٦

13.3K 177 14
                                    

(create by half of me)

زفر: تعالي مستشفى^^^^.
شهقت بقوة وهي تضرب صدرها، ليتبع
بسرعة: مافيه الا العافية انخفض ضغطه بس.
قفلت الخط، في نصف ساعة كانت تركض
متجهة للغرفة ونبضها يكاد يتوقف في لحظته
دخلت بسرعة، لتجده يدفع فرآس: قلت ابعد.
اقتربت بسرعة ودموعها تغطي وجهها: يمه هتآن.
لف لها بعينان محمرة وشفاه مزرقة
وهو بين الوعي واللاوعي نطق: جيبوا جلال.
لف له والده وهو يحاول منذ وقت إخفاء رجفته
لينطق: هتآن ارتاح ولا بننومك بالمخدر.
دفع فرآس الذي يمسكه: ابعععد عني وجيبوه.
نهلة بصدمة لفت لعبدالحكيم: لا يكون ولد اختك
مسوي بولدي شيء؟!!! لا يكون هو مستهدفة!!!!!.
عبدالحكيم بغضب: ووشش تهذرين انتتتي بعد؟!.
دفعته عن هتآن وهو تنطق: اتوقع كل شيء من ولد
الـ##### هذاك! ولا ليش يهذري ولدي بأسمه؟.
عبدالحكيم مسح وجهه: وش عررفني انا وش عرفنني؟!!!.
لف له فرآس وهو يشد على سنونه
ويراقب هتآن الذي يحاول النزول
من السرير و تغالبه الدوخه فيعود
ساقط على جانبه والوضع مضطرب
والاثنان لا يكفان، بلا شعور نطق بصوت عالي: كككفااايية!.
لفوا اثنينهم له، لينطق بقهر: ممكن تنتبهوا لذا
الأهبل وتأجلون هواشكم طالع اسوي شيء وراجع.
ركضت نهلة وهي تحتضن رأس هتآن لتشم
ذات الرائحة التي اصبحت منه، وهي التي
استفقدتها في الاسبوع الفائت لسببين انه
لا يبقى في البيت كثيراً، والأخر انه لا يدخن
امامها، صرخت فيه: هتآآننن دخنت اليوم؟!!!!.
فرآس بإنتهاز: يوووهه ليتها على اليوم بس!.
رفع نظره له وبنظرة متعبه وعينان ناعسة
جذبته امه لها وهي تصرخ: وششش قاالل يا هتآن؟!!.
دفعها بيد ضعيفة لتبتعد عنه وهو ينطق
بدون وعي: ايهه ما تركته ولا بتركهه لين اموت.
صرخت بقهر: ههتتآنن لا تجنني!!.
سعل بقوة وهو ينفث من بين شفاهه الباهتة
قطرات دم بللت مقدمة لباسه والسرير، صُعق
الكل وتسمروا في أماكنهم، مسح فمه بإهمال
ولا زال في حالة الهذيان لينطق بلسان ثقيـل
وصوت متحجرش، بأنفاس متقطعه: لازم تجيبون جلال
لازم اسلمه لها، لازم يبرد قلبها الصغير الحقود جيبوهه.
عقدت حواجبها وبنفاذ صبر: وشش يهذري
ولدددي؟! وش يقول ؟ مين هذي وش فيه جلال؟.
تسمرت عيون فرآس بحقد على عبدالحكيم
لـ يصد بسرعة ويحاول ارجاع هتآن لسريره
رفع هتآن كفه في منظر الم قلوبهم وهو يأشر
لفرآس الي تجمع الدمع في مدامعه، اقترب منه
بسرعة، وانحنى لهتآن ليجره من مقدمة ثوبه ويهمس
له بنبرة لأول مرة يسمعها من هتآن: ابيها فرآس.
ارتخت ذراعه وتعبها كامل جسده، لتنطق منها
صرخة مدويه: نننيييررررسسس.
خرج بسرعة وهو يقابل طاقم قادمين للغرفة
دخلوا وهم يبقون عبدالحكيم وفرآس في الخارج
اما نهلة فكل قوى العالم لن تبعدها عن ابنها، لف
له فرآس وبحقد وضح بنبرته: لو نتأكد انك لك يد
مع هذا الو### صدقني محد يردني ولأشكيكم.
تقدم له عبدالحكيم بسرعة وهو يلصقه بالجدار
وقد سحب مقدمة ثوبه بقوة، صر من بين اسنانه
ونطق بحدة: بتحترم نفسك ياللقيط ولا بسودها عليك.
كانت مثل الصفعة القوية التي ألجمته
ارتخت قبضة عبدالحكيم وهو يبتـعد
وعيناه تحد فرآس بنظرة حارقة، شد على
قبضته والقهر اكل داخله، خرج بسرعة
وبخطوات واسعة، نزل للأسفل وتوجه للمواقف
ركب وهو يشغل سيارته متوجه للقارة، وهو ينوي
رد تلك الكلمة في اقصى حنجرة عبدالحكيم.
دخل بسرعة وهو يصرخ في كل من يواجهه
: ثامر الـ^^^^^^ احد يعرف رقمه او بيته؟؟. كان يدخل الغرف بعشوائية ويطرح سؤاله
الذي يوقظ البعض ممن اعتبر القارة منزله
التم عليه مجموعة شباب بأعمار مختلفة
واحدهم يهتف: عسى خير فرآس.
سحب الشاب بسرعة: تعرف ثامر الـ^^^^^ الي دايم
مع جلال فهاد الزايد، يجلسون دايم ورى^^^^ هناك.
عقد الشاب حاجبيه الثخينة وهو يتلفت بين
الموجودين: لا والله ما اعرفه.
ليتدخل اخر من الخلف: اي اعرفه وش بغيت؟.
بسرعة امسك به فرآس: جيبه لي.
الشاب بعدم فهم وهو يشوف ملامح فرآس
المخطوفة كلياً: وش فيه؟.
فرآس وهو يمسح وجهه ويلقط انفاسه، وهو يشوف
تجمع الناس حوله منهم توه واصل والاخر لتو استيقظ
والبعض بغير وعيهم، وقف على الدرج
بينهم وهو يصرخ: من يجيب لي ثامر الـ^^^^^ له مني ما بغى.
خرج وهو يسحب رجوله بثقل وبيده
زجاجة بها مشروب ذا لون غريب ابتعد
الأغلب عنه وهم يغطون انوفهم، ليدخل
لمنتصف الدائرة وينطق بلسان ثقيل لا يكاد
يعرف منطقه: هاه فرآسوه اجاري مع جلالوه اطلبه.
تمايل وبضحكة: اذا لقيته ال#####.
نطق عليه فرآس بسرعه وهو ينفضه: ويييننههه؟..
الشاب: وش يعرفني؟!.
صرخ بجنون ليتدخل الشبان ويحاولون
فكه من بين يدين فرآس: تتككلممم ويييننننهه؟؟؟.
الشاب بضحكة وهو يتمايل بغير ثبات: يدور #####.
صرخ فيه بفقدان لأعصابه: انننطققق لا اشرب دمكك.
تدخل بسرعة وهو يسحبه للخلف ويكتفه
ويصرخ فيه: فرآس ففففراااآس اهدى اهدى.
نفض نفسه من مازن وهو ينطق وعيونه على
الشاب والجميع يحاول فهم الأمر: بتتكلم ولا وربي لـ####.
احد الرجال تقدم وهو ينطق: فرآس علمنا
وش السالفة وابشر باللي تبيه.
تقدم اخر: اي والله ابشر بسعدك.
تلفت وانفاسه شبه معدومة ثواني وتراجع
للخلف ثم صعد الدرج مرة اخرى وقد زاد الحشد
عن سابقه لينطق بصوت جهوري، يحسم فيه امر
قد لا ينحسم بلحظات مثل هذه، قد يتطلب منه
الكثير من الوقت ليقرر إنهائه، ليقرر تركه او اكماله
وهو من أجل هذا كثيراً، صدح صدى تلك الكلمة
في اذنه ثانية وهو الذي لم يسمعها منذ زمن بعيد
حتى ظنها لا تنتمي له، من جعله ينسى هذه الكلمة
هو شخص واحد وحيد وهو الأن ينازع روحه.
حسم امره وهو ينهي ما ظنه من البداية
مفترض الحدوث، وهذه الفكرة تلمع في
باله لحشر عبدالحيكم في اضيق الحلقات
: القـــارة بــكبـــرها بمــا فيها للـــي يجيب
لــــي (جلال فهاد الزايد) في مهلة لا تزيد
عن ثلاث ايام من اليوم.
مازن بصدمة طير عيونه: ولد هد علامك.
الكل انصدم وعم الصمت غير مصدقين
انه قد يعرض القارة بما فيها، مقابل ايجاد
شخص!! هل هو صعب الى هذا الحد؟
ماذا فعل هذا الشخص؟.
خرج بسرعة من بينهم، وهو يركب سيارته
خارج من القارة، ينوي البدأ في رد جمائل
هتآن و وقفاته لا بل مسانداته التي لا تعد
وعبارته الأخيرة بنظرته المنهكة وصوته المتلاشي
تترد على اذانه:(ابيها فرآس).
طار للعمارة وهو يصل بوقت قياسي، غير مدرك
كيف او متى، صعد وتوجه لشقة وهو يفتح بابها
ليدخل بسرعة ويقف في منتصف الصالة يلقط
بعض الهواء ويجدد عهد رئتيه به، تلفت لتقع
عينه على الجسد النائم على الكنبه بيدها هاتفها
كان يعلم انها في انتظاره، اقترب بخطوات مرتعشة
وللحظة شعر بضعف شديد، وقهره
من تلك الكلمة التي اتت في غير يومها
ومن بمثل بشاعتها لا يحدد لها وقت للقول
احس بالغصة تأكل حنجرته، جلس مقابل لها
وهو ينطق بهمس مرتعد: ملآكي.
فُتحت السود الداعجة وجلست بهدوء
وهي تفرك عيناها بملامحه ملئها النعاس
ماهي الا ثواني حتى استوعبت من يجلس
على ركبتيه امامها، بسرعة ارتمت بجسدها
عليه وهي تشد العناق عليه، لحظات واصبح
هو من يشد للحد الذي آلمها تأوهت وهي
تشعر بخدر في جسدها وبلل عند كتفها
نطقت بخوف: فرآس!!!.
شدها له اكثر، نطقت بألم: فرآس علامك لا تخوفني!!.
ارخى من قبضته عليها لتبتعد قليلاً
وتدرك الأمر كان يبكي، أُثلج صدرها
وتسارعت انفاسها بصوت مرتعد: وش صاير؟!.
مسحت دمعه وهي تقترب من وجهه بخوف
اكبر: فرآس انطق.
همس: هتآن بالمستشفى.
تعلقت عيونها فيه منتظرته يكمل: يبيها بين تعبه
وضعفه ما نساها يبيها، علميها الغبية ترحمه كفاية
التعب الي يتعبه عشانها كفاية.
جمدت ملامحها، واخفضت رأسها، ثواني
ثم عادت نظراتها له، وبملامح جامدة: جهز السيارة.
وقفت بسرعة وهي تتوجه للباب
الموصد من ايام، وتنفضه وهي
تطقه بقوة: ميلآف افتحي بببسسسررععةة ميللآفففف.
استمرت تطق الباب لكن كما عُهد منها
لا تخرج إلا عندما تريد هي، صرخ بقهر
وهو الذي ضاق ذراعاً من عنادها وصلابة
رأسها: مميلآفف افتحي هتآن بيموت هناك وانتي
ولا همك، لو جا اخوي شيء صدقيني معرف غيرك.
لحظات وفتح الباب لـ تظهر مرتدية بجامة
قد تلاشت بداخلها واختفت يتناثر حولها
خصلات من الحرير الطويل المنسدل على
ارجاء جسدها النحيل بشدة، و تحت عينيها
هالات، كانت النظرة الأولى لها توحي بأنها
خارجة من لوحة رسام غابرة مضى عليها الزمن.
———
متلاشية على أسوار تلك الحقول المحترقة
تلك الحقول التي حملت خطواتي معه لسنين
قصيرة، قد احترقت واحترقت آمالي معها وكل
ما املك من شعور يتلاشى بتلاشي رمادها مـع
نسمات الهواء الباردة.
تفاصيل سقف الغرفة الباردة غالب الأحيان
قد تم حفظه، بكل عيوبه ومميزاته، بـِدت
أراهُ سمائي المحدودة و مجالي المنحصر
رأى الكثير من إنهياراتي و تعبي الذي لم
يره سقف تلك الخرابة التي عشت بها معظم
حياتي البائسة، هل تعلمون لازلت اتسال هل
ملكت حياةً مسبقاً؟ هل بالأساس كُنت اعيش
لأن لدي حياتي الخاصة؟ أما ان سراب اللعنة
الذي هو اشد ما امنت به تمكن مني وجعل
ما يسمى "حياة" هي مجرد فراغ في عقلي.
اكثر ما اسمعه هذه الفترة هو صوتها
تناديني من خلف الباب راغبةً مني ان
افتحه لترى وجهي، لتتطمن على صحتي
لتنتشلني من السرير الذي بات جزءً مني
لكن وكعادتي ابدد احلامها واحطم حماسها
في كل مرةٍ اسمع الباب يطرق فيها استدير
واوليه ظهري، تطرق في كل اوقات الصلوات
كذلك الوجبات، بشكلٍ يومي، لو كان احد اخر
مكانها لنسي امري ولظنني مثل تلك الغرفة
المغلقة، تلك الغرفة! لم تعد كذلك في الحقيقة
منذ فتحها في تلك الليلة ولم تغلق بعدها بمفتاح
لسبب غير بدهي، عندما اتسلل لشرب
الماء او لأخذ ما يبقيني حية، في اواخر
الليالي، كنت المس ذلك الباب.
لا اعلم احس بدفئ في باطن راحة يدي
يرقمني على عدم رفعها، وكأنني المس
جُزءً منه.
اليوم هو الثامن لي منذ اوصدت على نفسي
وتجنبت العالم بأسره، رغبةً في الإستسلام الحقيقي
الساعة تشير لـ العاشرة والربع صباحاً
عيناي لا تزالان معلقتان على تلك الاكياس
المغلفة، و تلك الهدايا المُنتظرة، هي ونيسي
الوحيد في هذه الغرفة، بعد السقف بالتأكيد.
لقد حفظتها، بشرائط حريرية خمرية اللون تشابه
عروق جبينه عندما يغضب مني منفعلاً
او تلك العبارات المكتوبة بخط يده على
تلك الكروت الصغيرة، لم المسها قط!
لم استطع اخشى ان اتلفها! انا اتلف كل ما تقع
يدي عليه، لازال نظري صحيحاً وهو ما استخدمه.
طرقت الباب في عجله وهي تقطع إنغماسي
البارد: ميلآف افتحي بببسسسررععةة ميللآفففف.
وليت الباب ظهري ودفنت نفسي
في اعماق السرير، متلاشية الأصوات
الكثيرة، ماهي إلا ثواني وقد تعالى صوته
للحد الذي شعرت بقربه لي، وهو ينطق بعبارة
تشابه طعنات السكين الممزقة لداخلي بعبارات
جديدة لم تكن المعهودة في كوابيسي الفائتة.
فرآس: مميلآفف افتحي هتآن بيموت هناك وانتي
ولا همك، لو جا اخوي شيء صدقيني معرف غيرك. (هــتــآن).
لا أعلم هل من خفتي اصبحت لا الامس
الأرض ام ماذا، فتحت الباب دفعةً واحدة
آملة ان ما تورى لأذناي كان محذ عبارات
رددها شيطاني في ذلك كابوس.
لكن يبدو انه ليس كذلك، كان يجلس على
الأرض بضعف، عيناه تحدق بي على وجهه
قطرات!
لألتفت لأختي التي لا تقل حالاً عنه بملامح مخطوفة
كُلياً، انطلقت نحوي وهي ترجعني للغرفة وتنطق بنبرة
مترددة: الولد بالمستشفى فرآس يقول انه تعبان
بالحيل، ويطالب فيك! ميلآف يبي يشوفك الادمي.
تراجعت للخلف وانا اراها تقترب لشماعة
وتسحب عباتي، وكذلك خاصتها وتقترب
مني مرةً اخرى وهي تنطق: يلا بسرعة البسي.
عدت للوراء خطوتين وقدماي تنتفضان: وش جاه؟.
لبست هي ونطقت: مدري لكن اكيد شيء
قوي، خلى فرآس يبكيه وهو حي، تكفين يلا.
بدون شعور البستني وهي تسكر الازرار لي
لألف انا لثمتي بيدين مخدرة، خرجنا كان
قد سبقنا لسيارة، غادرنا العمارة لتلفحني
نسمة هواء ولأول مرة اجهل نوعها!
هل هي باردة تثقب البدن وتثلج العظم
ام هي ساخنة تصهر الجلد وتحرق القلب.
ربما انا في احد تلك الكوابيس.
ركبتني خلفها ثم ركبت هي، وامسكت
بكفه مرددة له عبارات كثيرة جهلت وقتها
من تكون هذه؟ كانت تهديه وتصبره تشـد
كفه تارة لصدرها وتارة يشدها كفها هو.
وانا في الخلف يتمزق داخلي لكن بلا رؤية احد
تعبان؟ بس تعب؟ ولا شنو؟ حادث!
لا لا!
اجل؟ طيب اذا وصلت وزوجته واهله
موجودين؟
انا وش جالسة اسوي؟ ممكن كلامهم كذب!
مو صاير شي؟!
مستحيل وش ممكن يصير يعني؟
لساني ثقيل وفكري اثقل، لا لساني رتب
حكي، ولا فكري رتب حدث، اكتفيك بشد
كفي لبعضهما لطالما كانا كذلك دائماً ليس
هنالك من يشدهما هما من يتوليان امر بعضهما
تذكرت امر(يسأل عني)!.
وصلنا كان نفس المشفى الذي تنوم فيه
سابقاً، هل السبب هو طعنتي له؟ هل سأتسبب
في موته؟ لم أكن لأظن بأنه القلم قد يفعل
ذلك! لو علمت لغرزته في قلب ذلك القاتل في تلك
الليلة عندما امسكته، او ... او لغرزته في
قلبي انا، كي لا اعيش اياماً خالية مثل هذه لا تفهم
وكأنها شريط مصور من الخمسينيات يتلوه
الغبر، والقِدم والبهتان!.
وصلنا للممر وهو يوقف ويلف لنا
وبهمس وعيناه المحمرة علي: بدخل اشوف للوضع
ممكن اطول انتظروني هنا، تحاشوا اي احد ممكن
تشوفونه لا تتحركون.
هزت ملآك رأسها بمعنى نعم، غادر وتركنا
لتجرني ملآك لكراسي انتظار وتجلسني.
وهي تنطق بالدعاء والرجاء، لفيت لها
ونطقت بشيء غريب وحيد ملئ كل صدري
: يذكرني هالصباح بنفس صباح وفاة مهند.
جمدت العيون الداعجة علي، لأكمل وذات الشعور
يتردد علي: احسني باهتة من كل شيء وشيء
حارق يغوص داخلي لأبعد نقطة فيني احس اني
مو موجوده وعلى وشك الزوال.
تحجرت وهي تناظرني والدموع تزين عيونها
لطالما زينتها ولكن هذه المرة قد تأخرت وكنت
انا من جعلها تزينها، ابتسمت: حظك متى ما تبين
تبكين تقدرين متى ما تبين تبعدين كل الوجع الي
فيك تقدرين اما انا!.
لفيت للجهة الأخرى وعيني تشوف اشياء
ضبابية لا بشر يتحركون، حسيت بشيء على
كفي كانت كفها! اوه تذكرتني اخيراً كنت اظنني سراب.
وهي تنطق: ميلآف وش يعني لك؟.
عدت انظر لها وعيناها ينساب منها الدمع
كما لو كانت حنفيتين كُسرتا: ليه تحسين بنفس
شعور يوم فقدنا لـ مهند! هو مو اخونا ولا قريبنا.
اخفضت رأسي اتأمل كفينا: اثنين في هذي الحياة
صدقوا وجودي وخلوني اصدقه، مُهند وهتآن.
هنا انفجرت تبكي عبارة اختها الغريبة
وهي تسحب كفيها مغطية فيها وجهها
محاولة كتم شهقاتها العنيفة، راقبتها ميلآف
بذات البرود والهدوء بذات الشعور المتزعزع
لكن من خلف كثبان هادئة لا يعلم احدهم متى
شوف تتطاير و تغطي المكان.
لفت تتأمل اختها وهي تكفكف دمعاً استعجبته
بلا شعور ارتفع طرف شفاهها، لطالما كانت الأحزان
الصغيرة ثرثارة، اخفضت رأسها وهي تتأمل كفها
المنتظرة من يمسكها كما لو كانت اخر الأيادي
ياللسخرية، كبير الأحزان لا زال ابكماً.
لحظات وظهر فرآس وهو يتوجه الينا
مسحت دمعي المنساب بسبب عباراتها
للحظة كدت انجرف وراء تخيلاتي واكمل
صورة هذا اليوم المشابهه لذلك اليوم وانغمر
في حضن الأحزان، لو لم ادرك اختلاف الشخص.
التفت لها، بالنسبة لي هو مختلف اما بالنسبة
لها فهو يذكرها بالكثير، صحيح ان عبارتها جرحتني
وقولها بأنهما الوحيدان اللذان اعارى لكيانها
الإنتباه، كيف؟ وانا؟.
بسبب انني لم اعارضها وتركتها على سجيتها
ظنتني نسيت كونها وذاتها وشبهتها بمن فقدنا
لا تعي بأنهما كلاهما يكملان قلبي، وان كان ما بقي
منه سوا ذكرى على هيئة شخص اصبح خالي الوفاض
هذه الفترة لسبب غريب لكنه لا يظل
ذاته الشيء الوحيد المتصل بمن رحل
اليوم كُسر قلبي مرتين، عبراته ودموعه التي اثبتت
لي ان ما بينه وبين هتآن ليست مجرد صداقة عابرة
انما اخوة فعلية، لا يشترط ان يكون اخوك
من دمائك، بعض الأخوة يكونون من روحك
فحسب!
اي قربهم وتعلقك بهم سببه روحي لا غير
وهذا حال فرآس، لا طالما شكى لي من خوفه
طوال الاسبوع على هتآن، ومن عناد هذا الهتآن
وتصلبه على رأيه في كشف قاتل
اخي والذي هو قريبه اساسًا بدأت
احسن ظني به، وشيء اخر قد غير
نظري نحوه هو جنونه و غضبه الذي
ما بات الا ويصبه على فرآس، بسبب
منعه من التقاء اختي، لفيت لهذا الصنم
المجاور وانا اتذكر حالتها في تلك الليلة
انهيارها وبكائها، انتحابها الشديد الذي لـم
اسمعه حتى في وفاة توأمها، او ربما سمعته
الجدران اما انا فكنت في غفلة الضعف تائه
تاركةً اياها تقوي نفسها بنفسها.
شتمت نفسي للمرة التي لا تُعد وقد كثرت مراتي
في الأونة الأخيرة وزاد إدراكي بما قد اقترفت في
حق يُتميها، تركتها ترعاني وهي بعمرها
الصغير تخالط الرجال في عز ازهارها وتوردها
نعم في ربيعها تركتها تماشي الرجال غير
آبهةٍ إلا لما قد رحل وما قد حدث متناسية ما
لدي وما املك، تركتها في مواقف كثيرة
عصيبة وثقيلة تحدد اموراً لم ينبغي لها
تحديدها، هذه الغاتمة التي لا ازال اعجب
كونها لم تعش اية مرحلةٍ من مراحل حياتها
على اوانها، في طفولتها كانت منعزلة لا يسمع
لها صوت ابداً، تقلد حركات ابي الذي يكرهها
لحد لا تحتمله الأرض الشاسعة، تتلقى التوبيخ
منه على شيءٍ لم تغترفه لم يكن بمقدورها إغترافه
اساسًا وهو رحيل امي.
اذكر مرةً وبخها فيها بعباراتٍ صدمتني وانا ذات
التسع سنين وقتها حيث صاح فيها: ي قاتلة حبيبتي موتي.
لطفلة عمرها اربعة سنين يقال لها(قاتلة...موتي)
لم تحزن كثيراً لوفاته حتى احياناً كنت اشعر
بأنها فرحة، لا بل هي لم تميز ماهما الوالدان
لأنها لم تنعم بهما، ظل ابي يدللني انا ومُهند
إلى اخر لحظاته، فقد كُنت ملاكه، اما مُهند فهو
امنيته و هديته من أمي، اما هي...

رواية حقيقة خلف سياج الانتظارحيث تعيش القصص. اكتشف الآن