٣

222 20 1
                                    

فقلت لها :
ما الأمر  ؟ تبدين كمن قد راى شبحاً؟

حدقت بي طويلا ثم قالت " ماري ! ما ألذي كُنتِ تفعلينه؟"

نظرة الفزع التي كانت على وجهها اخافتني حقا ، شعرت وقتها أنني مجرم قد تم كشفه ، ترددتُ بالبوح لكلها لكنني وقتها لم أملك إي خيار سوى أن أخبرها بكل شيء ، فقلت لها :
- لا شيء خطير ايتها العزيزة ماري ..

ثم هممت بالوقوف قائلة:
- انا فقط كنت احاول تجاوز ما احبطني بسرعة لأعود للعمل دون تأخير ..

فقالت:
- تتجاوزين أحباطك ؟

فقلت لها وكان التوتر واضحا في صوتي:

-أنني اكتشفتُ حين كُنت في ألسادسة أن لي موهبة ، لا أعرف ماذا يمكنني تسميتها حقا لكنها تسمح لي بتجاوز الأشياء بسرعة كبيرة و تعيد لمشاعري توازنها .. لم أضطر يوماً ان بما يمر به ألناس العادية ، انا فقط اتجاوز الاشياء وبسرعة ..

حدقت بي صديقتي طويلا مصدومة مما قد قلته ، ثم نطقت أخيرا قائلة :
- يا أللهي ماري ! ما ألذي قمتِ بفعله !!

•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°

جلسنا معاً على طاولة واحدة ، كنت أراقبها هي وتشرب الماء و تحاول ان تسيطر على أعصابها أذ بدت بعد اخبرتها بأمر الصندوق الأسود بالتفصيل الملل ، كيف اكتشفته ومتى ومنذ متى ارمي احزاني فيه ، بدت وكأنها قد جُنت تماما ..

قلتُ مُحطمة الصمت الذي بيننا :
- أنتِ تخيفينني حقاً .. ما ألذي حصل ؟ هل قلتُ شيء خاطئ !

امسكت بيدي ثم قالت بهدوء :
- هل كنتِ تقومين بأمر الصندوق الأسود ذاك منذُ ان كنتِ في السادسة ؟
- نعم ..
- وهل لاحظتِ إي شيء غريب مؤخراً ؟
- غريب ؟ مثل ماذا ؟
- مثل أصوات غريبة تخرج من الصندوق ..

حدقت بها مصدومة لثواني ثم قلت :
- كيف عرفتي ؟

وقفت هي من على الكرسي و أخذت تجوب الغرفة بتوتر قائلة :
- ياللهي .. ياللهي ! أنه الحد الأخير .. أنها نهاية ألطريق !
- نهاية الطريق إلى اين ؟
- إلى الهاوية ..

غرقنا بصمت مُخيف وقتها أستمر لدقائق قبل أن أصبح غاضبة كالبركان وصرخت قائلة:
- بالله عليكِ ما الذي تتحدثين عنه ؟ ما الذي يحصل ! ما الخطب !

جلست امامي بهدوء واخذت نفساً عميقا ثم قالت :
- ذلك الصندوق الأسود الذي تتحدثين في الواقع هو ليس موهبة ، انه لعنة ..
- لعنة !
- أنه يدعى "صندوق الكتمان" ، داخلكِ وداخل الجميع ، ألكثير من الزوايا داخل عقلك ، احد تلك الزوايا يُدعى "صندوق الكتمان" ، أنه صندوق أسود كبير عملاق ، ما ان تفتحيه حتى يسحب داخله اي شيء تعطيه أياه ، و يحبسه هناك ..

صمتُ قليلا ثم قلت "وما اللعنة في هذا؟ هذا الصندوق يقوم بأبتلاع الاشياء السيئه قبل ان تبتلعنا !"
- أنه لا يبتلع الاحزان والمشاعر يا ماري ، أنه يخزنها هناك ، يبقيها حية داخلك ، تعيش معكِ كل يوم دو ان تشعري ! أنه كالسرطان وربما أخطر .. وفي حالتكِ أنتِ ، كنت تحزنين كل مشاعرك هناك منذ أكثر من ١٥ سنة !! .. حتى ..

صمتت قليلا ثم قالت "صنعتِ وحشاً"

الصندوق الأسودحيث تعيش القصص. اكتشف الآن