منذ أن علمتُ انه التحدّي الأخير و النهاية قد أقتربت بدأتُ أنظر لكل واحد منهم بنظرة مختلفة.
لأول مرّة أشعر ان ديما طيبة القلب و بحاجة إلى شخصٍ يخرجها من حزنها و مأساتها.
سعيد المجنون رُبما ندمه شفيعٌ له عند الله، فقد قال ابي يوماً " نحن البشر مهما نقسو و نظلم فهُناك ربٌ ينتظر منّا العودة إليه و التوبه له"
سعيد كان يحبها رغم الإساءة العظيمة التي فعلها لها.
لم أكن أعلم ان الحب رُبما يكون لعنة صاحبه!
قال لي سعيد ذات يوم:
- أريد أن أنسى.
سألته:
- و لِمَ لا تدعو الله؟
قال:
- أخشى أن يستجيب...أما مُهنّد، كُنت دائماً أرىٰ نفسي فيه، يُشبهني في كبريائه، وفي ردات فعله اللا متوقعة...
يوافقني في أن هذا العالم مُطلق، معدوم المنطق، فكُل شيء فيه متوقع الحدوث، من كان يؤمن أن الحديد سيطير يوماً، و أن الأنسان يُمكن أن يصل إلى القمر، لابد أنها كانت أفكار غير منطقية في زمنٍ ما... لذا فأن المنطق كلمة أخترعها العاجزون.في اليوم الأخير من التحدّي قررنا ان نُحضّر عشاء الليلة سويةً، كان المطبخ مزدحماً فكُل واحدٍ منا سيطبخ أكلة شهيرة من بلاده، طبختُ "البرياني العراقي" على طريقة والدتي، أمّا ديما فطبخت "المنسف الحلبي" و سعيد قدّم لنا "الفول" على الطريقة المصرية، أما مُهنّد كان فاشل في الطبخ ألّا انهُ حاول أن يطبخ "الكبسة" السعودية...
جهّزنا مائدة الطعام و أرتدى كُل واحدٍ منّا أجمل ثيابه،
حضر السيد محمد على العشاء، والذي جعلناه الحكم بيننا ليقرر من كان أفضل في الطبخ، بعد أن تذوق جميع الآكلات قال :
- كفاكم عنصرية بين الرجال والنساء و لِـنتفق أن النساء أفضل.
تعالى صوت ضحكنا أنا وديما بعد نشوة الأنتصار تلك.بعد ان اكملنا العشاء طلب السيد محمد من مُهنّد ان يُغني و طلب مني أن أعزف له على البيانو.
سألت مُهنّد ما الأغنية المُفضلة لديه فقال :
- احبك...
- ماذا؟
- "احبك" لحسين الجسمي...بدأتُ بالعزف و بدأ مُهنّد بالغناء حتّى ملأ الحب جو كوخنا الكئيب و أعطت النار المشتعلة في تلك المدفأة دفءٍ لم تُعطينا أياه يوماً...
قام سعيد وديما ليرقصوا على عزفي و صوت مُهنّد الساحر.
لم أراهم بتلك السعادة من قبل.بعد أن انتهينا كان يجب ان نُقدّم آخر ما كتبناه عن التحدّي الأخير إلى السيد محمد... وهو ذكر ثلاث أسباب تستحق العيش لأجلها.
بدأ مُهنّد :
"اذا كان هُناك سبب يجعلني أعيش فهو تلك الأحلام التي ارى فيها أُمي، ان انقطعت فسيختفي النور من عيني... السبب الثاني هو الموسيقى، السبب الثالث هو ان الأنتحار للضعفاء و انا لستُ ضعيف."أمّا ديما فكتبت :
" تباً للحياة وتباً للأسباب، فالموت هو أجمل شيء يحدث للمرء."
أنت تقرأ
فوبيا المطر
Mystery / Thrillerرواية قصيرة تدور احداثها في جزيرة وسط المحيط ابطالها اربعة شباب كُتّاب مُبتدئين يشتركون في تحدّي للكتابة يكتشفون خلاله إنهم ليسوا اشخاص طبيعيين بل يعانون من أمراض نفسية تعود اسبابها لذكريات الماضي الذي يلاحقهم!