...

58 17 1
                                    


بدايات الشتاء، والحزن الموسمي، والضباب الذي يحاول خنقك، تشعر وكأن كل الأشياء لا تعني شيئًا، دفاترك المرمية وألوانك المشتتة والأوراق الهرمة، كلها تنظر إليك عاتبةً هجرانك.
صداع نسيت سببه، وليلٌ مدلهم برقت نجومه، صوت أمك ينادي من البعيد ويردد الصدى بأنها ذاهبة للبحث عن طفلها الصغير. ثم يعم الصمت، وينتشر الفراغ في البيت الصغير.

تتذكر نبتتك الضعيفة في فناء المنزل وتهم بسقيها، تسكب الماء وتسمع دبيبًا وعويلًا، فترمي الإناء ظنًا بأن مصدر الصوت العجيب منه، لكن الصياح يكثر، ينقبض قلبك وتدعو الله ليكذب خيالاتك، فتسمع صوتها بأن رجلًا طيبًا في الحي قد مات بحادثٍ أليم. فتطمئن وتحمد الله وتترحم على المرحوم.
سيمر هذا اليوم، سيمر رغم طول هذا الليل، تعود للسرير وتتحضن البطانية وتحاول النوم، لكن أحداث اليوم تتكرر، والصراخ أشد صخبًا في كل مرة، رأسك سينفجر، لكن معدتك استسلمت أولًا واستفرغت ما لم تهضمه من الأحداث وبكيت أنت.
إنها الحياة بحلوها ومرها، لم تتغير قط، لكنه أثر عنصر المفاجأة...

ثلاثُ نِقاط.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن