حقّ

74 19 19
                                    

كانت النافذة مُغلقة و الستائر مُسدلة والغرفة مُضاءة بمصابيح الكهرباء.

النشرة المسائية قد انتهت لتوها، أغلق التلفاز وأغمض عينيه يُريح حواسه مما شاهد وسمع خلال ساعةٍ مُرهقة من الأخبار التي لا تنتهي عن حروب البشر وجرائمهم ضد الإنسانية والحقوق في كل أسقاع الدنيا.

دخلت هي الغرفةَ تخبط الأرض خبطاً ساخطاً ورمت جسدها على زاويتها المعتادة من الأريكة كما يرتمي طفل في حضن أمه.

وما إن جمعت جسدها في تلك الزاوية حتى أخذ الغضب الطافح على ملامحها ينصهر متحولاً إلى حزن شديد عديم الحيلة.

تهنّفت وتجمّعت الدموع في عينيها و ما زاد انزعاجها هو تجاهله لها رغم معرفته بوجودها معه في الغرفة.

احتاج لبعض الوقت ..

ثم _وكأنما شعر بنظراتها الراجية_ فتح عينيه بالتزامن مع إطلاقها شهقتها الأولى لتأخذ بالبكاء.

تأمل تفاصيل وجهها، ملامحها الحانقة، احمرار جفنيها وأنفها وارتعاش شفتها ..

" من أزعجك؟ " سألها رغم احساسه أنها بالتأكيد مسألة سخيفة لاتساوي شيئاً أمام الفظائع المهولة التي تحدث في بقية البلاد.
 

حاولت أن تتكلم لكن أحرفها اختنقت.

تنهّدت محاولة أن تهدئ نفسها لتستطيع الكلام، و مسحت الدمع من عينيها بكفها على عجل .. لكن لم تستطع قول شيء بلسانها.

عيونها فقط تكلّمت.

هو لم يكن في مزاج حسن لكنه لن يكون ظالماً كؤلائك الذين يسمع عنهم في الأخبار، لن يبخسها حقها ..

الحق في المواساة

والحق في الحب

والحق في الطمأنينة

والمساندة

والتعاطف،

حق الإنسان بالشعور بوجود الإنسان الآخر.

إنما فُتوره في تلك اللحظة لم يساعده على التصرف بغير شيء واحد، أزاح ذراعه كما يفرد الطير جناحاً ..

" تعالي هنا "

ليست مسافة طويلة، ارتمت نحوه تحشر جسدها تحت جناحه، تحتضنه وتبكي على صدره.

أغمض عينيه وحاوطها بعناق.

.
.
.
.
.
.
.
.

STR || شاي، قهوةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن