في الوقت المحدد, كانت لورا مستعدة وتنتظر عودة روبرتو الكونت ماسيني... لم تستطع أن تفكر به كصاحب لقب, ربما السبب أن جوليانو لم يذكره أمامها سوى بكونه ملك من ملوك التجارة. ومع ذلك فمن الغرابة أنه لم يكن يقبل منه المال .
لقد كان جوليانو مزيجاً غريباً ارستقراطي وهاوي فنون, وهاوي سباق السيارات .
اخوه الكبير رجل غريبب أيضاً: فهو يعطي الأنطباع بأنه قاسي, ومع ذلك , أطاع والدته في رغبتها بأن يأتي بحفيدها إلى وطنه . أم أن هذا عائد إلى كبرياء العائلة أكثر من الحب؟ على كل الأحوال , حتى يتزوج وينجب اطفالاً , جوليو هو وريثه الوحيد.
التفكير بالطفل دفعها إلى دخول جناحه . ولكنها اضطربت عندما وجدته فارغاً , ولا أثر لابن اختها فيه ولاللمربية . بسبب وجود من يعتني بالطفل سيكون أمامها وقت فراغ كبير ,
وعلمت أن روبرتو فعل هذا متعمداً على أمل أن يدفعها الملل للتفكير بعالمها ثانية . حسناً..
سيعلم الكونت الجليل, العالي المقام , في وقت قريب أنه مخطئ! وبينما هي تستدير لتخرج ,
دخلت روزا تحمل الطفل:
- قابل الكونتيسة ... بكى كثيراً..
وأبعدت الطفل عنها وأعطته للورا:
- أنت"الماما" .. احمليه..نعم..
وحملت لورا الطفل قريباً من صدرها , وأذهلها مقدار الحب القوي الذي تكنه له .
ودخل روبرتو ماسيني إلى الغرفة:
- أنا مسرور لأنك غيرت ملابسك , ولكن كان من الافضل لو ارتديتِ شيئاً غير محزن كهذا.
- لم أعتقد من المناسب أن أرتدي شيئاً زاهياً.
- لم نعد في حداد على أخي , ولا أحب أن نتذكر أنه مات.
وقالت بغضب:
- ألم يثير وصولي الذكريات بعد؟ كما أن ليس لديك الحق بأن تأخذ الطفل لرؤية جدته من دوني.
- لقد أحببت أن أخفف من الإحراج لأمي. لقاء أول حفيد مؤثر لأية امرأة , وخاصة اذا كان الوالد مات بمأساة . وجودك كان سيزيد الأمر صعوبة عليها.
الكونتيسة , كانت ارستقراطية بكل ما يعطيه الأسم من معنى , طويلة بالبنية للنساء الايطاليات , ولها قامة مستقيمة جعلتها تبدو أطول من حقيقتها . شعرها يخالطه شيب قليل كانت لورا متأكدة أنه صناعي. الوجه نحيل ولكن مزين بشكل جميل.
وحاولت لورا أن لا تتأثر بالعينين السوداوين اللتين تراقبانها , فقطعت الغرفة ومدّت يدها ,
وهي تشعر أن المرأة متعودة على رؤية الناس يحنون لها.
- إذاً انت والدة جوليانو؟
واطرقت لورا رأسها بالإيجاب , وهي تتسائل كالمذنبة . ماذا ستقول هذه المرأة المسيطرة وابنها لوكشفت فجأة عن حقيقتها.
- نعم ..أنا
وتفحصتها المرأة من رأسها إلى قدميها:
- اجلسي , أرجوك آنسة ستيورات .. هل تحبين تناول الشاي أم القهوه؟
- القهوة أفضل.
ولاحظت أن هناك صينية قرب الكونتيسة عليها فنجانين قهوة من الصيني الفاخر وطبق فيه بضع بسكوت . والى جانبها وعاء قهوة شرقي من الفضة . وصبت الكونتيسة القهوة وتقدم ابنها ليقدم القهوة للورا , وأخذ فنجاناً لنفسه وتحرك عائداً إلى حيث كان يقف قرب المدفأة ,
المبنية من الرخام الأبيض والأخضر.
- لقد اتفقنا يا أمي , أن تُعرف الآنسة ستيورات بالسنيورا ماسيني , لأجل جوليانو وأبنه.
- أعلم ما اتفقنا عليه, ولكن من الصعب عليّ أن أقبل...... بأكذوبة.
- إذا من الأفضل لك استخدام لورا.
- أنت محق ياربوبرتو .
والتفتت إلى لورا:
- لونك غير ماتوقعته.
وأشارت بيدها البيضاء المثقلة بالخواتم إلى شعر لورا:
- عندك شعر رائع.. صبغه بالاشقر جريمة!
- وكيف لك أن تتأكدي من ان الأمر ليس بالعكس يا أمي ..
- لا يتطلب الأمر كثيراً من البراعة لجعل امرأه شقراء الشعر. ولكن هذا الون لا ينتمي إلى ماهو صناعي.
- إنه احمر حقيقي!
- ولماذا توقفت عن صبغ شعرك باللون الأشقر؟
- أردت التغيير.
- مثل هذا الشعر هبة من الله.
- أنوي تركه على ماهو عليه الآن . فلا لزوم للقلق.
- هذا جيد .. اعذراني كليكما.. فلدّي بعض المكالمات الهاتفية...سأنضم اليكما وقت العشاء.
وبقيت المرأتان لوحدهما تنظران الى بعضهما . لورا مدركة تماماً الكذبة التي ستعيش فيها من الآن وصاعداً , متسائلة كيف شعرت المرأة المسنة عندما واجهت فتاة , كانت ترفض حتى هذه اللحظات أن تعترف بها.
وقالت الكونتيسة:
-أعتقد أنك تظنين أنني وابني كنا قاسيين معك.