الفصل السادس

3.8K 48 6
                                    

الفصل السادس

بعد مرور عدة أيام:
كان يعمل شارد الذهن ،لينتبه لصوت صديقه الذى لا يعلم  متى دخل ووقف أمامه ،ليجده يقف أمامه وهو يكتف ذراعيه أمام صدره ، محدثا إياه بانفعال مؤنب :
"إلى متى سراج ستظل على هذه الحالة ،عليك أن تستيقظ ،وتحاول إيجاد الورق أو تتخلص منه لكى لا يسلمه للشرطة ،أنا لم أعتدك هكذا سراج ،أعلم أنك حزين لكن ....."
قاطعه سراج وحدثه بنبرة مؤلمة حزينة :
"ليس مجرد شعور بالحزن مازن ،هنا نيران تشتعل بصدري ،شعور بخذلان، شعور لا أستطيع وصفه  "قالها وهو يضرب على صدره..
"لا تنسى سراج أنك لم تخبرها وتدافع عن نفسك وعمها استطاع التمثيل واستغلال الفرصة جيدا "
"ولما لم تثق بي، ألست أنا من رباها ،اثنى عشر عاما لم تفارقني ،بالله عليك، لقد كانت تمكث في منزلي أكثر من منزلها، لم تكن ترى عمها سوى مرات معدودة بالرغم أنهم يعيشون في منزل واحد "
قالها وهو يضرب بكفه سطح المكتب بقوة ، فتناثرت الأوراق وسقطت علبة الأقلام  على الأرضية ،،،ليباغته صديقه بسؤال :"هل ستتركها سراج لعمها بالرغم من معرفتك أنه يريد أذيتها أم ستنقذها من بين يديه ؟"
رفع نظره له متسائلا :"ماذا تعتقد أنني سأفعل "
ابتسم له مازن ،وحدثه بتأكيد وكأنه يقر بحقيقة مؤكدة :
"ستظل معها يا صديقي ،أنا أعرفك جيدا لن تستطيع تركها في هذا الفخ كثيرا ،وعند أول موقف ستذهب لإنقاذها ،صحيح أنك تشعر بالغضب منها لكنك لا تكرهها ،وهناك فرق كبير بين الكره والغضب ،فرق كبير يا صديقي ،لكن أخبرني ماذا ستفعل بشأن الورق؟ "
"لا تقلق بدأت بالفعل في حل هذا الأمر ،لست من يستسلم ،أعلم أنه ابتلاء وعلىّ الصبر "
"وما الذى فعلته؟"
"لقد ......." قاطعه رنين الهاتف ،فأجاب سراج ليستمع لحديث الطرف الأخر ،هب من مكانه مذعورا ،ليقف مازن بدوره وقد بدأ شعور القلق يتسلل إليه ،أغلق سراج الخط ،وخطى سريعا نحو الباب ،فلحقه مازن وأمسك بذراعه ليوقفه :
"ما بك سراج ؟ من كلمك وجعلك هكذا ؟"
ليجيبه بذعر :
"قمر قامت بحادث ،وهى بالمشفى الأن "
أفلت ذراعه منه ،وخطى سريعا تجاه المصعد ليجده مشغول فيزفر بقوة :"هل هذا وقتك الأن؟" لينزل على السلالم حتى وصل إلى المرآب واستقل سيارته وغادر ،ليصل صديقه إلى المرأب ويجده غادر ،ليلتقط أنفاسه بسرعة كبيرة ويضع يده في جانبه وينحني قليلا للأمام "ما أسرعك يا رجل ،ألم أقل أنه عند أول موقف ستهب لإنقاذها"
ساق سيارته بسرعة كبيرة فاقت الحد المسموح به نتج عنها الكثير من المخالفات ،لا يعلم كيف وصل إلى المستشفى ،والحمد لله انه لم يقم بحادث هو الآخر بسبب سرعته تلك ،وصل إلى الاستقبال فسأل عنها :
"لقد أخبرتني أن قمر نور الدين قامت بحادث"
"أجل إنها بالدور الثاني ،غرفة العناية "
شحب وجهه وهتف بخفوت العناية ثم أعاد سؤالها "هل حالتها خطيرة ؟"
"لا أعلم بإمكانك سؤال الطبيب المعالج "
تركها سراج وصعد إلى غرفتها فوجد أمجد يجلس على الكرسي فأسرع إليه سراج والغضب يتملكه وانحنى قليلا ليمسكه من ياقة قميصه ويرفعه ليكون في مستوى وجهه ،ونظر له بغضب وتحول لون صلبته الأبيض إلى احمر قاني وبرزت أوردة رقبته، يجز على أسنانه يطالبه بعصبية :
"هل أنت السبب فيما حدث لها ؟
ليجبيه أمجد ببرود :
"أنزل يديك يا فتى ،وإلا ستجد منى ما لم تره من قبل "
دفعه سراج للخلف ليرتطم بالجدار ومازال ممسكا بياقته :
"لا يهمني ما ستفعله حتى لو قتلتني (ثم هدر به بعنف )لماذا أردت قتلها؟ الأوراق ووقعت عليها وافقدتها ثقتها في ،والآن تحاول قتلها ؟"
ابتسم له ابتسامة متشفية :
"لا أصدق أنني استطعت إغضابك و إخراجك عن شعورك ،لطالما كان يغيظني هدوءك الدائم والآن أصبحت كالبركان الثائر "
فحدثه بهمس مسموع :"الذى لا تعرفه يا سيد أمجد أنني سراج وهو وصف الشمس ،طالما المسافة بيننا مناسبة ستشعر بدفئي  وهدوئي لكن إذا اقتربت  أكثر وأردت ضرري فستحترق ،ولن يكون هناك نجاة منى ،عليك أن تضع هذا في عقلك "قالها وهو يشير إلى رأسه "
فتحدث باستهزاء "حقا  ،ما الذى ستفعله ؟"
ليبتعد سراج عنه "لما تستبق الأحداث؟ ،سترى بنفسك ما الذي سأفعله؟ "
أتشوق لرؤية هذا " قالها بسخرية واضحة ،فأكد عليه سراج
"ستراه يا سيد أمجد ستراه ،لا تتعجل من أجلك وقصدي ليس الموت، وإنما شئ آخر"
قاطع حوارهم أو بالمعنى الأصح شجارهم وتحديهم خروج الطبيب ،فاقترب منه سراج وسأله بلهفة قلقة :
"ما الذى حدث لها ؟"
فأجابه الطبيب بعملية :"هي الآن بغيبوبة لأنها اصطدمت بشدة برأسها "
فقاطعه سراج "وهل هذا خطر عليها ؟"
"لا نعرف بعد ،سنقوم بعمل أشعة على رأسها لنرى إذا كان هناك ضرر "
"هل  يمكنني رؤيتها ؟"
"للأسف لا يمكن أن تراها الأن ،عن إذنك "
ظل سراج ينظر لها من خلف اللوح الزجاجي، يراقبها متسطحة على الفراش ، يحيط الشاش رأسها ،يرى الممرضة تقوم بقياس ضغطها وتأخذ باقي علامتها الحيوية ،رفع نظره للأعلى يتضرع للرحمن الأعلى بالمساعدة والشفاء.
بينما ذهب أمجد إلى شركته لإتمام العقود مع شهاب حول صفقتهما الجديدة ،وجد شهاب ومحاميه ينتظرانه ويبدو على شهاب الغضب ،فاعتذر منهم أمجد على التأخير :
"أسف على التأخير ،لقد كان هناك ظرف طارق أخرني "
"هل سنفتتحها من البداية بدون التزام المواعيد سيد أمجد؟، أنا لا أحب هذا وأنت تعلم ذلك "
"أسف حقا ،المشكلة أن ابنة أخي أصيبت بحادث وهى الأن بالمستشفى "
جذب حديثه انتباه شهاب، ليقول بريبة :قمر أصيبت بحادث؟"
هز رأسه بحزن زائف :"أجل"
"وكيف حالها الأن"
"إنها بغيبوبة "
هل يمكنني زيارتها؟"
"بالطبع ،هذا سيكون لطفا منك سيد شهاب"
"شفاها الله وعفاها سيد أمجد"
"اللهم امين"

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Nov 05, 2019 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

ذكرى ضائعة بين اروقة القلبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن