في مكان لا حدود له ولا لظلامه، يتردد صدى صوته موبخاً
_كيف أمكنكِ فعل هذا؟أردتُ أخباره بأننِ لم أفعل شيئاً، بأن ذلك الرجل هو من فعل كل شئ، بأنني مظلومة، بأننِ خائفة و جافة!
_أخي أنا ...
قاطعني: أنتِ أسوء أنسانة
_نعم أنتِ يا دودة الكتب
_حمقاء
_ عاجزة
_ ضعيفة
_ أنتِ...لم أستيقظ، لقد تم قدفي في اليقظة، لقد لفظني الحلم!، لوهلة تسائلت أين أنا؟ ماهذا المكان؟ ثم أنتبهت، أقصد تذكرت، أنه قصري الجديد، هذه الليلة كانت ليلة زفافي!
لم أكن راغبة في التعرف على الرجل الذي أصبح زوجي، ولا بهدهدت رعبه من الطريقة التي تم فيها الزفاف، عندما صرخت وولولت، عندما تحول الحفل الى مشكلة، عندما تذكرت أمي وبدأتُ بالنواح، أنتظروني كثيراً، نانا كانت تخبرهم أني لازلت أتجهز، بينما أنا كنتُ أبكي داخل دورة المياه، بكيت وبكيت، ثم خرجت لهم، مثل ميت يُبعت من قبره، ذاب جسده في التراب كثيراً، في ليلة زفافي تلك لم أكن أنا، حقاً أنا لم أكن بهذا القدر الفظيع من الضَعف، خطوت للأمام، ساقتني نانا الى القاعة كالجمل الذي يساق إلى المذبحة، مررت ناظراي على كل شئ حولي، القاعة كانت تعج بالزوار!، أطباق متنوعة!، عصائر كثيرة!، أكل بشتى الاشكال!، كل شئ كان مبهرجاً!، ثم .. ثم رأيت بوير!، كان هناك رجلاٌ بجانبه، سرت قشعريرة باردة في جسمي، أنه زوجي!، همست نانا: تقدمي لهم.
خفق قلبي وارتعشت قدماي، تقدمت خطوة للأمام، وخطوة أخرى، ثم أنهرت على الأرض، ضرخت: توقفوا.
أجفل الجميع وأجتمعوا حولي!، تقدمت نانا مسرعة لإحتضاني بعد أن ذهبت فور همسها لي، بكيت، صرخت، لم أكن طبيعية، همست كثيراً: أحتاجك يا أمي، تم دخلت في الظلام، أغمي علي!.
هذه هي تفاصيل زفافي الجنائزي.الان أنا هنا، صباح الخير أيتها الغرفة، ستكونين غرفتي الجديدة، أعرفكِ بنفسي؛ أنا أرين، دودة كتب، شاعرة حمقاء، عاجزة ضعيفة، أرجو أن تتحمليني، وانتِ؟، أجابت الغرفة أو هكذا أردت من ردها أن يكون: أهلاً أرين، أنا غرفتك الان، أنا ملاذك الجديد، يمكنك الكتابة هنا، لا تخافي أنا هادئة، لن أوبخكِ أبداً، قلت لها: شكراً، تشرفت بمعرفتك.
ثم .. عندما تناهى إليّ الصوت العميق لأنفاسه، ألتفت ورائي ورأيته، أنه ينام كطفل، كان وسيماً، أزج الحاجبين برموش كثيفة، شعره جميل، سمرته خفيفة وعضمتا وجنتيه بارزتان، له أكتاف عريضة وصدر شاسع وقامة فارعة، أنه مثالي!، بإستثناء أنه لم يكن يوماً جزءاً من أحلامي.أبعدتُ اللحاف عن جسدي، نزلت من السرير والذي بدأ ضخماً كثيراً، أو ربما أنا قصيرة كثيراً!، لكن والدتي كانت دائماً تقول: أنتِ طويلة يا أرين!.
يا ترى كم الساعة الآن؟، تسائلت وأنا أتجول داخل الغرفة، سرير كبير و ستائر بلون الكريمة، كراسي حمراء تتماشى مع لون الوسائد واللحاف، تحف صغيرة ولوحات كثيرة لمارون، عندما كان طفلاً وصبياً و .. والان!، يبدوا في عقده الثالت ربما.
أبعدتُ عيناي عن صوره، ثم تنهدتُ، أفتقد ذلك النوم الذي يأتي وحده ليلاً، ليتسرب داخلي برفق، يطيب خاطري ويغسل همومي، خدر شهي، ليهرب مع أولى اللحظات التي يغزو فيها ضوء الصباح الغرفة، يأتي رقيقاً ويغادر رقيقاً، وأقوم كمولود جديد يستقبل الحياة لأول مرة، أصبحت أنام بعد بزوغ الفجر، أستيقظ منهكة ومتعبة، لم أنم جيداً منذ ذلك اليوم -في الحقيقة لم أنم جيداً منذ وفاة والداي- الذي أستدعاني فيه الكردينال بوير وأخبرني ان المدعو مارون هو زوجي وأن أحد أيام الأسبوع القادم يوم زفافي، تسائلت كثيراً طوال الاسبوع الفائت: هكذا ببساطة!، الاسبوع القادم سوف أزف لرجل، في الاسبوع القادم سوف أصبح فتاة متزوجة، سيدة ولستُ أنسة!.
أنت تقرأ
ضحايا
Romanceقال يبتسم بإنكسار:" الى أي حد بوسع زوجك أن يحبك؟ أن يقول أحبك دون أن تنكفئي على نفسك مثل الخارطة." فقالت والحاجب قد انعقد:" الى أي حد بوسع الانسان أن يحدق في الهاوية؟ الى أي حد بوسعه ارتشاف الحب من فتاة جافة؟ الى أي حد بوسع المُهتم الاعتناء بزهرة ذا...