ج٢-الفَصل الاول

1K 144 101
                                    

٢٠٢٧/١٠/١٨

في يوم التطهير وقبيل بدايته، على أرضٍ شُبهت بالجنة لتفاصيلها الساحرة.. العاصمة اليونانية أثينا تألقت ببريق ذهبية أشعة الشمس ذاك الصباح.
داخل جامعة أثينا الآسرة وبين اروقتها الناصعة، كان الاستاذ الكوري جونغكوك يمضي في طريقه وقد أنهى توًا إحدى محاضراته، حاملًا بيده اليُسرى حقيبته الجلدية بلونها الأسود، وبيده الأخرى هاتفه النقال قارئا جدول محاضراته الجامعية اللاحقة.

لامس وهج الشمس ودفئها بشرته السمراء واصطدم ببدلته الرمادية الرسمية ليعكس ظله ارضًا..
نزل عن درجات السلم العريض لباحة الجامعة الأمامية، ثم وضع هاتفه في جيب بنطاله ودفع نظارته الطبية إلى عينيه مُعدلًا موضعها والهدوء يكسي تعابيره.
في طريقه قابل العديد من الأساتذة والطلبة فتبسم لهم ابتسامته الهادئة اللطيفة وهو يُحييهم، جونغكوك على الرغم من اختلاف جنسيته وتفاصيل وجهه الكورية إلا أنه كان محبوبًا جدًا في محيطه؛ هو ذلك الشاب الذي اكتسب سمعةً طيبة بين الجميع لأخلاقه وحُسن تعامله، كان مُعجبًا بشدةٍ بتاريخ اليونان وكل ما يتعلق بها، فبعدما انهى دراسته الثانوية هو انتقل لليونان ودرس تاريخها على ارضها وزار معالمها الأثرية ورأها بأم عينيه.
استقر جونغكوك في العاصمة أثينا نظرًا لإحتضانها أغلب أطلال البلاد، واستمر بدراسته بكل جدٍ حتى اصبح قبل خمسة أعوامٍ استاذً جامعيًا في مجاله الأحب إلى قلبه.. التاريخ اليوناني القديم.

ولعلمه وكفائته قام اتحاد علماء الآثار بضمه إلى صفوفهم؛ لغرض مساعدتهم في الجزء المتعلق بالمقاطع الاغريقية الموجودة على قطع الآثار، التي تم اكتشافها في تشرين الثاني من العام الماضي.
جونغكوك كان مؤمنًا بنظرية المؤامرة الإلهية التي قد يتم مباشرتها في أي لحظة، لِذا هو كان مُدركًا أن العالم قد يُباد نصفه في السنين القادمة.. أو ربما ايامً أو ساعات؛ لا أحد يعلم متى يقع غضب الإله.

فجأة اصطدم بجونغكوك رجلٌ ما من جانبه الأيمن، ممّا فرض عليه الإلتفات والإنتفاض بصدمةٍ ممّا حدث..
رأى العجوز فيليب بمظهره الرث ويرتسم الذعر على تعابيره، حدقتاه متوسعتان للدرجة التي بثت القلق في جونغكوك..
قبل أن يسأل الأخير ما بال الآخر حتى قال العجوز فيليب لاهثًا وهو يتمسك بذراعيه :
" أهرب ايها الاستاذ! لا تدعهم يرونك! لا تنظر لعينيها! لا تدعها تراك! إياك أن تدعها تراك! "
هز ذراعيه بقوةٍ وهو يقول:
" تجنب ذلك! هل تفهمني؟! "

رف جونغكوك بجفنيه وهو لم يفقه كلمةً ممّا يقوله فيليب، فتساءل بينما يقرب وجهه إليه قليلًا قاطبًا حاجبيه :
" ما الذي تتحدث عنه؟ "

" انت تعلم! انت تعلم! اختبئ! "
تمتم الرجل بينما يخفف قبضته عن ذراعيّ جونغكوك واخذ يلتفت يمينًا ويسارً بذعرٍ، ثم مضى بطريقه وهو يمشي تارةً واخرى يهرول مُبتعدًا عمّن يقف خلفه وعلامات الحيرة استوطنت ملامحه.

خطاياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن