحت ابنته بعد أن كانت سيدة بيتها ،واميرة نفسها،أسيرة في يد امرأة قاسية داهية تسومها انواع الخسف،والوان العذاب ،فكانت تحتمل ذلك كله بصبر ،وكانت تكتمه كتمانآ شديدآ ،ضنآ براحته وسكونه ،وكثيرآ ما كان يعود الى منزله في بعض لياليه حاملا بعض دفاتر المصرف ليتمم فيها لعمل الذي اعجله الوقت على اتمامه هناك، فيجلس الى مكتبه ساهرآ ليله مكبآ على عمله ،ذائدآ النوم في عينيه حتى يغلبه النوم فينام في مكانه والقلم معلق بين اصابعه في الساعه التي تكون فيها زوجته بين اصدقائها في بعض الملاعب او بعض الحانات الراقصه ،لاهيه عابثه بجميع الفضائل الإنسانيه ،فإذا استيقظت ابنته اثناء الليل ورأته على هذه الحاله مشت اليه برفق وهدوء ،وجلست على كرسي امامه واجتذبت اليها الدفتر الذي بين يديه واتمت فيه العمل ،ثم توقظه لينام في فراشه ،فيشكر لها يدها على معونتها ثم يسألها سؤال :الم تعد فلانه حتى الان؟،فتجيبه :لا ،فيذهب الى سريره حاملا بين جنبيه الهم والالم ما الله به عليم،فأنه جالس ذات يوم في غرفة مكتبه من المصرف إذا دعاه اليه مديره وأعطاه ورقه ماليه قيمتها 5000الاف فرنك ،ليودعها الى الخزينه ،ويسجلها في دفاتر المصرف،فتناولها منه وعاد بها الى غرفته ووضعها على مكتبه وتناول الدفتر ليقيدها ،فأمسك القلم ليسجلها حتى دخل عليه بواب المصرف وقال له أن فتاة واقفه امام الباب تسأل عنك وهي تكتم اسمها وتأبى الدخول الى هنا فأضطرب اضطرابآ شديدآ ومر بخاطره انها ابنته،وان حادثآ عظيمآ حدث بالمنزل دعاها إلى الحظور اليه ،فترك كل شئ في مكانه وخرج مسرعآ ليراها ،فإذا هي بعينها واقفه بجانب الجدار وقفة الحياء والخجل ،وإذا بيدها رساله من زوجته فأختطفه منها وقرأ فاذا هي تقول له فيه :انها تريد ان يرسل اليها في هذه الساعه 4الاف فرنك ،لتبتاع بها حليه جميله رأتها في بعض المحلات وانها إن فاتها ان تبتاعها اليوم فربما لا تجدها غدآ فانفرجت شفتاه عن ابتسامة الغيظ والالم واخذ ابنته ناحيه وقال لها'بلغيها اني لا املك هذا المبلغ اليوم ولا غدآ ولا استطيع العام كله ،ثم القى عليها نظرة غاضبه لحظورها في المصرف ولا يحب ذلك منها ،فأطرقت برأسها ولم تقل شيئا ،لأنها لا تسطيع ان تقول له ان زوجته هي الني ارغمتها على ذلك ،فتزيد همومه هما جديدا ،وعادت الى ادراجها ،،وكان بين عمال المصرف عامل سئ الاخلاق ،مازال منذ ان دخل للمصرف يرصد الغفله من وكيله ،عله يتوصل الى اختلاس شئ من المال ،فدخل غرفه الوكيل في اللحظه التي خرج ليقابل ابنته ليقدم اليه بعض الاوراق فلم يجده ،،ولمح الورقه الماليه التي تركها على مكتبه ،فحدثته نفسه بإختلاسها ،،فدار بنظرة هنا وهنا ثم وضعها في جيبه ،،وخرج متسللآ لم يشعر بدخوله احد ولا بخروجه وماهي إلا حتى عاد المسيو "كابريني"وفي يده الورقه التي ارسلته لها زوجته فمزقه والقى به في السله ،ثم القى نظره على المكتب فلم يرى الورقه الماليه حيث تركها ،،فذعر ذعرآ شديدآ ،واخذ يفتش عليها في كل مكان فلم يجدها ،،فزاد حزنه وهمه ،واخذ يسأل العمال والخدم عمن دخل غرفته في غيابه فلم يعترف له بذلك احد ،،فظل يصرخ صرخات عظمى تقيم المصرف وتقعده،فسمع المدير صرخاته وحضر ليرى ماذا حدث ،،فافضى اليه الرجل بالقصه ،كما هي لم يكتم منها شيئا الا انه لم يشأ ان يخبره بموضوع الرساله ،ضنا باسراره البيتيه ان يعلمها احد،غيره،فارتاب به الرجل ،وما كان يعتد عليه بسيئه قبل اليوم،ولا يعرف ان له ماضيا مريبا ،ولكنه يعلم انه رجل فقير مقل ،فتركه مكانه وخرج الى العمال يحادثهم في هذا الشأن عله يصل الى معرفة الحقيقه فأخبره البواب ان الفتاة التي حضرت اليه كانت تحمل في يدها ورقه وانه اخذها جانبآ واسر اليها حديثآ لم يسمع منه شيئا ،فزاد شكه وعاد الى اليه فوجده واقفا مذهولا يقلب كفيه،فلم يقول له شيئا ،واخذ يدور بعينيه في انحاء الغرفه ويقلب بيده الاوراق عله يعثر بتلك الورقه التي اخبرها بها البواب ،فلم يجده فألقى نظره في السله فرأى تلك المزق الصغيره فجمعها فإذ هي الكتاب الذي يريده ،فقرأه ثم ألقى على الرجل نظرة شزراء وقال له:اني أتهمك يا مسيو كابريني بأنك اختلست تلك الورقه وارسلتها الى زوجتك مع ابنتك لتبتاع بها الحليه الجميله التي اعجبتها فدهش الرجل دهشه عظيمه ،واخذ عليه انفاسه فصمت لحظه ،وبعد لاي ما استطاع ان يقوله له:نعم انها ارسلت الي هذا الكتاب ولكني لم ارسل لها شيئا ،بل رددتها ردآ قبيحآ لأنني رجل فقير لا املك هذا المبلغ ،ولأنني رجل شريف لا اختلسه ،ولم يصدقه المسيو لورين بدفاعه عن نفسه ولم يلبث ان يرفع أمره الى القضاء فما اتى اخر النهار حتى كان الرجل في السجن وكانت ابنته المسكينه في حال من الهم والحزن على ابوها،أما زوجته فلم يكن يهمها في تلك الساعه إلا السعي للحصول على ثمن الحليه الجميله من طريق غير هذا الطريق *
#امنه كمال الجراي*،
أنت تقرأ
أنتقام برئ🔱💫{مكتمله}
Mystery / Thrillerفتاة فقيره تتلقى العذاب تحت أكبر مدراء المصارف ومع دوران الأحداث يصبح هو من يريد تقبيل رجليها لترحمه من الفقر و المرض و العذاب الذي هو فيه