الفصل الثاني

2.3K 33 2
                                    

الفصل التانى ذكرى ضائعة بين اروقة القلب

الظلام يحيط المكان، إلا من ضوء خافت من مصباح عمود الإنارة ،حيث يقف شابان يتهامسان بصوت خافت ،حتى لا يسمعهما أحد،،،.
فتحدث أحدهما بنبرة قلقة مما يريد الآخر فعله :
"هل انت واثق مما تريد فعله؟! هذا سيكون خطير عليك ،فأنت لم تعد تملك الحق للصعود ،،،"
احتدت نظرات سراج الغاضبة والمشتعلة في آن واحد :
بل هو من حقي ،حقي وحدي ،ولن اتنازل عنه ولو بموتى ،هل فهمت مازن؟ "
رد عليه صديقه محاولا تهدئته :
"معك حق ،انه حقك ولكن ليس حقك في نظرهم "
"هم حاولوا التفريق بيننا بكل السبل ،ولكن أقسم ان اجعلهم يندمون ،فهي حقي انا فقط يجب أن اذكرها بي ،بكل ذكرياتنا التي جمعتنا سويا "
ليجيبه صديقه مضيفا بنبرة مرحة :
"اذا اذهب يا روميو لتقابل جولييت ،وسوف انتظرك هنا مراقبا للطريق "
هز سراج رأسه نافيا :
"لا لست روميو ولا هي جولييت ،فهما كانا ضعيفين وقررا الاستلام فانتحرا ،أما أنا فلن استسلم ولن اتراجع عن طريقي إلا وهى بين يدى "
تنهد الآخر قائلا :
"اظن معك حق (ثم أضاف مستفسرا ) ولكن هل ستستطيع الدخول إليها ؟،والسور بأجهزة الإنذار والكثير من الحرس والكاميرات ذات الدقة العالية "
ليهتف مستنكرا :
"ما هذا السؤال ؟أعرف هذا البيت اكثر مما أعرف بيتي "
ليقول صديقه وهو يشير بيده إلى السور :
"إذا اذهب، ما الذى يوقفك ؟(ثم أكمل بنبرة حذرة )لكن احذر"
"لا تقلق ،اتركها ل لله ،راقب انت الطريق ،واخبرني عند حدوث شئ غريب "
أومأ براسه :
"حسنا"
تركه سراج وصعد على أحد الأسوار الخلفية للفيلا، تسلل تحت ضوء القمر بعيدا عن مرمى الكاميرات التي يعرف مكانها جيدا ،حتى وصل إلى أسفل شرفتها، استخدم ذلك السلم الموجود بالجزء الخلفي من الحديقة ،حتى وصل إلى الشرفة..
ابتسم عندما وجد باب شرفتها مفتوح، فعادتها تلك لم تغيرها أيضا.....تركته مفتوح حتى تسمح بتسلل أول شعاع شمس للسطوع عليها ،،تذكر كلماتها التي كانت أخبرته بها عندما سألها "لما تتركين باب شرفتك مفتوح دائما"
ردت عليه وعينيها تلمعان ببريق خاص :
"حتى تكون أول من أشعر بدفئه في الصباح "
فيضم حاجبه ،ويحدثها متسائلا:
"كيف ذلك "
فتجيبه :
"حتى أسمح لأول شعاع شمس بملامستي في الصباح ،فأنت السراج وهى الشمس ،ووصف الشمس سراجا وهاجا ،(ثم ترفع كتفيها )إذا فأنت اول من أراه في الصباح "
فيرد  مازحا :
"لكن لا تنسى أن القمر يدور حول الشمس "
فتحدثه قائلة  :
"أعلم هذا،، ،فأنت هو عالمي ،وحياتي ليس لها معنى سواك (ثم تضيف مشاكسة )لكن لا تنسى أنى ادور حول الارض أيضا، فاحذر (مضيفة إياها مع غمزة من عينيها الفضية التي يعشق النظر اليها )..
فيقربها محتضنا اياها ،لا يفصل بين وجهيهما سوى بضعة سنتيمترات، يحدثها وهو ينظر لعينيها :
"في تلك الحالة سوف أحرق الأرض وما عليها ،فأنت لن تدوري حول أحد غيرى ،فأنا الوحيد من يضيئك ،ويدفئك وليس أحد غيري"
فترد عليه "بالفعل كلامك صحيح ،لكن من أنا بالنسبة لك "
فيرد عليها بِوله :
"روحي ،،فبدون الروح لا تكون الحياة ، فلا تبتعدي عنى "
"لن أفعل ،فأنا جزء منك ،وحياتي مرتبطة بك "
رجع من ذكرياته ،وهو يشاهدها تتقلب في الفراش ،وترتدى منامتها المفضلة ذات اللون الازرق ،وتحتضن ذلك الدب المحشو ،فاقترب منها حتى جلس على طرف فراشها يتأمل ملامحها وجهها الأبيض صاحب الحمرة الطبيعية، ورموشها الكثيفة كستار حاجب لعينيها ، فمها الوردي الصغير المفتوح جزئيا يكشف عن أسنانها البيضاء ،وأنفها الصغير الذى يلائم وجهها ،قرب يده من وجهها ومرر انامله على وجهها بخفة كي لا يزعجها وابتسامته الخفيفة على وجهه، ،لامس خدودها الممتلئة قليلا ،ثم لامس شعرها الحريري الذى  يعشقه ،توقف عن الحركة عندما شعر بتململها حتى لا تستيقظ، وعندما تأكد من استغراقها في النوم انحنى تجاهها ،وهمس في أذنها :
"مهما غربت الشمس فلابد لها من شروق ،ومهما اختفى القمر فلابد له من ظهور ،سنجتمع اكيد ولن يفرقنا أحد من جديد ،إذا ذاكرتك لم تعد تتذكرني ،فأنا متأكد من قلبك مازال يعرفني ويشعر بي ،فكوني فى انتظاري حبيبتي ،فأنت ملكي ولست ملك أحد غيرى، ستعودين لي بالتأكيد "
قام بتقبيل جبينها، ونظر لها نظرة أخيرة، ثم قام من مكانه وخطى نحو الشرفة، التفت لها مرة اخرى، وتحدث بنبرة صادقة حزينة "احبك قمري "
نزل من على سور المنزل ،فوجد صديقه يراقب الطريق مديرا له ظهره ،فتقدم منه ،ووضع يده على كتفه، فزع صديقه ،وعاد عدة خطوات للخلف ...
تحدث مازن وهو يضع يده على صدره :
"هذا أنت؟ ،هل كان يجب ان تفزعني هكذا ؟"
رد عليه الآخر بمرح وهو يرفع ساعديه أمامه :
"اسف يا صديقي ،لم اقصد "
"هل رأيتها"
أومأ برأسه إيجابا
فوضع مازن يده ،على كتف رفيقه :
"لا تقلق ،ستعود لك ان شاء الله"
"بإذن الله "

ذكرى ضائعة بين اروقة القلبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن