الفصل الخامس

1.4K 27 2
                                    

الفصل الخامس قبل الاخيرة

الفصل الخامس
وصل إلى منزله ،فأخرج المفتاح من جيبه وعلى وجهه ابتسامة بسيطة ،أدار المفتاح في قفل الباب ،ثم ضغط على قبس الكهرباء لينير الشقة ،ليجد صديقه ينتظره جالسا على الأريكة ،فيغلق الباب ويتقدم من صديقه الذى هب واقفا عندما لمح دخوله ،فسأله سراج مندهشا :"مازن ما بك ؟!،ولما كنت جالس بالظلام؟"
ليسأله صديقه بنبرة منفعلة قلقة  قليلا :
"سراج أين ذهبت هكذا ؟ إياك أن تكون ذهبت لها وأخبرتها شئ "
أومأ له :"نعم ذهبت إليها"
ليهدر به بعصبية :
"هل جننت سراج ؟ ألا تعلم أن هذا خطر عليها والطبيب حذر من الضغط عليها ؟"
حاول تهدئة صديقه :
"اهدأ مازن ،ما بك يا رجل ،إنها زوجتي ،ولا تقلق لم أخبرها شئ (ثم جلس على أحد المقاعد ،ووضع رأسه بين كفيه بينما سند كوعيه على فخذيه ) لم أستطع أن أخبرها، عندما رأيتها تبخر كل غضبى ،(ثم رفع رأسه له ) لكن لم أضع الفرصة منى وتحدثت إليها"
ليسأله الأخر بحذر :"وماذا حدث ؟"
هز رأسه بأسف ،بينما يلقى مفاتيحه على الطاولة ،ثم أسند ظهره على المقعد :
"لا لم تتذكرني، ولكنها تحتفظ بمشاعرها تجاهي "
جلس مازن بجوار صديقه بينما يضع يده على ركبته:
"إنه ابتلاء من الله يا صديقي ،وعليك الصبر "
"ونعم بالله "
"هيا ادخل وارتاح قليلا "
"حسنا "
قالها بينما يهم بالوقوف والدخول لغرفته ليتسطح على فراشه ،مدد جسده على الفراش واضعا إحدى يديه على جبهته، مغمضا عينيه يسترجع ذكراهما سويا ....

كانوا في الحفل السنوي لشركته ، يستقبل رجال الأعمال، بينما هي كانت تقف مع والديه تشاكسهما ..
"هيا عمى أمسك يد عمتي وتقدما لترقصا معا "
قالتها وهى تشير بيدها لمنتصف القاعة الخاصة بالحفل ،فيضحك والده "لما لا ترقصين أنت وزوجك فأنتما الشباب "
فتهز رأسها بأسف مصطنع :
"لا لا عمى ،لا تقول هذا الكلام ،أنت ما زلت بشبابك "
لتوجه كلامها لوالدته :"ما رأيك عمتي ؟ ألستما في سن الشباب "
"بالطبع أنا ما زلت شابة ،ولكنه من يرى نفسه عجوز"
فيرد معترضا ،بينما يضرب بيده على مكان قلبه "من هو العجوز ،أنا مازالت بعز شبابي "
"ألم تقل الأن يا عمي ...."
فيقاطعها والده.
"ما الذى قلته ؟ أنا قلت أنكما شباب لكن هذا لا يعنى أنني لم أعد شاب "
"حسنا يا عمي ،استعدا بينما أذهب وأبحث عن ابنك الذى لم يقف دقيقة واحدة معي منذ مجيئنا، هل يرضيكما هذا ؟"
قالتها وهى تتصنع ملامح البؤس ،وتمرر إصبع السبابة على خدها لتمسح دموع وهمية ،،،،ليرد عليها والده ..
"لا بالطبع لا يرضيني ،هيا اذهبى إليه وأحضريه "
تركتهما لتبحث عن زوجها المختفي وسط تلك الحشود ،فهي سعيدة جدا هذه الليلة ،فالليلة الذكرى الرابعة لشركة سراج ،بدأها بنفسه واستطاع اثبات مكانته بين رجال الأعمال ،لتصطدم بأحدهم فجأة فكانت ستقطع على الأرض لكن أسرع بإمساكها من يدها ،لتستمع إلى ذلك الصوت الرجولي :
"أعتذر منك ،لم أقصد "
فتعتدل في وقفتها ،لتنظر له ،فتتسع حدقتيه بصدمة وتتحرك شفاهه معبرا عن كلمة ،لكن لم يصدر صوت لتجيبه أسفة
:"بل أنا الأسفة لم أنتبه لك "
لاحظ سراج ما يحدث من بعيد فاعتذر من الأشخاص الواقف معهم ،وتقدم تجاههما ،عندما وصل إليها ،أحاط كتفيها بذراعه وقربها منه فنظرت له مبتسمة مؤنبة وقد نست من يقف أمامهما :
"أخيرا تذكرتني "
"لا لم أتذكرك ،فأنا لم أنساك من الأساس "
فينتبها على صوت نحنحة من أحدهم :
نظر سراج له ،ثم انفرجت شفتيه عن بسمة دبلوماسية  ،ومد يده مصافحا ليرحب به :
"مرحبا سيد شهاب ،شرفتنا بحضورك "
"أومأ له شهاب بينما كانت نظراته على قمر ،لا حظ سراج هذا وتضايق منه ،لعدم احترام حرمته ،انتبه شهاب على نبرة سراج العصبية والذى فشل في إخفائها،
"قمر زوجتي "قالها بينما يشدد على حروفها ،کأنها  رسالة غير مباشرة بأن تبعد نظرك عما يخصني ،فهمها شهاب ولكنه لم يهتم وهو يرد :
"تشرفنا ،آنسة قمر (ليجز سراج على أسنانه بشدة وتشتد نظرات  عينيه  فيستدرك شهاب كلامه ) أسف ،تشرفنا سيدة قمر "
"شكرا لك ،بعد إذنك هل يمكنني الحديث مع زوجي قليلا؟ "
قالتها عندما لاحظت الصراع الصامت بينهما ،فأرادت أن تنهى هذا الحوار ،فأجابها شهاب :
" بالطبع ،أراكما مرة ثانية "
تركهما وغادر وكان سراج مازال على نفس حالته لتحاول تهدئته فتحدثت بصوت هادئ :
"حبيبي "
فيقاطعها بنبرة منفعلة :"لماذا كنتِ تقفين معه ؟"
"لقد اصطدمت به بينما كنت أبحث عنك ، بالرغم من أنك لم تهتم بي منذ جئت ولم أرك "
قالتها بنبرة مؤنبة ،فيحاول تهدئة نفسه :
"ماذا أفعل؟ ألا يجب أن أستقبل الضيوف ؟"
"أعلم لكن لا تنشغل عنى هكذا "
اقترب منها وهمس بأذنها :
"سأعوضك عنها الليلة ،ما رأيك ؟ :
""بالطبع موافقة "
مازال قليل من الوقت على انتهاء الحفلة فانتظريني مع أبى وأمي حتى أنتهى ،
اومأت له برأسها وتركته ،بينما هو عاد إلى الحفل واستقبال باقي الضيوف.
بعد انتهاء الحفل ،استأذن عمها للخروج معها ،فاعترض الأخير :
"الوقت تأخر سراج "
فيطمئنه :"لا تقلق عمى ،هي في عيني  "
فتقاطعهما قمر راجية :
"أرجوك عمى وافق ،ونعدك أن لا نتأخر "
فيتنهد عمها :
"حسنا موافق ،لكن لا تتأخرا "
"لن نتأخر لا تقلق "
اصطحبها سراج معه إلى السيارة ،وسار بها حتى وصلا إلى الشاطئ ،فتح حزام الأمان وطلب منها النزول ،فنزلت هي الاخرى ،دار حول السيارة وأمسك يدها فسألته :
"ماذا سنفعل ؟"
أشار تجاه اليخت الراسي على الشاطئ :
"هيا تعالى معي "
ساعدها في الصعود على اليخت ،فطلب منها ان تغلق عينيها ،ففعلت ما طلب ،ليمسكها من يدها ويساعدها في السير حتى وصلا إلى المكان المحدد، طلب منها أن تفتح عينيها ،ففتحها لتنظر حولها بانبهار  لجمال المكان ،فلقد زينه بالورود والازهار والبالونات ،لتلتفت له لكنها لا تراه حولها بحثت عنه حتى وجدته يدير اليخت ليسير بهما في عرض البحر ،أمسك يدها ليصعد بها لسطح اليخت ،فيمد سراج يده :"هل تسمحين لي بتلك الرقصة "
"هل سنرقص بدون موسيقى؟ "
"وهل هناك أجمل من موسيقى قلبي الذى يتغنى بنغمات وألحان حبى لكِ؟"
فتحت عينيها على أخرها ،فهتفت بإعجاب:
"ما هذه الرومانسية "
"لدي منها الكثير لكنها بحاجة فرصة  للاكتشاف ،ألا تريدين إعطاءها تلك الفرصة؟ "
قالها ويتلاعب بحاجبيه بعبث..
فوكزته بكتفه وحدثته بخجل :"سراج "
ليهتف ببراءة زائفة :"ماذا ؟ ماذا ظننت قمر؟ أنا لم أقصد شئ ،لا أعرف فيما أصبحت  تفكرين ؟"
فترد عليه بحنق "سراج "
لمحت شيئا خلفه فضيقت حاجبيها وتوجهت تجاهه متسائلة  :"ما هذه ؟"
تقدم منها وأزال الغطاء من عليها لتجد لوحة تضم شروق الشمس وبدر الليل وزهور عصافير الجنة موزعة بين الشروق والليل  ،لتهتف بفرحة :
"سراج هل عدت للرسم "
أومأ برأسه لها ،،،،فصفقت بيدها :
"جميلة ،جميلة جدا سراج ،لكنني لم أفهم لما وضعت زهور عصافير الجنة وبالأخص اللون الأزرق "
قالتها وهى تشير إلى عصافير الجنة في اللوحة
"لأنك بهجتي وسعادتي والازرق لأن الوفاء سيظل بيننا أنت لي وأنا لك "
قالها وهو يحيط خصرها ويقربها منه ،بينما هي سرت رعشتها على طول عمودها الفقري وحدثته بينما وجهها يحمر خجلا: "سراج ماذا ستفعل ؟"
"يهمس لها أمام شفتيها :"ألا يمكنني تعويض ليلة عقد القران "
فترفع أحد حاجبيها :"وكم مرة ستعوضها يا سراج "
"إلى أن اكتفى ولا أظن أنني سأكتفى "
فأنزلت رأسها في حياء ليرفع ذقنها  بأطراف أنامله :
"لا تنزلي رأسك ابداً ،اجعلي عينيك مقابلة دائما لعينيي "
مرر يده على طول ذراعها ليمسك كفها ،فيرفعه ويقبل باطن يدها قبلة عميقة ثم انتقل ليقبل باطن رسغها أعلى نبض عرقها ،الذى كان ينبض بقوة وكأنها بسباق ،
ليتعالى صوت رنين هاتفه ،،،،،فزفر سراج بقوة "أتمنى أن أعرف من الذى دعا عليا في هذه الزيجة؟ "بينما هي كانت تحمد الله في سرها فقد جاء الاتصال في الوقت المناسب لها فهي تعلم تأثيره عليها جيداً، فيمسك هاتفه ليجد عمها وهو من يرن عليه فينظر لقمر بنصف عين ويمط شفتيه بامتعاض :"يبدو أن زوجة عمك وعمك متفقين معا علىّ ،دائما ما يأتون في الوقت الأهم "
"هيا رد "
أجاب سراج على الهاتف ،ليأتيه صوت أمجد:
"سراج هيا أرجع قمر "
"لم نمضى سوى ما يقل عن  ساعة  معا "
لا يهم ،خذها في وقت أخر، وإذا تأخرت عن عشر دقائق لن تراها ليوم زفافكما "
ليتعالى صوت سراج مستنكرا :"ماذا ؟ لن أراها ليوم الزفاف إذا لم تحضر في خلال عشر دقائق ،عمى إنها زوجتي بحق الله "
"لا تنسى أنني المسئول عنها ليوم الزفاف هيا أسرع "
ثم أغلق هاتفه  ،،،لينظر سراج للهاتف في يده ثم يعيد نظره لقمر :"هل يعجبك هذا ؟ ارأفي بحالتي ودعينا نعجل بالزواج ،هل سأنتظر خمسة أشهر اخرى؟"
"أنتما من اتفقتما على ذلك منذ البداية "
"الأن نحن من اتفقنا على ذلك ، بالله عليك ألا تريدين تعجيل الزفاف! "
حاولت تغيير الموضوع "حبيبي لقد مرت دقيقتين على العشر دقائق وإذا لم تعد سريعاً يبدو أنك لن تراني لبعد الزفاف أيضاً"
ابتسم لها بسماجة قائلا  :"الأن عرفت من الذى دعا عليا في هذه الزيجة "
اتسعت عينيها وسألته بلهفة :
"من؟ "
"أنت وعائلتك  " قالها بينما ينزل إلى غرفة التحكم باليخت ليعيدها  بينما هي ترفع إصبعي السبابة والوسطى تحك جبهتها بحيرة  "كيف أنا ؟"
سمعته ينادى عليها فاستدركت :"قادمة !"
وصلا الاثنان إلى الشاطئ ،ليحيط خصرها ويساعدها في النزول ،ركبا السيارة وأوصلها إلى منزلها وسلمها إلى عمها وغادر.
عاد إلى منزله ،ليجد ضوء المكتب مازال مفتوحاً ،فتقدم منه وطرق الباب ودخل ليجد والده ينظر إلى الأوراق في يده بامتعاض وعدم رضا ،فألقى عليه التحية :
السلام عليكم أبى"
"سلام الله عليك بنى "
فسأله مستفسراً :"لماذا انت مستيقظ إلى الأن؟ "
"تعال بنى أريدك في أمر هام "
تقدم من والده وجلس على المقعد المقابل له، تنهد والده قليلا ثم زفر الهواء من صدره ليبدأ الحديث بينما يوليه كامل انتباهه :
"اسمع بنى ،أنت تعلم أن هناك شراكة بيني وبين شركة معك نور الدين
والد قمر ،عندما  احتاج إلى مساعدة لكنني تركت له إدارة العمل ،لأنني ساعدته بنية الصداقة وليس للمشاركة نفسها "
أومأ برأسه بهدوء :
"اجل أبى ،وماذا في ذلك "
"سأكمل حديثي فهو هام،  كثير من الصفقات والمناقصات  التي كانت مضمون نجاحها للشركة أصبحت تأخذها شركة أخرى جديدة ولا نعرف ملك من ،في البداية قلنا أنه اجتهاد منها وخاصة أنها كانت على فترات متباعدة ،أما الأن تكرر الموضوع كثيرا ،والمشكلة أن الفرق بيننا لا يذكر كأن هذه الشركة على علم بأرقام مناقصتنا لذلك أريدك أن تبحث في الأمر ،لا أعرف كيف أمجد يسكت على هذه الخسارة ؟، أنا لست قلقا على مالي فهو منذ البداية أعطيه لصديقي إنما قلق على مال تلك اليتيمة ،فهذا مالها مع أنني لست وصى عليها ،إلا أنني يجب عليا الاهتمام بها ،فهي ابنة صديقي المقرب رحمه الله ووعدته أن أهتم بها طول حياتي "
"لا تقلق أبى ،سأبحث في الأمر وسأعرف السبب بإذن الله "
قام والده من مكانه ليقف سراج بدوره ،فدار حول المكتب ووضع يده على كتف ولده :"بارك الله فيك بنى ،هذا مال اليتيم ويجب المحافظة عليه "
"سأبدأ بالبحث في الموضوع بإذن الله ، لكن أريد منك يا أبى كل المعلومات عن المناقصات والصفقات السابقة وما تعرفه عن تلك الشركة "
ظهر علامات الأسف على وجه والده وهز رأسه بأسف :
"لا أعرف الكثير من المعلومات عن تلك الشركة ،ولا نعرف اسم صاحبها ولا أفهم كيف يتم التكتم عن الاسم؟، ففي عالم الأعمال معرفة أسهل الأمور، وهذا هو ما يقلقني "
"لا تقلق أبى ،بإذن الله خيراً"
"إن شاء الله "

ذكرى ضائعة بين اروقة القلبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن