الفصل الثالث

1.6K 25 1
                                    

الفصل الثالث ذكرى ضائعة بين اروقة القلب

رفعت راسها سريعا إليه ،هل ما سمعته حقيقة أم انها تتوهم؟! ،لتجده يؤكد لها طلبه
"فلنتزوج قمر "
ردت عليه محاولة استيعاب ما يقوله :"ماذا؟! نتزوج؟"
أومئ برأسه مؤكدا سؤالها :"نعم نتزوج "
فتهز رأسها نافية ،ويعلو صوتها للمرة الأولى منذ دخولها :
"كيف هذا بالله عليك ؟وماذا كنت أخبرك الأن ؟هل كنت أحدث نفسى؟"
اقترب منها ممسكا كتفيها ،حاولت الابتعاد عنه ،لكنه شدد عليها مانعا أي محاولة منها للابتعاد :
"نعم نتزوج ،أنت دائما تضعين ألافا من الحواجز بيننا ،لذلك يجب ان نتزوج ،لنتقرب من بعضنا ،لأن بطريقتك تلك سنفترق أكثر وأكثر ،،( ليسكت قليلا ،ليستكمل متسائلا)
"ما رأيك؟"
أجابته كالتائهة ،فهي الأن وسط صراع القلب والعقل ،فالقلب يحثها على الرفض ، بينما العقل يشجعها على ذلك "لا أعلم "
"إذا فلنعقد قراننا فقط ،حتى تبدئي بالتعود "
"سأفكر في الأمر أولا "
"لك ذلك "
قاطع حديثهم صوت طرقات على الباب ،ثم دخول أمال :
"هيا عزيزاي ،الفطور أصبح جاهزا"
أومأ لها :
"حسنا ،نحن قادمان "
لتتركهم وتغادر ،بينما أشار شهاب بيده للأمام :
"هيا،، تفضلي"
تقدمت أمامه بينما سار خلفها حتى وصلا الى غرفة الطعام ،التي تتميز في شكلها ،فهي تتميز بأرضيات من *الباركيه* البنى الداكن الذى امتزج مع لون الجدران الهادئ مع لمسة من الأثاث الكلاسيكي الفخم ،ليأتي اللون الأخضر مع بعض الديكورات ليبرز جمال غرفة السفرة وتصميمها ،،،،،تقدم منهم أمجد ،وجلس في مكانه بعد أن ألقى عليهم التحية ،ورحب بشهاب :
"كيف حالك شهاب ؟لقد أنرت البيت "
"بخير ، شكرا على سؤالك سيد أمجد"
بدأ الجميع بتناول الطعام باستثناء قمر التي كانت تلعب بطبقها دون ان تضع شئ في جوفها ،فحدثها أمجد متسائلا:
"ما بك عزيزتي ؟لما لا تأكلين؟!
رفعت نظرها إليه ،ثم هزت رأسها نافية:
"لا شئ عمى"
فأجابه شهاب... "إنها تفكر في طلبي"
عقد أمجد بين حاجبيه …ثم تساءل :
"أى طلب ؟!"
ليجيبه  بهدوء :
"لقد عرضت عليها أن نعقد قراننا "
شحبت ملامح أمجد واهتزت حدقتيه ،لكنه تمالك نفسه سريعا قبل أن يتنبه إليه أحد :
"ماذا؟ كيف هذا "
ترك شهاب ملعقته واعتدل في جلسته لينظر باتجاهه:
"كيف يكون عقد القران سيد أمجد؟ ،أشعر انك ترفض ارتباطي بها "
"بالطبع لا ،لا أرفض ارتباطكما ،ولكنني عمها وكان يجب عليك أخذ رائي قبلها ،هذه هي الأصول ،أم أنا مخطئ في كلامي؟ "
"معك حق ،كان يجب ان أخبرك قبلا ،لكنني أردت ان نتقرب من بعضنا اكثر ،ووجدت أن عقد القران أفضل طريقة في الوقت الحالي "
"بما أنك عرضت عليها ،لما لا نسمع جوابها أولا(ليوجه الجميع نظره تجاهها بينما يكمل أمجد حديثه )ما رأيك عزيزتي قمر في طلب شهاب "
رفعت نظرها إليهم ،بينما تجيبهما :
"ما زلت أفكر في الموضوع ،لن أعطى رائي الأن "
ثم تركت ملعقتها ،وهمت بالوقوف بينما تستأذن منهم :
"عن إذنكم ،سأصعد إلى غرفتي "
راقب الجميع رحيلها ،ليقف أيضا شهاب ويستأذن منهم
:"عن إذنكم أنا أيضا ،فأمامي الكثير من الأعمال، علي إنجازها."
صافحه أمجد :"تفضل  ،سأوصلك إلى السيارة"
ليهز راسه نافيا :
"ليس هناك داعى ،فأنا لست غريب عن هذا البيت "
"بالطبع انت منا وفينا شهاب "
لم يتبقى أحد سوى أمجد وزوجته أمال، التي تقدمت منه ،ووقفت أمامه متسائلة:
"ما بك لما توترت هكذا عندما اخبرك بالأمر؟ ونحن من كنا نتمنى حدوث ذلك "
"أعلم أننا نتمنى حدوث ذلك ولكن ألم تفكري في طلاقها ،فورقتها لم تصل بعد "
ضمت ذراعيها أمام صدرها بينما تنظر في عينيه وتحدثه بوقاحة :
"هل تعلم شئ أمجد؟ أحيانا أشك أنك من قمت ببناء تلك الإمبراطورية ،حين تسأل أسئلة سخفيه كتلك "
فهدر بها بعنف :
"أمال الزمي حدودك ، ولا تنسي مع من تتحدثين! "
فحدثته بنبرة ساخرة :"حسنا لن أنسى يا زوجي العزيز ،سأخبرك أيضا بالحل لترى طيبة قلبي ،الحل بسيط جدا بإمكانك الذهاب الى المحكمة والحصول على ورقة الطلاق ،فلقد مرة فترة على طلاقهما ولابد ان الورقة تم توثيقها ،فأنت متأكد انه طلقها ،أليس كذلك؟"
"بالطبع تأكدت من ذلك "
"إذا ارسل من يحضرها "ثم تركته وغادرت لتسمع صوته مناديا لها :
"أمال ،أين ستذهبين ؟"
لتجيبه دون أن التفت اليه ،ببنما تكمل صعودها :
"سأتجهز لأذهب إلى مركز التسوق "
بينما هو يتمتم "ألن أنتهى من هذا الأمر "
...........
يجلس في مكتبه شارد الذهن ،بينما تظهر ابتسامة خفيفة على شفتيه ،يسند رأسه على الكرسي ،يمر أمام عينيه شريط ذكرياته ،عندما كان في الثالثة عشر من عمره حيث قرر أبيه اصطحابه معه لزيارة أحد اصدقائه المقربين ،والذى كان يحبه بشدة لطيبة قلبه ،ولكنها المرة الأولى التى سيذهب فيها إلى منزله ،وصل مع والده الى منزل صديقه، فوقف معه عندما استوقفه العم محمد البستاني مرحبا بهم بشدة ،ظلت عيناه تستكشف المكان من حوله حتى استوقفه مشهد تلك الطفلة الصغيرة التي كانت تعطيهم ظهرها وتلعب مع الحمام والعصافير المحلقة عبر الحديقة ......
فترك والده وتقدم نحوها:
ليسمع حديثها مع الطيور بنبرتها الطفولية :
"ما هذا ؟لما لا تأكلون ؟"
"سيخفن منك هكذا ويطرن عاليا "قالها بينما يلوح بيده في الهواء
استدارت إليه ليراها بذلك القميص الوردي والذى عليه صورة لأحد الافلام الكرتونية الشهيرة وسروال من الجينز يصل الى منتصف ركبتيها ،بينما تنظر إليه بشفتيها المزمومتان دليل على استياءها لتنفرج شفتيها محدثة إياه متسائلة :
"ماذا تقصد؟"
فتقدم منها بضعة خطوات:
"أقصد ان بتلك الطريقة التي تحاولين إطعامها ،سيخفن منك ويطرن "
"كيف أفعلها إذا؟"
"هكذا"
قالها بينما يأخذ منها الحبوب، ويبدأ في إطعامهم ،بينما تنظر اليه بتركيز كأنه يقوم بأحد التجارب المعملية وليس مجرد إطعامهم ،،،،
"تأخذين كمية مناسبة من الحبوب ،ثم ترميها بالقرب منهم لكن بهدوء حسنا"
اومأت برأسها، فأعطاها كمية من الحبوب،،
" هيا ،افعلي كما كنت أفعل "
فعلت مثلما فعل ،فوجدت أن تلك الحمامات تتجمع حولها، وتبدأ في تناول حبوبها ،، علت البسمة شفتيها ،ونظرت إليه مبتسمة ليرى تألق ولمعة الفضة في عينيها ،،،
"لقد فعلتها "
قالتها بينما تقفز في مكانها ،علت صوت ضحكته على حركاتها ،،،"اهدئي ،ستطير هكذا "
توقفت عن القفز ،لتنظر له وهى تشير عليه بيدها الصغيرة،،فتسأله  "صحيح من أنت "
علت ضحكته ثانية "الآن تذكرتِ السؤال عن من أكون؟"
فتعبس ملامحها "لما تضحك هكذا ؟ هل ستخبرني من أنت ام لا؟ "
فيبدأ في  مشاكستها "وإذا لم أخبرك ،،ماذا ستفعلين؟"
رفعت اصبع سبابتها الى شفتيها بينما تضم باقي أصابعها كناية على تفكيرها ثم ضحكت ملامحها فجأة ورفعت يديها إلى أعلى حين توصلت الى حلها :
"سأخبر أبى "
فيرفع احدى حاجبيه :"حقا!،،و بما ستخبرينه؟"
"سأخبره أن هناك شخص غريب دخل إلى المنزل ولا نعرف من هو! ،لكن لن أجعله يطردك ،فأنت ساعدتني "
"حسنا ،،اذا أخبرتني عن اسمك ،سأخبرك عن اسمى "
"قمر "
"و أنا سراج"
"كيف دخلت إلى هنا؟"
أشار إلى والده الذى ما زال يتحدث مع العم محمد :"لقد جئت مع أبى "
فنظرت تجاه من أشار اليه ،فتنادى بصوت عال سعيد:
"عم أدهم "
جرت اليه ،بينما نظر إليها المعنى بالنداء ،ليبتسم لها ،وينزل على ركبتيه ،فاتحا ذراعيه لها ،فارتمت في أحضانه ،وقبلت خده :
"كيف حالك صغيرتي ؟"
"بخير ،لقد اشتقت إليك كثيرا ،فأنا لم أراك منذ مدة طويلة "
"وأنا  اشتقت إليك كثيرا، أين والدك ؟
أجابته بينما تشير تجاه غرفة المكتب :في المكتب
"حسنا ،،سوف اذهب لأراه "
ثم التفت حول نفسه "أين سراج" تقدم منه سراج "أنا هنا أبى"
وضع يده على كتفه، بينما يشير تجاه قمر :
"تعال بنى لأعرفك على قمر "
فتقاطعه قمر :"لقد تعرفت عليه ،وساعدني  في إطعام الحمام "
"حقا ! هذا جيد ،إذا صرتما أصدقاء ،سأترككما معا قليلا حتى أرى صديقي ،حسنا "
تحدثا الاثنان مرة واحد :"حسنا"
بعد رحيله ،ظل الاثنان يلعبان ويتحدثان معا،،،،،،
وهكذا تمر الشهور والسنين ،ليكونا اعز صديقين، معظم الوقت يقضيانه سويا ،لتمر مراحل الطفولة بنقائها ومرحها وبراءتها ،لتأتى تلك المرحلة الحرجة ،مرحلة التغيير الجذري ،مرحلة يمر بها الإنسان حيث تحدث له جميع التغيرات سواء جسمية أو نفسية أو اجتماعية أو انفعالية أو فكرية ،مرحلة تحتاج لمراعاة واهتمام وتوجيه فعلى أساسها تبنى الشخصية ،ويعتمد عليها باقي مراحل الحياة ،إنها مرحلة المراهقة

ذكرى ضائعة بين اروقة القلبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن