3

192 23 157
                                    


الغريب من الحقول المجاورة



كان الصباح هادئًا دائمًا، ذلك الطريق الذي يبتعد عن ضجة القرية قليلًا، ويقترب من ضجة المدرسة، ندرت تلك اللحظات التي يتصل فيها الضجيج، مثل الآن.. كان حوار صاخب يعلو من مكان قريب، ثم ما لبث أن رأى ريجينالد وأصدقائه في الأفق، كان ريجي أصغرهم عمرًا وأقصرهم طولًا، بالكاد تراه، وتطايرت أجزاء ذلك الحديث إليه، الأسبوع الماضي.. والعقاب الذي ناله الفتى، كان قد دفع ثمن مشاكساته مرة واحدة، وبالرغم من كونه محور الحديث بطريقة ما، إلا أن أحدًا انتبه إليه وهو يعبر من جانبهم.. فقط ريجي، الذي التقت عيناه بعيني ماثيو.. محدقًا.

ومع أن قضية الأسبوع الفائت تعد بانتقام ما، إلا أن شيئًا لم يحدث قط، لا في المدرسة.. ولا في طريق عودة ماثيو إلى منزله في منتصف اليوم، كان الطعام جاهزًا آنذاك، فجلس لتناوله.

«سأذهب لأرسل رسالة إلى السيدة جانيت، علي شكرها.. وأريد منك أخذ تلك الثياب إلى عائلة جونز، وتفادى الشجار مع ريجينالد.» قالت وهي تنهض عن المائدة، ثم أكملت بصيغة مؤكدة: «ما دام الأمر لا يستحق..».

كانت المهمة مزعجة، لكنه في النهاية قد حصل على تصريح صريح في صالحه، طرق باب منزلهم الخشبي، وفتحت السيدة له، كانت السيدة جونز الأكثر ودًا في هذا المنزل، وينبثق من وجهها الدفء.

«أشكر الآنسة آشوريا بالنيابة عني، سمعت ماذا حدث بينك وبين الشقي ريجينالد، إنه ليس مفيدًا كأشقائه لكنه يبقى ولدا طيبًا..» ثم صمتت قليلًا قبل أن تتابع: «قبل أن ترحل توجه إلى الحقل أن ريجي والأولاد يقطفون التفاح، يمكنك وريجي أخذ بعض التفاح وأكله قبل العودة إلى المدرسة.»

وضع ماثيو يده خلف رقبته محرجًا، «لا يجب عليك هذا، شكرًا جزيلًا لك.»، تورد وجهه وهو يحاول إيجاد عذر للتهرب، لكنه في النهاية سار إلى الحقل مجبرًا، كان كرم السيدة لا يرد، وهناك.. كان أشقاء ريجي في طريقهم إلى المنزل بسلال التفاح، بينما ظل ريجي في الحقل، مستلق أسفل الشجرة، ويأكل من التفاحة التي قطعها، نظر بطرف عينيه إلى ماثيو، وعندما اقترب رمى بتفاحة إليه، ثم لف مقبض السكين باتجاهه لكي يمسكه.

«لقد دعتك والدتي أليس كذلك؟ تناولها، لا ضغينة..» قال ريجينالد، ثم نهض وتابع حديثه: «علينا الذهاب لإرسال سلة التفاح هذه إلى المتجر، أما تلك الصغيرة فهي للآنسة آشوريا.».

«أرسلها لوحدك..» علق ماثيو بسخرية، لكن ريجينالد حمل سلة التفاح الكبيرة، وسار إلى الأمام وهو يبرر الأمر: «إنها لكم في النهاية، لازلت لا أطيقك أيها الوغد.».

حمل ماثيو السلة الأصغر، واتجه نحو المنزل، يسبقه ريجي، لم يكن طريق المتجر من هنا، إلا أن وجهتهما كانت واحدة منذ البداية، إذ أنه اعتذر مرة أخرى لآشوريا، كانت آشوريا قد اعتادت مبادرات السيدة جونز الكثيرة، واهتمامها بالحفاظ على علاقتهما الطيبة، لكن.. لم يكن لهما أي يد في علاقة الولدين.

ضحايا المنتصفحيث تعيش القصص. اكتشف الآن