الحديث الثامن _حقوق الوالدين :

22 3 0
                                    

مما لاشك فيه ان القانون البشري العام، النافذ بقدرة خالقه العظيم، يقتضي بأن يولد الانسان قاصرا من جميع الجهات لايملك لنفسه نفعا ولا ضراً. ليس له الا هذا الجسم الغض المهدد بالاخطار، والا هذه النفس الصافية البيضاء الشديدة القابلية للتعليم. وقد انعم الله تعالى على هذا الطفل بالوالدين، وبحبهما واستعدادهما البعيد المدى للتضحية من اجله وتذليل الصعاب في سبيله.

    ومن بين يدي الوالدين ينمو الطفل ويفتح عينيه على الدنيا بخيرها وشرها، ويتلقى منهما اولى معارفه، وركائز عقائده وأسس نظرته للكون والحياة. فكان لابد ان يساهم التشريع، توخيا للتربية الصالحة للولد، وحفظ العلاقة العادلة الصحيحة بينه وبين والديه، ان يساهم التشريع في الحث على طاعة الوالدين لكي يتلقى الفرد منهما كل ما هو حق وصحيح من حقائق العقيدة والمجتمع والكون على مقدار ما يعرفانه من ثقافة ويحتويان عليه من وعي. لكي يكون بذلك مربوطاً بهما متعلقاً باقوالهما، لاجل صيانته، وهو في مقتبل تفكيره، عن الانحراف والتمرد، ولكي يقفا بصلابة ضد ما قد يتعرض له من خطأ أو زلل مما قد يقوده له التيارات المنحرفة والمغريات المضللة الفاسدة.

  وكان لابد للتشريع ايضاً، ان يساهم بالامر ببر الوالدين والاحسان اليهما، جهد الطاقة والمستطاع، فأنهما قد بذلا قصارى جهدهما في سبيل راحة الولد، حينما كانا قادرين وهو صغير عاجز، إذن فمن الحق والعدل ان يبذل الولد جهد طاقته في سبيل راحة والديه وإرضائهما، عندما يكون هو قادراً وهما عاجزين قد بلغا سن الشيخوخة.

   وقد ساهم التشريع الاسلامي العظيم في كلا هذين الجانبين :
إطاعة الوالدين والاحسان اليهما، واعطى تعاليمه العادلة الحكيمة.

     أما بالنسبة الى طاعة الوالدين، فقد اوجها الاسلام في حدود عقائده وواجباته، وندب اليها واستحبها في سائر الموارد. بمعنى ان الوالدين لو امرا بأعتقاد العقيدة الحق في الاسلام، او بالقيام بالواجبات الاسلامية، فان قولهما يكون نافذاً واطاعتهما واجبة الزامية. لأنهما بذلك يبلغان لولدهما احكام انفسهما، فإطاعتهما في ذلك اطاعة للاسلام، فتكون واجبة بوجوده.

ويندرج في ذلك، ما لو أمراه بالابتعاد عن البيئة الفاسدة واصدقاء السوء الذين قد يؤثرون على ايمانه ويشككونه في عقيدته، وهو في مقتبل عمره. أو امراه بالاعراض عن قراءة كتب الدعاية الكافرة اللاإسلامية الداعية الى المبادئ الضالة المنحرفة. فإن اطاعة الوالدين في كل ذلك واجب الزامي في كل مراحل العمر.
واما في ما لايتصل بالاسلام من الامور الاعتيادية التي قد يصدر الوالدان اوامرهما للولد بتنفيذها، فالاسلام وان لم يوجب الطاعة، الا انه حث عليها حثاً شديداً واستحبها استحباباً أكيداً.

    فقد روي عن الامام الصادق "عليه السلام" انه قال:( إن رجلا اتى الى الرسول "صل الله عليه وآله وسلم"، فقال :أوصني قال:لاتشرك بالله شيئاً وان احرقت بالنار وان عذبت، الا وقلبك
مطمئن بالايمان. ووالديك فأطعما وبرهما حيين كانا او ميتين وان امراك ان تخرج من اهلك ومالك فأفعل، فإن ذلك من الإيمان).

الأسرة في الاسلام حيث تعيش القصص. اكتشف الآن