الحديث السادس _صداق الزوجة :

12 2 0
                                    

بعد أن حملنا من احاديثنا السابقة فكرة واضحة عن حقوق الزوج وحقوق الزوجة وواجبات كل منهما تجاه الاخر، وألممنا بما يضعه الاسلام في هذا المجال من تعاليم وأحكام لمي يكفل للزوجين السعادة والخير، لكي تكون هذه الاسرة، مع غيرها من الاسر المسلمة، النواة الاساسية في بناء المجتمع الاسلامي الكبير.

واذا عرفنا ذلك ينفتح الكلام أمامنا سخياً ووافراً، في التكلم عن بعض انواع العلاقات والتصرفات التي تكون بين الزوجين في مبدأ الزواج تارة وفي مستقبل ايامه اخرى. فينفتح الكلام عن المهر وعن وجهة نظر الاسلام في تحديده في مبدأ الزواج. وينفتح الكلام اخرى بلحاظ مستقبل الزواج واستمرار ايامه، عن امكانيات الزوجة ومقدار حقها للعمل خارج البيت في تجارة او صناعة او دراسة. وعن مقدار واجبها في العمل داخل البيت لإدارة شؤون الاسرة وتدبيرها.

وقد فتحنا هذا الحديث للتكلم عن مهر الزوجة او صداقها، محيلين الحديث عن عمل المرأة إلى فرصة اخرى.

والمهر هو مايعينه الزوج لزوجته من مال اثناء انشاء عقد الزوجية. وهو ضروري الوجود فيه، اذ به تكتسب الزوجة حقاً على زوجها ان يعطيها الكمية المعينة من المال لقاء ما يكتسبه هو من الحق عليها في الاستمتاع الجنسي الكامل. فإن اهملا ذكره في العقد، عين لهما الشارع الاسلامي مهر المثل او مهر السنة على ماسيأتي من معناه.

والاساس العام لكمية المهر في نظر الاسلام، هو عدم التحديد، وجواز اتفاق الزوجين المتعاقدين على اي كمية من المهر مما يجوز تملكه في الاسلام. بشرط ان يبذلها الزوج عن طيب نفس، وتستلمها الزوجة عن رضا وتسليم. ومن هنا ورد انه ( ماتراضى عليه الناس) بمعنى انه ما اتفق عليه الزوجان من قليل او كثير.

الا ان هذا الاساس العام لكمية المهر وان كان ثابتاً، الا ان الاسلام طبقاً لفلسفته العامة للحياة، وقف بوجه تيار المغالاة في المهور، وأكد بشدة وعزم على تقليلها وتخفيفها. واعتبر ان من شؤم المرأة غلاء مهرها وعسر ولادتها، وفي رواية اخرى : وعقم رحمها. وكان لابد للاسلام ان يفعل ذلك، لما فيه من انسجام مع ذوقه العام، وإعطاء فرصة اكبر للمجتمع في إطاعة اوامره ونواهيه.

فإنه من الواضح دائما على طول الخط التاريخي الطويل، ان كثرة المهر وكثرة الزواج يتناسبان تناسباً عكسياً ولايمكن ان يجتمعا بحال. فأن زاد المهر قل الزواج وان قل المهر زاد الزواج. بأعتبار ما لكثرة المهر من عسر من التحصيل وتكليف في البذل، لايقدر عليه الاجملة من اهل الثروة واليسار، ومن ثم يبقى اغلب الافراد في المجتمع من متوسطي الحال فما دون، ممن هم في حاجة الى الزواج، يعانون من هذه العقبة الكؤود. على ان قلة المهر تيسر لهم الحصول على المال الازم ومن ثم تفتح امامهم ابوابا واسعة من فرص الزواج.

ولايخفى ما لقلة الزواج من اثار سلبية على نفوس الشباب المتوثبة، المشحونة بالطاقة الجنسية العارمة، وما يسبب لاكثرهم الفساد والانحراف، الامن ترسخت عقيته وقويت  ارادته. وهذا ما لايريده الاسلام ويأبى عن وجوده في المجتمع الاسلامي العادل. ومن هنا امر بتقليل المهور.

الأسرة في الاسلام حيث تعيش القصص. اكتشف الآن