معرفتها أنها إذا لم تكن حذرة فقد تخسر ابن اختها, أعاد إيقاظ كل الحب في قلب لورا له,ودون النظر الى روزا أمضت معظم وقتها معه.
وسافر روبرتو , بعد أن دبّر أمر الدروس لها . وأبلغتها مساعدته أن البرفسور نيرو سيأتي كل يوم ليعطيها درساً من التاسعة صباحاً الى الواحدة بعد الظهر.
بعد الأيام الثلاثة الأولى , شعرت لورا أن روبرتو كان على حق عندما قال ان الدروس المكثفة صعبة عليها.
ولكن عنادها منعها من طلب تخفيف كثافة الدروس . وأبلغتها الكونتيسة أن روبرتو سيتأخر أكثر مما هو متوقع:
-انه لا يتأخر عادة ولكن هناك مشكلة في أحد المصانع ويريد أن يتعامل معها شخصياً, لو أنه يرضى بأن يرعى مصالح أملاكنا واستثماراتنا فقط , ولكنه يحب تحدي التجارة.
ليس صعباً ان تعرف انه مقاتل أكثر من أي شيء آخر وتابعت الكونتيسة:
-عندما يعود ستتمكنين من التحدث معه بالايطالية . البرفسور نيرو يقول انك تتقدمين في دروسك وأعتقد ان هذا عائد لقدرتك في التمثيل
-ربما...لم افكر بهذا من قبل.
- أنت لا تفكرين بنفسك كثيراً, أتوقع منك ان تهتمي بنفسك أكثر, اعني ان تهتمي بنفسك وبمظهرك..اعتقدت أنك بكونك موديلاً يجب أن تحبي الملابس أكثر.
-الأزياء هذه الايام حرة اكثر و اسهل . فهي تعطي المرء مظهراً عادياً.
- كنت أفكر فقط في الملابس , مثلاً انت لا تنظرين إلى نفسك في المرآه ابداً, عندما تمرين , معظمن النساء يفعلن هذا , حتى انا افعل هذا.
وابتسمت لورا:
- سأفعل هذا في المرة القادمة.
وارتاحت لدخول روزا مع الطفل . وقالت الكونتيسة:
- اتركي الطفل معنا , وعودي بعد ساعة لأخذه.
وقالت لورا:
-سآخذه الى غرفته بنفسي.
وأجلست ابن اختها في احد المقاعد, ونظر من حولة وتناول منفضة سكائر فضية , وبدأ فوراً بالعض عليها.
فقالت لورا مداعبة:
- المرة القادمة ستتناول سيجارة.
وأخذت منه المنفضة وأعطته بدلاً منها منديلاً رماه على الأرض فوراً
وقالت الجدة:
-انه بحاجة الى شيء صلب ليعض عليه, كنت اعطي اولادي عظمة من عاج.
ومد جوليو ذراعاه فالتقطته ووضعته على ركبتيها و فأخذ يلعب بالسلسلة التي في رقبتها, ثم حاول الوقوف في حجرها
فقالت الكونتيسة:
- انه يبدو اكبر من عمره ... ولا واحد من اولادي حاول الوقوف قبل بلوغه السنة.
- اعتقد ان هذا عائد للتدريب ..الأطفال هذه الايام يعاملون بطريقة ناضجة اكثر . لقد تلقى طعاماً عادياً عندما كان في الشهر الثامن.
- كان صعباً عليك تربية طفل بمفردك.
- لم يكن هذا سهلاً..
-بعد عشرة ايام من سفر روبرتو الى ميلانو , دخلت جناح الطفل لتجد روبرتو راكعاً قربه وهو ممد على الارض. وتحركت روزا خارجة وتركتهما لوحدهما . وركعت بدورها امام جوليو , وهذا ماجعلها ملتصقة بروبرتو فعادت الى الوقوف
- هل تريدين ان تحمليه؟
- لا ... العب انت معه... سأعود فيما بعد
- ليس هناك مايمنعنا من اللعب معه معاً.
وبقيت حيث هي , فرفع روبرتو الطفل بين ذراعيه , وكأنه معتاد على حمل الأطفال . وأخذت تتفرس في ملامح وجهيهما المتماثلة , حتى التعبير عليهما كان متماثلاً, وكان عليها ان تقاوم رغبة بالابتسام. وبدأ يتحدث الى الصبي , بصوت ناعم وبالايطالية. وضربه الطفل على وجهه ثم دفن وجهه في رقبته.
- انتبه. والا سوف يسيل لعابه عليك.
- عليّ ان اغيِّر ثيابي على كل الاحوال.. لا امانع في ان يلوثني بلعابه..
