مساجلات

لهجتنا قتلت لغتنا

أخذت أرتب غرفة الجلوس الخضراء، أضع الوسائد على الأرائك، أتأكد من عدد أكواب الشاي والكعك -وحليب لي-، وبينما أنا كذلك، كنت أستذكر محاور الجلسة؛ أتمنى أني وضعت نقاطا جيدة للنقاش فيها.

كنت متوترا، إنه أول يوم لي كمضيف مساجلة، وبينما أنا منشغل في التجهيزات، ولج المعلم قط مناديا باسمي، استدرت صوبه فسلمني قصاصة وقال:

-اسمع غوركي، عندما تبدأ الجلسة، أريدكم أن تتطرقوا لهذه النقاط. 

عندما قرأت النقاط، شعرت بخيبة أمل من نفسي، إنها نقاط جيدة، أفضل من التي كتبتها، مع ذلك كنت شاكرا أن المعلم كان موجودا لتنبيهي، حشرت القصاصة في جيب بنطالي، واستعددت لاستقبال الضيوف، فيما اتخذ المعلم مكانا قصيا للجلوس فيه. 

حضر الرفاق، إينفي، أوكتان، داتو، يتبسمون بحبور، حيوني بإيماءات خفيفة فرددتها لهم؛ وأنا أبحث بعيني عن زبرجد، وأتساءل عما قد يؤخرها، ثم أتبعهم  ضيوف الشرف، فرسان اللغة، لاڤين، ميسو، وسلام، وقبل أن أبتدئ حديثي، أطلت أودين برأسها، ففردت ذراعي ترحيبا، شاكرا الرب أنها لم تدخل بعنف وتحطم الباب. أشرت لهم باتخاذ مجالسهم ثم ابتدأت حديثي:

-مرحبًا بكم جميعًا، يسرني أن أكون مضيف جلستنا لهذا اليوم، آملًا أن نخرج منها بكمٍّ وفير من المعرفة، ونصل من خلالها لما نريد، لرفع ولو نسبة ضيئلة من مستوى عالمنا البرتقالي.

فلنرتشف الشاي ولنأكل الكعك ونستمتع بجلستنا، الخدمة ذاتية إذا لم تكونوا تعرفون!

تذمرت أوكتان قائلة أنها لا تحب الشاي أو الكعك  فيما طلبت مني ميسو قطعة كعك، فذكرتها بحدة أن الخدمة ذاتية، عندها تلقيت نظرة عتاب من أوكتان. تنحنحت متجاهلا نظرتها وأكملت قولي:

-مساجلتنا لهذا اليوم تطرح سؤالا مهما نرجوا أن نصل إلى إجابة له مع نهايتها وهو:

«هل اللهجة سبب في تدهور اللغة العربية الفصيحة؟».

ونستفتحها بأول محور لدينا:

- ما الأسباب التي أدت لظهور اللهجة؟ 

قلت قولي واتخذت مجلسي، فابتدأت ميسو بالكلام وهي تأخذ قطعة من الكعك: 

-تتعدد أسباب ظهور اللهجات، لكن هناك أسباب أساسية حاسمة ناتجة عن عدة عوامل منها :

العامل الجغرافي، السياسي، اللغوي، والتاريخي. 

فاتبعتها لاڤين بعد رشفة شاي صغيرة:

-أعتقد أن سهولة استخدام اللهجات قد لعب دورًا في ظهورها واستخدامها عوضًا عن اللغة العربية الفصيحة.

فيما قالت أودين:

-يقال أن اللغات الشرقية خرجت من لغة تسمى السامية، سأكمل لكم الأمر أثناء حوارنا؛ لكن عمومًا، العامل الجغرافي والسياسي.