البارت الاول

65 1 1
                                    

الهدوء ثقيل اللهم إلا من أصوات خافتة لاحتكاك الاوراق وصرير الأقلام: ما هذه الورقة الخرقاء القابعة أمامي؟؟الجميع من حولي يكتب ويفكر إلا أنا، طبعاً و من أين لي التفكير وقد قضيت ليلة أمس مهووسة بالعقاب الظالم الذي انهال به والدي علي إن لم أنجح وأوفق بالامتحان؟؟معنى ذلك أن هذه المادة هي الثانية على قائمة الرسوب...! وصوت الجرس.....!!!
_ ورقتكِ لو سمحتِ..
_ لحظة من فضلك... لم... أكتب شيئاً...
وسحبت الورقة مني وكأن دموعي ستؤثر في المراقبة لتعطف علي وعلى مستقبلي المهدد...!!
عدتُ إلى المنزل وأنا خائفة من ردة فعلي والديَّ بعد رسوبي في مادتين في الاختبارات النهائية، رغم أنني سأُعيد ألإمتحان بهاتين المادتين مرة أخرى الأ أنني خائفة كثيراً لأنهما يريداني أن أتزوج فهم لا يحبون الدراسة كثيراً مثلهم كـمثل أي شخص نشأ و ترعرع بالريف رغم أننا انتقلنا الى العاصمة قبل ثلاث سنوات ، ماذا سأفعل ياترى؟ ساعدني يا رب.. دَخلتُ إلى البيت بهدوء علهم لا يشعرون بي، دلفتُ إلى صالة المنزل لأجد والدي جالسان على الاريكة مكتفين ينتظران أن أعطيهما النتيجة، سحب أبي الورقة من يدي وقرأ النتائج ثم أنهال عليَّ بكم هائل من الشتائم والإهانات، إكتفيت بالسكوت فقط ، أنه فقط يريد توبيخي و تزويجي بأي طريقة متجاهلاً حلمي في أن أكون موظفة سياحية لأُعرف الناس عن تراثنا و آثارنا و تاريخنا الجميل، لكن مشكلتي كانت في مادة الرياضيات التي لا أفهم شيء بها و مادة الأقتصاد ، واصل أبي صراخه وقال أخيراً: لقد حذرتكِ مراراً واخبرتكِ أن لم تنجحي فسأزوجكِ وهذا ماسأفعله بالتأكيد، أنتِ لاتنفعين في شيء سوى الخدمة وتربية الاطفال.
_لكن يا أبي أنا سَأعيد الأمتحان في الدور الثاني و أعدك بأنني سأنجح.
_أذهبي الأن الى غرفتكِ ولن تخرجي من المنزل ، ولن تتصلي باحدٍ أيضاً،هذا عقابكِ في الوقت الحالي و لاحقاً عندنا أنسق امر زواجكِ مع أبن صديقي سأنظر في أمركِ، إكتفت أمي بهز رأسها موافقةً على كلام أبي.. ثم أخذ هاتفي مني و أوصى أمي بعدم السماح لي بالخروج، و غادر المنزل، بقيتُ في الغرفة أبكي على حظي العاثر، وقررت الهرب، أجل أنا لن اتزوج و سأقوم بأعادة الأمتحانات و سأنجح ، سوف أهرب الى بيت خالي ، وسأبقى مع كاي وتارا أولاد خالي، سأخذ كتبي معي و أدع كاي يُدرسني مادة الرياضيات و لكنني لن أخبرهم بأنني هربت هكذا أفضل حتى لو علمَ والدي بذلك خالي سيدافع عني، كانت أمي في غرفتها حين أستغللت الفرصة ووضعت قليلاً من الثياب والمال والاشياء التي ربما أحتاجها، ثم خرجتُ بكل هدوء دون أن يشعر أحد بي، وتوجهت الى محطة القطار وأستقطعت تذكرة لأسافر الى الريف، المكان الذي تسكن فيه عائلة خالي ، وصلتُ وتوجهت الى بيتهم ووجدت كاي أبن خالي الاكبر يدخل تواً الى المنزل: صرخت: كاااي توقف لاتغلق الباب.
_نايا!! متى أتيتِ؟
_وصلتُ تواً.
_أين عمتي و والدكِ؟!
_أوصلوني للمحطة و رجعوا للمنزل فهما مشغولان.
_تفضلي بالدخول نايا.. دخلا الى المنزل، والدة كاي وأخته الصغرى تارا رحبن بها ترحيباً لائقاً ثم جلس الثلاثي ليتحدثوا:
كاي: الم تقولي أنكِ لم تأتي هذه العطلة الينا؟ لم تستطيعي منع نفسك اليس كذلك؟
نايا: قلت أني لن آتِ اذا رسبت...
كاي: اذاً فقد نجحتِ !! مبارك لكِ.
تارا: مبارك نايا.
نايا: شكراً لكما..
نايا في ربيعها الثامن عشر، طالبة ثانوية المرحلة الاخيرة، بيضاء البشرة، و متوسطة الطول، عيناها بنيتان و شعرها مجعد  بُني اللون متوسط الطول.. أما كاي عمره عشرون عاماً، طالب جامعة قسم علم النفس، طويل القامة، ذو شعر فاحم السواد و عيناه بنيتان، وسيم، مفتول العضلات يبدو أكبر من عمره.. أما تارا، طالبة متوسطة، عمرها 14 عاماً، متوسطة الطول والجمال، هادئة و محبة للطبيعة..
في الجانب الآخر، عادَ والد نايا الى البيت وشعرَ بهدوء غريب وقرر الذهاب الى غرفة نايا ليتأكد انها لاتزال فيها، دخل وجن جنونه عندما لم يجدها، ذهب الى زوجته وتشاجر معها ثم خرج يبحث عنها، فكر في أنها قد تذهب الى أحد أقربائهم ، بحث كثيراً حتى حل الليل، وقرر أخيراً أن  يتصل بخال نايا ليتأكد أن نايا لم تذهب اليهم، ولكن الخال لم يكن يعلم أن نايا هربت لذلك أخبره أنها عندهم، قرر والد نايا أن يأتي في صباح اليوم التالي ليأخذها لأن الريف بعيد عن مدينتهم، وأخبره أن تجهز نايا نفسها في الصباح الباكر، أخبرها خالها بذلك و شعرت بضيق كبير و ألم ثم دخلت الى الغرفة وبدأت تبكي ثم ذهب خلفها كاي وتارا،،
كاي: مابكِ نايا؟ اكلُّ هذا البكاء لأنكِ ستعودين الى منزلك؟ لابأس سنأتي نحن معكِ.
تارا: أجل سنأتي نحن لاتبكي.
نايا: لا أريد العودة الى المنزل.
كاي: لماذا؟
نايا: أبي وأمي يريدان أجباري على الزواج لأنني رسبت هذه السنة في مادتين وانا لا أريد الزواج.
تارا: ولكن لما يفعلان ذلك؟
نايا: وأخذا مني هاتفي ايضاً وحبساني في البيت، انتما لاتعرفانهما جيداً، يريدان أن يتخلصا مني و كأنني عبء.

كاي: حسناً كفي عن البكاء سنجد حلاً لاتقلقي.
نايا: " تجفف دموعها"عن اي حلِّ تتحدث؟ أبي قادم في الصباح ليعيدني الى المنزل، وسأعود معه لا سبيل آخر، لامكان التجئ اليه أنا متعبة وسأنام الان، تصبحان على خير.
تارا وكاي: وأنتِ بخير.. خرجَ كاي و تارا من الغرفة و بقيت نايا وحيدة ولكنها لم تستطع النوم بسبب التفكير بالأمر، قررت الهروب مرة أخرى، مع انها لاتعلم الى اين تذهب، وكيف، لكنها ستذهب رغم كل شيء، حلَ منتصف الليل ودقت الساعة الثانية صباحاً والامطار تبلل كل شيء في الخارج، وتصطدم بالنوافذ وكأنها تسقط على قلبها، لتبرده من النار المشتعلة فيه، حملت حقيبتها على ظهرها وأرتدت معطفها وخرجت بهدوء، مشت تحت الامطار و الرياح العاصفة، أين ستذهب ومن سيأويها؟ شعرت بأن بشخصٍ يمسكها من كتفها،،
كنتُ احاول النوم بينما سمعت صوت اغلاق باب، هرعتُ الى غرفة نايا لكني لم اجدها، المجنونة اخشى ان تفعل شيئا بنفسها، خرجت بسرعة لألحق بها، ركضت بسرعة حينما لمحتها وهي تمشي تحت المطر، يبدو انها لم تحس بخطواتي وضعت يدي على كتفها واستدارت وهي خائفة:
_كـ، كـ، كاي!
_ما الذي تغعلينه هنا وفي هذا الوقت؟ والى أين تريدين الذهاب؟
_اتركني يا كاي لا اريد العودة مع أبي، اتركني لأرحل ليرتاح الجميع من مشاكلي.
_ماهذا الكلام يامجنونة! من قال أن مشاكلكِ تثقلنا؟ ستبقين هنا وانا سأتحدث بنفسي مع أبيكِ صباحاً، هيا تعالي معي أرجوكِ، دعينا نعد قبل ان تمرضي!
_ لا أريد، حتى و أن عدت معك،خالي سيجبرني على العودة مع أبي، ،هنا آتت تارا مسرعة لأنها، سمعت أصواتاً و رأتهما من النافذة و بقيت تقنع نايا بالعودة ثم لمحت نايا خالها و هو يصرخ عليها ثم ركضت بسرعة و ركض خلفها كاي وتارا، و أنزلقت بالوحل الذي يغطي الارض ووقعت في حفرة عميقة، وتعثر خلفها كاي وتارا ووقعوا في حفرة كبيرة جميعهم ثم شعروا بأن الارض تهتز تحتهم، تمسكت نايا وتارا بكاي من الخوف، ثم سطع ضوء من أسفلهم ولم يشعروا الا وهم يُسحبون الى مكان ما تحت الأرض وفقدوا الوعي و أستيقظوا بعد دقائق ليجدوا أنفسهم في مكان أخر يشبه الغابة لكنه شديد الجمال، أشجار متنوعة، أنواع الثمار فيها والسماء صافية شديدة الزرقة ،، كانوا ينظرون بدهشة وتعجب الى المكان ،
قالت نـايـا: أين نحن يا كاي؟
كـاي: ربما في الجنة.
نـايـا: لا تمزح معي أخبرني أين نحن؟
كـاي:  لا أعلم حقاً.
نـايـا: حقاً!! الا تعرف ريف مدينتك جيداً؟!
كـاي: أنها أول مرة آرى فيها هذا المكان..
تـارا: ربما لسنا بريف مدينتنا فـ الجو هناك كان غائماً و ممطراً بما أننا في فصل الشتاء و كذلك أن الوقت الان بعد منتصف الليل كيف أصبح نهاراً و صافياً و لا أثر لمياه المطر،أضافة لذلك أن الشمس ساطعة هنا والجو دافئ.
كـاي:يبدو كلامكِ صحيحاً يا عالمة الانواء الجوية.
تـارا: لا تهزأ بكلامي يا كاي.
كـاي: أنا لا أهزأ ربما كلامكِ صحيح، لنتمشى و نرى ربما هذا المكان خلف مدينتنا أو حدودها، نحن لم نخرج يوماً خارج المدينة ...

الهروب الى الماضيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن