البارت الثامن والاخير

31 3 1
                                    

في الجانب الأخر في مقدمة القصر، أنتصرَ جنود كاثوبيا على جنود ميلودريس في هذه الحرب، فقد قتلوا الكثير منهم و آسروا بعضهم، و كانت هذه أقصر حرب و أول حرب تنتصر بها مملكة كاثوبيا بسبب الملابس الواقية ضد الرصاص التي حمت الجنود و رفعت من معنوياتهم ليقاتلوا بشجاعة رغم أسلحتهم القديمة ،، بزغَ الفجر خيوطه و أستقرت الأوضاع في المملكة و أدورد لازال يبحث عن طبيب الى أن وجدَ طبيب الجيش الذي كان يرافقهم في كل تدريب و حرب، لأن طبيب العائلة هرب بعد سماعه بخبر الهجوم،، بينما كاي لازال يبحث عن نايا كالمجنون و تارا تبكي من الخوف والقلق عليهما و كانت الأميرة كيت ووالدتها الملكة و هيلين يخففان عنها، أما الملك فينسنت ذهبَ ليتفقد أحوال القصر برفقة الحُراس..
في غرفة الطبابة، أخرجَ الطبيب الرصاصة من بطن نايا بصعوبة، و قامَ بخياطة الجرح،، و قال لأدورد: حالتها خطرة الأن رغم أنني أخرجت الرصاصة لكن ستتحسن بمرور الأيام، و يبدو بأنها نزفت الكثير من الدم، سأكتب الأطعمة التي تعوضها عن الدم الذي فقدته، و سازورها كل يوم لمتابعة حالتها.
أدورد: شكراً لك أيها الطبيب.
_هذا واجبي، سمو الأمير، سأذهب الأن لرؤية جنودنا المصابين.. خرجَ الطبيب من الغرفة و جلسَ أدورد بجانب نايا و دموعه ملئ عينيه و يقول: أنا أسف، أسف حقاً، ليتني سمعت كلامكِ و أرتديت السترة الواقية أو ياليت حلمكِ تحقق و أخترقتني الرصاصة بدلاً، أفضل من أختراق الآلم لقلبي، لماذا فعلتِ ذلك، أنا لا أستحق، لا أستحق هذه التضحية، ظننتكِ تكرهينني عندما رفضتِ الزواج مني، لم أكن أتوقع بأنكِ تُحبينني لدرجة أن تُضحي بحياتكِ لأجلي، تَحسني بسرعة يا نايا فأنتِ قوية، أُريد رؤية أبتسامتكِ المشرقة من جديد...
بعدَ عدة أيام تماثلت نايا الى الشفاء لكنها أصبحت ضعيفة الجسد والبنية و بطيئة الحركة،،  قامَ الملك فينسنت بتكريم كاي بمبلغ كبير جداً لأنه أنقذَ عائلته من الموت المحتم، و كذلك نايا  لأنها أنقذت أبنه الأمير أدورد، و أعلنهم أمام بأنهم من النبلاء،، كانَ كاي في غاية السعادة لأنه يستطيع رؤية الأميرة كيت و التحدث معها، أما نايا بقيت حبيسة البيت و الغرفة، أصابها شيء من الأكتئاب، كانت تشعر بأنها ليست بخير، نفسياً و جسدياً خاصة بعد زيارة أدورد الأخيرة لها التي أخبرها بها بأنه يُحبها بجنون و أنه سينفصل عن زوجته هيلين و سيتزوج بها، لكنها رفضت ذلك، و أنزعجَ أدورد من رفضها و سألها عن السبب، و أخبرته بأنها لا تريد بناء سعادتها على تعاسة غيرها، أخبرته بأن هيلين تُحبه كثيراً و هي تلائمه كـ زوجة أكثر منها، و أنها لا تحتمل مسؤولية أن تكون ملكة،، أنه أسوأ شعور ممكن أن يشعر به المرء،،
في مملكة ميلودريس قام الجيش والشعب بعمل أنقلاب ضد ملكهم آرثر لأنه دمرهم و دمرَ حياتهم بسبب الحروب التي يخوضها دون أن يكترث لشعبه، دون أن يوفر لهم سبل الراحة والعيش برفاهية، فقد كانت أموال الاسلحة التي يُصدرها للممالك المجاورة يصرفها على قصره و نسائه، أستمرَ الأنقلاب 5 أيام و بعدها نجح و حاكموا آرثر بالأعدام و قطع رأسه أمام الشعب، و عَينوا رافييل (صاحب فكرة الأنقلاب) ملكاً له، بعد أن قرأَ قائمة الأعمال و الأصلاحات التي سيقوم بها و من أهمها عقد الصلح مع الممالك التي كان آرثر في خلاف معها..