وأزاحه بلطف ليجد بقعة على قبة قميصه فتابع قوله:
- انه مبتل ايضاً, وهذا غير مريح.
- سأغيِّر له..
وأخذته من بين يدي عمه الى غرفة النوم . وفتشت عن منديل لتغير له.. ودخل روبرتو واتكأ على خزانة الجوارير وأخذ يراقبها وهي تزيل الفوطة المبتلة وتضعها في سلة المهملات قبل ان تضع اخرى ناشفة.
- ألن تضعي له البودرة؟
وفتشت عن العلبة ,ثم ضغطت عليها فخرج منها الكثير وانتشر في الهواء مما جعلها تسعل.
- كان من يمكن ان افعل هذا أفضل منك.
- اليس هناك شيء لا تستطيع ان تفعله؟
-مع أنني احب الأطفال , فلم استطع إنجاب واحد لي.
-انا واثقه لأنك لم تفكر بالأمر جيداً!
وانفجر ضاحكاً , وانزعجت لورا من نفسها لأنها احبت ضحكته هذه.
كيف سيكون الأمر بينهما لو أنها التقته في ظروف عادية؟ ولكنهما ليس مقدراً لهما ان يلتقيا كما المريخ وعطارد المختلفا التكوين . المريخ وعطارد, ماهذه السخرية ؟ ولماذا مر الاسمان في ذهنها ؟أحدهما يعرف بكوكب الحرب والآخر بكوكب الحب .. حسناً هناك حرب اكثر من الحب بينهما...
تلك الليلة تعمدت لورا ان تتأخر عن النزول الى العشاء , آملة ان يكون قد ذهب الى طاولة العشاء قبل نزولها . ولكنها عندما دخلت غرفة الجلوس وجدته واقفاً يتحدث الى امرأة شابة . وما ان راى لورا حتى تقدم نحوها.
- كنت سأرسل احد الخدم بطلبك , لماذا تأخرتي؟
ووضع يده تحت مرفقها , ودهشت لملمس يده الدافئة , وكأنه كان يهرّضها للنار طلباً للدفء.
- أوليفيا.. هذه زوجة شقيقي لورا... لورا هذه اوليفيا جوفاني, صديقة قديمة للعائلة.
وابتسمت اوليفيا ببرود للورا , كانت سمراء داكنة الشعر , اللون العادي لايطالية , مع ان عيناها رماديتان براقتان
- احببت ان احضر الى هنا خلال النهار لارى الطفل... روبرتو يتكلم عنه كثيراً...
- انه عم محب...
تكلمت هكذا بدافع التأدب أكثر من كونه حقيقة , ودهشت لنظرة القلق التي بدت على وجة الفتاة الايطالية. وتساءلت لماذا بدت الغيرة على هذه الفتاة لأن روبرتو يحب ابن اخيه.
- هل تحبين الحياة في روما؟
- لا أعلم ... لم اشاهد الكثير من المدينة.
وتدخلت الكونتيسة قائلة:
- كان روبرتو في ميلانو كل هذا الأسبوع , ولم اشعر بالقوة لأرافق لورا بنفسي. أصبت بنزلة صدرية , وتركت الفراش لتحيتك يوم وصلتي يالورا...
وقالت لورا, وقد فهمت للمرة الاولى لماذا تقضي الكونتيسة معظم وقتها في غرفتها:
-آسفه لم أكن أعرف.
- ولكنني أتحسن ببطء , وسنبدأ نتمتع بوقتنا في الاسبوع القادم.
وقال روبرتو:
-ربما تكون فكرتك عن التمتع مخالفة لفكرة لورا.
فقاطعته لورا:
-سأكون سعيدة بالذهاب الى اي مكان تختاره امك... على كل انا مشغولة كل صباح.
- اه ... اجل ..لقد نسيت الدروس ....زوجة اخي تدرس الايطالية يا اوليفيا.
فابتسمت اوليفيا للورا:
- لا لزوم لهذا... فكل من ستلتقين بهم يحدثون الانكليزية ببراعة.
- ولكنني آمل أن التقي بمن هم اقل حظاً.
وعلمت انها قد أزعجت روبرتو للنظرة التي رمقها بها.
-ماتعنيه زوجة اخي انها تأمل بلقاء الناس العاديين, ليس فقط من هم من المجتمع المخملي في روما . إنها كانت تعمل لكسب رزقها وحياتها تختلف عن نمط حياتك.
وابتسمت اوليفيا وقالت:
-بالنسبة لي العمل من أجل العمل فقط لا معنى له . افضل أن اجعل من رجل ما رجلاً سعيداً أكثر مما افضّل العمل لرئيس يكثر من التذمر.