الفصل الرابع من نوفيلا ذكرى ضائعة بين اروقة القلب
الفصل الرابع
اقترب منه صديقه محاولا تهدئته ،والتحكم في أعصابه، فربت على كتفه :
"اهدأ سراج ،حتى نستطيع أن نفكر في حل للأمر"
هتف بعصبية :"نفكر في ماذا ؟ تخبرني أنه يريد الزواج من زوجتي ،(ثم اكمل ساخرا)حقا،،إنها نكتة هذا العام ،ألا يكفيه انه طلبها قبلا؟ وعرف إنها زوجتي ومع ذلك لا يرجع عما يفعله ،لكنى لن اسكت أكثر من هذا ،كنت أريد إعطائها الفرصة لاستيعاب الأمر ،لكن يبدو أنى اخطأت بانتظاري ،ويجب عليا التحرك الأن ،واسترجاعها مهما كان الأمر "
انحنى ليلتقط سترته المعلقة على الكرسي الساقط على الأرض ،وجمع أغراضه واتجه للخارج ،،،فناداه مازن متسائلا :"أين انت ذاهب الآن ؟"
ليجيبه بينما يكمل طريقه دون الالتفات إليه :"إليها"
نادى ثانية :"سراج ،،،انتظرني "حاول اللحاق به ولكنه كان قد استقل المصعد بالفعل ،،،تنهد صديقه وزفر الهواء من صدره :
"أتمنى أن تنجح فيما تفعله يا صديقي ،وان تجتمعا ثانية "وصل سراج إلى المرآب واستقل سيارته ثم سار بها بسرعة عالية ،لم يقم لها قبلا سوى مرة واحدة عندما علم بأمر حادثتها ،،،ليعود بذاكرته للماضي..
كان في طريقه إلى المطار ،يجلس في المقعد الأمامي بجانب صديقه مازن الذى كان يقوم بإيصاله إلى المطار ،دخل من بوابة المطار لإتمام إجراءات السفر ،ليتوقف فجأة عند سماع صوت أحدهم ينادى عليه ،التفت الى الخلف فوجدها تقف مع والده تنظر له بعينين تملأهما الدموع ،فاقترب منهما محييا أباه :"مرحبا أبى "ثم أشار بيده تجاه قمر :"لماذا أحضرتها إلى هنا ؟"
"لقد اصرت عليا بأن أحضرها لكى تودعك "
اقترب منها سراج بينما ترتسم الابتسامة على وجهه :
"مرحبا صغيرتي ،لما تبدين حزينة هكذا ؟ ألم اخبرك أنها بضعة أيام بإذن الله ومن ثم أعود ،لما الحزن الأن "
رفعت نظرها إليه وهى تحاول تمالك نفسها من البكاء :
"إنها المرة الأولى التي ستتركني فيها بمفردي ،ولن أراك لأسبوعيين وقد تزيد المدة أيضا ،لذلك أردت أن أسلم عليك قبل السفر "
"اولا ،اريدك أن تمسحي تلك الدموع ،ثانيا أنا سوف أكلمك وسأحاول إنجاز العمل بأسرع وقت ممكن، لكن في تلك الفترة أريدك ان تفكري فيما تحدثنا فيه ،حسنا!"
اومأت برأسها بينما كانت تمسح دموعها ،،،استمعا إلى نداء الطائرة ،معلنة عن رحلتهم ،،فقام بتوديعهما :
"يجب عليا الذهاب الأن ،لكن عديني بأن لا تبكى "
أومأت برأسها بينما تخبره :"سأشتاق لك "
"وأنا أيضا"
قام باحتضان أبيه :"إلى اللقاء أبى "
"فى حفظ الله بنى "
تركهما واتجه إلى الطائرة
مر أسبوعان على سفره ،وهي تشتاق اليه كثيرا ،تتمنى رؤيته ،تشعر بفراغ داخلها ،ما يصبرها تلك المكالمات التي يحدثها فيها عندما تذهب إلى بيت والده ،فتحدث نفسها بأنه صديق طفولتها وتعرفه منذ اكثر من أحد عشر عاما ،كان هو المسئول عنها وكانت تلازمه طوال الوقت ،وتلك هي المرة الأولى التي يبتعد فبها عنها ،،،،بينما هو يدرك مشاعره جيدا فهو ليس مجرد شخص مراهق وإنما شخص ناضج يعرف ما يريده ،وهو يريدها حلاله ،ويريد إنجاز العمل بأسرع وقت، وبالفعل سيعود اليوم بعد أن أنجز الأعمال الخاصة به .....
عاد سراج إلى أرض الوطن ،بعد أن أنهى الإجراءات، تقدم من بوابة الخروج ليجد والده في انتظاره ،بينما لوح له بيده فرد عليه التحية ،حتى وصل إليه فأسرع بضمه :"اشتقت اليك أبى "
"وأنا أيضا اشتقت إليك كثيرا بنى ،كيف كان العمل ؟"
"بخير الحمد الله، وبإذن الله سيعود علينا بالكثير من الأرباح"
"إن شاء الله ، هيا نذهب ،فوالدتك تنتظرنا فى المنزل "
أومأ برأسه بينما يلتفت حوله ،فانتبه والده إليه ،فوضع يده على كتفه ،فانتبه سراج له ،فهتف والده :
"لم تأتى معي اليوم ،هيا لكى لا نتأخر "
اختفت البسمة من على وجهه فلقد كان يتمنى رؤيتها ،لكن لابأس سيذهب ليراها ،،،،تقدم معه والده ووضع حقائبه في السيارة ،ثم استقلاها وسار بها حتى وصلا إلى منزلهم ،،،،،دخلا إلى المنزل ،فتقدم من غرفة الجلوس ،ليجد أحدهم يجلس مع والدته ،لكنه لم يتعرف عليها في البداية ،فهي كانت تعطيهم ظهرها، فيتوقف عن التقدم لتلمحه والدته ،وتنشرح أساريرها ،فقامت إليه وفتحت ذراعيها إليه، فأسرع إليها محتضنا اياها ،ظلت تقبله وتشدد من احتضانها له ،وتمرر يدها على شعره :
"لقد اشتقت إليك حبيبي "
"وأنا اشتقت إليك أمي"
أبعدته قليلا عنها ورفعت إصبع السبابة أمام وجهه محذرة :"لن تسافر ثانية مفهوم "
فأمسك يدها مقبلا لها وحدثها :"وهل هذا بيدي يا أمي، انه عملي هل أتركه يضيع "
فيتدخل والده :"يكفى هدى ،ألا تتمنين له النجاح ؟"
فردت عليه بلوم :
"وهل هذا سؤال ،أنت تعلم كم أتمنى أن يصير أفضل شخص في الكون ،ولكنها المرة الأولى التي يفارقني فيها هكذا"
"حمد لله على السلامة سراج "
انتبهوا جميعا لصوت يأتي من خلفهم ،فالتفت سراج إليها، ليجد قمر بهيئتها الجديدة ،فلقد ارتدت الحجاب الذى كان يتمنى رؤيته عليها ،حيث كانت ترتدى فستان من اللون الازرق فوقه حجاب من اللون الأبيض ،بينما هي كانت تنتظر قدومه بفارغ الصبر.
لم تذهب وتستقبله مع أبيه، وإنما أرادت انتظاره ومفاجأته بارتدائها للحجاب ،وجدته يتقدم منها وعيناه تلمعان بنظرة لم تفهم معناها ،ووجهه يبتسم لها تلك البسمة التي يخصها بها ،لتنتبه إلى صوته..
"مرحبا قمر ،كيف حالك ؟ "
فتجيبه بحماسها المعتاد وتتوالى عليه بالأسئلة :
"الحمد لله ،كيف حالك انت ؟ وماذا فعلت فى عملك ؟ ،(ثم تنظر برجاء )لن تسافر ثانية ،صحيح ؟ هيا أجبني ،لما أنت ساكت هكذا؟ "
نظر لها بدهشة :"وهل أعطيتني الفرصة لذلك ؟"
فتعبس ملامحها بطفولية وتزم شفتيها وتشيح بوجهها عنه ،بينما تعقد ذراعيها أمام صدرها، فيبتسم بينما يهز رأسه على تصرفها :
"حسنا ،لا تغضبي سوف أجيبك ،أنا بخير الحمد الله، نعم والعمل قد أنهيته (ثم تساءل)وماذا كان السؤال الثالث ؟"
فتجيبه ومازالت على عبوسها :
"هل ستسافر ثانية "
"لا أعلم إن كنت سأسافر أم لا ،إذا اضطررت للسفر سأسافر"
ليقاطعهما صوت والدته :
"هيا حبيبي اذهب وبدل ملابسك ريثما أجهز الطعام "
أومأ لها فغادر كلا من أمه وأبيه، ليميل عليها قليلا، يحدثها بصوت هادئ تملأه العاطفة :
"لقد اشتقت إليك"
لتربكها تلك النبرة التي يحدثها بها للمرة الأولى ،فتجيبه بتوتر :"وأنا أيضا اشتقت إليك كثيرا"
لينتبه الى توترها ،وإلى نبرته التي لم يسيطر عليها ،ليتدارك نفسه سريعا ،ويحاول السيطرة على مشاعره من الانفلات ،ويحاول العودة إلى طبيعته ،فيحدثها بينما يشير إلى الحجاب :
"لقد ارتديت الحجاب ،مبارك "
فتعود لطبيعتها ،وتجيبه بسعادة :
أجل ،لقد فكرت فى كلامك ،واقتنعت به حقا ،وها أنا ذا أرتديه كما ترى "
"لقد صرت أجمل "
فتحمر خجلا :"شكرا لك ،سأذهب لأساعد خالتي ريثما تجهز "
أومأ لها، بينما هي تحدث نفسها مندهشة "ما بك قمر ؟!،منذ متى تخجلين منه ؟ إنه سراج صديق طفولتك ،وقضيت حياتك كلها معه ،دائما ما تتشاكسان ،وتشاركان كل ما يخصكما معا ،لما شعرت بالارتباك من نظراته ،وتلك السخونة التي تتدفق بأوردتك هل جننتي يا فتاة ؟!"
فترد على نفسها :"لابد لأنى لم أره منذ مدة طويلة (ثم تؤكد لنفسها )أجل هذا هو السبب فأنا لم أره منذ مدة طويلة "
بينما هو كان يحدث نفسه ويمرر يده بين خصلات شعره "يبدو أنى سأعتكف الصيام الفترة القدمة "ليرفع نظره للأعلى "أعنى يا الله "
وبعد عامين من ذلك اليوم، ها هو يتلقى المباركات من الجميع ،فقد تم عقد قرانهما ، بعد انتظار دام لأعوام طويلة، وبعد عدة محاولات لإقناع عمها لعقد قرانهما ،ليستأذن عمها للانفراد بها قليلا فوافق على ذلك ،صعد إلى غرفتها، ودخل إليها، فوجدها تقف في الشرفة توليه ظهرها ،تسند بيديها على السور بينما يرتفع نظرها للسماء ،ليتقدم منها حتى اصبح يقف خلفها مباشرة ،فيمد يده لتحيط خصرها ،،،
شعرت بيد تحيط خصرها ،فانتفضت لتصطدم به أكثر ،لتسمع همسه الذى ينساب إلى أذنيها كمقطوعة موسيقية بها أعذب الألحان ،فيزداد خفقان قلبها ليصبح كالمطرقة :
"لا أصدق أن حلمي قد تحقق ،وصرت لي بعد انتظار دام لأعوام "
شعر بارتعاش جسدها بين يديه "أحبك قمر ،احبك كثيرا ،ولطالما أحببتك "
ثم يديرها ويجعلها مقابلة لوجهه ،ومازالت يده تحيط خصرها ،،،
"أجل قمر لطالما أحببتك، وأردتك زوجة لي "
ليستمع إلى همسها "لكنك لم تخبرني قبلا "
أومأ لها بينما يمرر يده بين خصلات شعرها ،ويده الأخرى مازالت على خصرها وعينيه تغرق بين فضيتيها :
"أعلم هذا، لأنني أردت علاقتنا أن تكون زواج متوج بالحب وليس حب متوج بالزواج "
فتضم حاجبيها متسائلة :
"وما الفرق ؟ "
"هناك فرق كبير ،فالحب الذى انتهى بالزواج كما يحدث في كثير من الأفلام والمسلسلات ،البطل والبطلة يحبان بعضهما ويقولان الكثير من الكلام ويظهرا الكثير من المشاعر لتنتهي القصة بالزواج ،ولكن هل رأينا ما يحدث بعدها ،تفقد تلك المشاعر رونقها ،لزوال البركة منها ،كما أنهما سيفقدان الثقة ببعضهما ،أما الزواج المتوج بالحب ،فتكون العلاقة مبنية على الاحترام والثقة ،والمقصود هنا المودة والرحمة التي هي أساس أي علاقة ثم تتوج بالحب فيعطيها رونقها الخاص ،فتظهر جميع المشاعر بوقتها وتكون مباركة من رب العالمين، هل فهمت ما الفرق الأن؟"
أومأت برأسها إيجابا، بينما يكمل
"وأنتِ قمر ما هو شعورك تجاهي؟"
"وهل هذا سؤال سراج؟ لطالما كانت مشاعري لك ،ولكنني من اخطأت في تفسيرها ،لقد كنت أظنها صداقة أو أخوة، لكنني اكتشفت أنه لا توجد صداقة بين شاب وفتاة ،فلابد أن المشاعر ستتحرك ،وهذا ما حدث معنا ،مشاعرنا تحركت تجاه بعضنا ،وبعدها صرت أتفهم وضعك للحدود بيننا ،وعدم جلوسك معي بمفردنا ،بل تجعلنا نتقابل في وجود عمى أو والدتك أو والدك ،هل تعلم عندما جئت لتطلبني من عمى وافقت سريعا لأنني صرت واثقة بأنك أكثر من سيحافظ على وتحميني دائما ،بدليل انك حميتني من نفسك أولا، أحبك سراج ،وأدعو الله أن يجمعنا معا في الدنيا والآخرة"
أنت تقرأ
ذكرى ضائعة بين اروقة القلب
Romanceفقدت ذاكرتها فأرادوا تزويجها وهي متزوجة ترى ماذا سيفعل السراج للحصول على قمره كاملة