أصبحَ الشتاء شديداً في كاثوبيا، والجميع يتحدث و يقول أنها أول سنة يكون فيها الشتاء هكذا، أمطار و عواصف، و هذا الجو الذي كان الثلاثة ينتظرونه بفارغ الصبر ربما تارا و نايا فقط هما من ينتظراه بفارغ الصبر لأن كاي لم يعد يُهمه أن يعود بسبب قربه للأميرة كيت التي بدأت تُظهر مشاعر الحُب له،، لكن نايا و تارا أصرتا أن يذهب معهما كما أتفقوا، وافق كاي مُكرهاً و ذهبَ الثلاثة في المساء الى حدود كاثوبيا بالضبط المكان الذي وجدوا أنفسهم فيه قُرب الحفرة،، أمسكوا بإيدي بعض و قفزوا الى داخل الحفرة سوياً حتى بدأت تهتز الأرض من تحتهم و سحبتهم،، و بعدها أستيقظوا و وجدوا أنفسهم في نفس المكان الذي وقعوا فيه و لا توجد حفرة، كيف ذلك؟!
ركضوا الى منزلهم و دخلوا، أستقبلتهم والدة كاي ووالده بالأحضان والبكاء و هما يقولان: و أخيراً وجدناكم، لم يبقى مكان الأ و بحثنا عنكم فيه، أين كنتم طيلة العشر الأيام السابقة؟؟ (عشرة أيام = عشرة أشهر في كاثوبيا) و أنتِ يا نايا والداكِ جُن جنونهم لفراقكِ و يشعران بتأنيب الضمير، سأتصل بهم لأبشرهم بعودتكم..
في مملكة كاثوبيا لم يلحظ أحد أختفاء كاي و نايا و تارا و كأنهم غير موجودين أصلاً حتى أدورد و كيت و سارت الحياة طبيعية هناك و أنجبت هيلين طفلاً في غاية الجمال..
بعد تلك الحادثة أو الذكرى الجميلة الغريبة التي أحتفظنا بها أنا و كاي و تارا التي لم و لن نحكي لأي شخص عنها، سمحَ لي والدي بأعادة الأمتحانين و أخبرني بأنه لن يتدخل في حياتي بعد الأن و لن يغصبني على شيء لا أُريده، عُدت الى عالمي و زمني مُنذ أسبوعين لكنني لازلت أُحب أدورد و أشتاق له و أرى وجهه في كل الوجوه، و أتسائل هل سيفقتدني؟! هل سيلحظ الجميع أختفائنا هناك!؟هل سنعود مرة أخرى الى الماضي في أحد الأيام؟! هذا ماكنت أُفكر فيه ،، كان نسيان ما حصل بالنسبة لنايا أمراً صعباً وبذات الوقت فقد كان حافزاً مهماً لها لتكمل دراستها بجد أكبر حيث أستطاعت أن تجتاز أمتحان القبول لترتاد كلية السياحة كما أحبت... وتخرجت من هناك لتعمل موظفة في وزارة السياحة...
وفي احد الأيام بينما كانت منهمكة في تنظيم معاملات السياح،، حملت الأضابير المكدسة وسارت بها على عجل لأن اليوم حفل زفاف كاي و وعدته بأنها ستكون أول الحاضرين وإذ بها تصطدم بأحدهم، فوقعت الأضابير وحال الشاب دون وقوع نايا وباللمفاجأة إنه الأمير إدورد.
_ سمو الأمير .. (قالت نايا متلعثمة).
فأبتسم لها الشاب قائلا: أنتِ بخير؟؟
_ نعم إدورد.
_ عفواً كيف عرفتِ أسمي؟!
_ لا أصدق كيف جئت إلى هنا؟ وأين هي زوجتك هيلين؟
_ هيلين زوجة جدي الثالث.
_ أنت ...
_ معذرة آنستي .. انا أدورد الثامن... (ثم همس) أرجو أن تبقي الأمر سراً بيننا فلم يعد لعصر الملوك وجوداً هنا، لكني فوجئت حقاً بمعرفتكِ القوية..
أبتسمت نايا بهدوء قائلة: أنتَ تشبهه كثيراً، أكاد أُقسم أنه أنت، حتى صوتك يشبه صوته..
_أنتِ غريبة حقاً.
_حتى كلمة أنتِ غريبة نفسها كان يقولها لي.
_لابد و أنتِ مجنونة.
_أنا مجنونة حقاً..
_ما أسمكِ يا أنسة؟
_نايا.
_تُسعدني معرفتكِ ، أنا كنتُ أدرس خارج الوطن و عدتُ قبلَ أسبوع..
_أهلاً بك، و الى اللقاء.
_الى أين؟
_حفل زفاف أبن خالي اليوم.
_أنتِ موظفة هنا؟!
_نعم.
_اذاً سنرى بعضنا كثيراً.
_سيُسعدني ذلك يا حفيد الملك... أبتسمَ و هو يقول في داخله:أشعر و أنني أعرفها منذُ زمن طويل..
أسرعت نايا ووضعت الأضابير في مكتبها و غادرت و السعادة تغمرها و هي تقول: هل حقاً توجد صَدف كهذه في العالم، أصبحت أُصدق كل شيء في الحياة بعد هروبي الى الماضي ،، الماضي الذي أصبحَ حاضري و مستقبلي و بفضله تعلمتُ الكثير و أجتزتُ الكثير..

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Feb 21, 2020 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

الهروب الى الماضيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن