الفصل الخامس

212 15 1
                                    

بعد ان مَرّت ثلاثة أيام من التحدي و أنا أسأل نفسي هل الكوابيس التي أراها هي أحلام ايضاً؟ ام هذا يعد ظُلماً لأسم الأحلام؟

أرىٰ الأحلام كـكِذبة أخترعها العقل، فلا يُمكن لأحدٍ أن يسقط من جبلٍ ولا يموت... و لا يُمكن لأحدٍ أن يقف على نجمة!... و لا يُمكن لأحدٍ مات مُنذ سنين أن يعود ليموت مُجدداً في حلم... الأحلام فكرة مرّت في أذهاننا ذات يوم... الأحلام هي كوابيس عقولنا.

كُنّا جالسان أنا و سعيد قرب النافذة الُمطلّة على الجزيرة، نظر سعيد إلى الساعة المُعلّقة على جدران كوخنا الكئيب و قال:
- لو كُنت أحلم فمُنذ متى و أنا أحلم يا تُرىٰ؟ مُنذ أن تركتني حبيبتي في ذلك المطعم؟ تخيلي يا تَرف لو كان ذلك حُلماً و كل ما أتى بعدهُ حلم مستمر إلى يومنا هذا! تخيلي لو كُنّا الآن داخل حلم!.. عِندما أستيقظ سأجدها تنتظر مني أتصال لِنذهب و نشتري اثاث شقتنا الجديدة، كُنّا سنتزوج الخميس القادم! حقاً كم أتمنى أن يكون ما أعيشهُ حُلماً.

أقترب مُهنّد منّا و جلس بجانب سعيد ثم أستدرك بـحماس :
- لو كُنّا في حلم حقاً، عندما تستيقظ يا سعيد ستدعو حبيبتك لذلك العشاء الذي جهّزته لها في يوم ميلادها... و لكن ستعكس الأدوار! سـترتدي أنت بدلة أنيقة و ربطة عنق سوداء و عطرٍ رجالي تختنق رئتاها بهِ، ثم ستجلس في أحدى زوايا المطعم و تضع أمامك كعكة صغيرة عليها شمعة برقمٍ يفوق عمر حبيبتك بسنتين...

سألهُ سعيد مُستغرباً:
- لِماذا أضع رقماً اكبر من عمرها بسنتين؟!

أجاب مُهنّد :
- لأن النساء أكثر ما يُخيفهم هو التقدم في العمر، حّتى تتمكن من إغاضتها يجب عليك ان تفعل ذلك، وعندما تَسألكَ ستقول لها "آسف حبيبتي لم أنتبه"... ثُم تدعوها للرقص معك يا سعيد، و اثناء ذلك ستنظر إلى عينيها و بـبرودٍ شديد و نظرةٍ خالية من المشاعر ستقول لها "أنا لم أعد أرغب بكِ" ثُم تترك يديها و تخرج ببطىءٍ من ذلك المطعم و لن تنظر وراءك ما حييت... هكذا ستكون يا سعيد قد أنتقمتَ منها قبل أن تُأذيك حتّى.

أذهلني خُبث أفكارهُ! صرختُ:
- يا لك من حقود يا مُهنّد، لماذا كل هذا؟!

أجابني و هو يهرب بعيداً:
- نهايةٌ أفضل لها من أَن يقتلها زوجها! .

نظرتُ لِسعيد قائلة:
- أنت تعرف انهُ مجنون صحيح؟
أجابني:
- قالوا قديماً خذوا الحِكمة من أفواه المجانين.
أستدركتُ مُستهزئة:
- مخبل ياخذ حِكمة من مخبل!...

خرجتُ إلى الشاطىء و جلستُ تحت تلك الشجرة مُجدداً، كان الجو مُرعب حيث الهواء عالٍ و الأمواج ترتطم بصخور الشاطىء بقوة كبيرة...
جلستُ هُناك حتّى غروب الشمس، بعد ساعاتٍ من الصمت الرهيب والخيال الذي سافر لـعوالِم لا حدود لها... غفوت، غفوتُ على جذع تلك الشجرة و لا أعلم كم من الوقت أستغرقتُ في النوم.
أستيقظتُ على صوت الرعد المُرعب، و المطر الذي أغرق أوراق دفتري... كان المطر غزيراً و الرياح تعصِفُ مياه المحيط فتجعلهُا غاضبة،هائجة، تضرب الشاطىء بقسوة...
أول فكرة جاءت في ذهني هي أصدقائي سعيد و ديما و مُهنّد، إنهم يخافون المطر!
أسرعتُ راكضة إلى الكوخ لِألحق بما تبقّى منهم...
دخلتُ إلى الكوخ و إذا هُم جالسين بهدوءٍ مُخيف، يمسك كُل واحدٍ منهم دفترهُ و هم هائمين بالكتابة!... نظرتُ عبر النافذة، كان الجو صافياً و النجوم كثيفة في السماء!
لا يوجد مطراً و لا رعداً!
تشابكتْ أفكاري و عاد السواد لعينيّ...

فوبيا المطرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن