انتظرت لأربعة أسابيع حتى انهى بن عامه الدراسي الثاني و بدأت العطلة الصيفية ، ثم طلبت إجازة لمدة أسبوعين .
عدت الى المنزل باكرا فرح و الابتسامة تعلو وجهي اشتريت البيتزا في طريق عودتي ، دخلت المنزل و ما ان رأتني تاتيانا حتى قالت ماذا تفعل ؟!
- لا شيء دخلت للتو
- أعني الذي بيدك
- اشتريت بعض البيتزا ، ما المشكلة ؟
- ما المشكلة ! ماذا تظن الجيران سيقولون "زوجته إيطالية و هو يشتري البيتزا من المطعم "
- سحقا للجيران ، منذ متى نكترث لما يقوله الناس
- لقد حصلت على الاجازة ، الليلة هي الجمعة سنتناول البيتزا حتى نصاب بالتخمة و سننام حتى ظهيرة الغد ثم سننطلق الى منزل نيفادا سيتي ، ما رأيك ؟
- أليست بعيدة جدا
- أليس من المفترض أن تفرحي و لو قليلة
- أنا فرحة لكن أليست بعيدة ؟!
- و هذا هو الهدف ، الابتعاد عن هذا المكان الذي تعيشين فيه قدر الإمكان هكذا هي الاجازة
ظهيرة يوم السبت تناولنا الفطور و كان سندوتشات جبن حضرها بن ثم حزمنا أمتعتنا و طلبت منهما ان يحزما ما هو ضروري فقط حتى يتسنى لنا شراء أغراض جديدة ، لم أكن لأدخر قرشا في هذه العطلة ، لست غنيا و لم أكن يوما كذلك لكن المال لم يكن مشكلتي يوما .
غادرت نيويورك ليلة السبت برفقة بن و تاتيانا متجها الي نيفادا سيتي و لكن اولا سنهبط في مطار ساكرامنتو لعدم وجود مطار في نفاذا سيتي ، قطعت ما يقارب ثلاثة آلاف ميل لأبتعد قدر الإمكان عن المدينة و ضجيجها و لقضاء عطلة هادئة مع عائلتي .
سبعة أيام قد مضت بلمح البصر هكذا هي الاوقات السعيدة ، أليس كذلك؟
سبعة أيام في الريف بالقرب من الغابة بصحبة زوجتي و أبني ، هو كل ما أريد ، الجو بارد و مشمش الهواء منعش ، أنام متى أريد و أستيقظ متى أكتفي من النوم لا منبه يفسد نومي لا عمل لا التزامات لا ربطات عنق لا تقارير حرية تامة .
نتناول الافطار متأخرا و الغذاء كذلك نتنزه كل يوم في الهواء الطلق تحت أشعة الشمس ، نخرج سويا كل صباح لشراء الخضار و الخبز الطازج من الباعة المحليين ، ألعب الكرة مع بن كل مساء ، كانت تلك الحياة المثالية بالنسبة لي ، لم يكن في حياتي هذا الكم من السعادة يوما ، لم أرد أي شيء آخر ، خلال تلك الايام كنت رجل دون أحلام ، بدون أمنيات ، قل ما تشاء قل فاشل قل غبي لكن تلك الايام كانت هي الحلم .
مساء يوم الإثنين ثامن يوم من إجازتي الساعة الثانية عشر ليلا في نفادا سيتي كاليفورنيا
في غرفة نومي جالس في فراشي أفكر في قضية تركت ملفها مفتوح منذ أسابيع دون تقدم ، أحاول إبقاء العمل خارج نطاق تفكيري لكني دائما ما أفشل في هذا ، أضواء غرفة النوم خافتة لا يوجد اي صوت ، المنزل هادئ تماما "تاتيانا " ها هي بجانبي تغط في نوم عميق كالأطفال و "بن" نائم في غرفته ، التفت أنظر لتاتيانا متسائلا ما الحلم الذي تراه الآن ، مالذي يدور برأسها ، استحقت هذا الاجازة أكثر مني .
ثم أعود للتفكير في القضية ، التفكير بالعمل خارج المكتب طريقة منهكة للعمل لكني أرى أنها فعالة بسبب التفاصيل الصغيرة التي لا ألاحظها أثناء العمل في المكتب او في العمل الميداني وسط كل تلك الفوضى محاطا بالشرطى و المسؤولين البدناء العصبيين كل ما يفعلونه هو الشتم و التدخين .
الهاتف يرن اتصال غير متوقع في وقت غير مناسب ، قلت في نفسي أنا هنا لكي لا يتصل بي أحد لا أحد يعرف رقم هاتف هذا المنزل غير عائلة تاتيانا و لا أظن أن احدا منهم قد يتصل في وقت كهذا ، بدى صوت الرنين حادا جدا كصوت ضرب مطرقة حديدية بالجليد في ظل الهدوء التام بدى كأنه يثقب ستارة الهدوء الثقيلة و يمزقها ، تحركت بسرعة كأنني أريد الحفاظ على ما تبقى من هدوء ، أزعجني الاتصال من يتصل في هذه الساعة رفعت السماعة تغيرت ملامح وجهي على الفور لأنني تعرفت على المتصل من صوته ، لا أعرف كيف حصل على هذا الرقم ، انه عمدة نيويورك فرانك تولمان يتصل بي شخصية و يتوسل إلي لكي أعود الى نيويورك خلال إجازتي
- قلت له ما المشكلة مالذي حدث ؟
- أرجوك توماس غدا صباحا كن على متت اول طائرة متجهة الى نيويورك الامر طارئ و عندما تصل سأشرح لك كل شيء ، انت موافق أليس كذلك توماس ؟
وانهى الاتصال .
شعرت ان الامر مهم و خطير و ببعض الاطراء أيضا لأنه تخلى عن كل محققي نيويورك و اتصل بي بدى متوترا جدا ، وافقت على طلب العمدة مع انه من الخطأ و الأنانية ايضا ان يطلب مني السفر كل هذه المسافة و العودة الى العمل بينما انا في إجازة لكنني قبلت لأنني أعرف هذا الرجل شخصيا و لم يرفض لي طلبا من قبل و لذلك لا يمكنني الرفض .
عدت الى الغرفة رأيت تاتيانا و بن قلت في نفسي كم أكره ان أترككما هنا ، لم أرد الابتعاد عنهما ، خلال هذه الايام السبعة شعرت و كأن حبي لزوجتي قد تجدد أصبحت اراها أكثر جمالا و جاذبية من قبل ، لم اعتقد ان الظروف و الراحة قد تغيران حتى نظرتي لزوجتي ، رغم كل هذه المشاعر و الدفء العائلي هنا بدأت بتوضيب حقيبتي على الفور ، أنا رجل اعتاد محاربة مشاعره ، سأغادر غدا في السادسة صباحا الى أقرب مطار و الذي يقع في ساكرامنتو التي تبعد حوالى ساعة و نصف بالسيارة ، قررت انني سأكون هناك لأربعة أيام فقط ان لم ينتهي هذا خلال أربعة أيام سأعتذر من العمدة و أسلم الامر لشخص آخر و أعود الى هنا ، و سأضيف هذه الايام الاربعة إلى إجازتي ، لست مستعدا للتفريط في أي يوم هنا في هذا النعيم برفقة زوجتي و أبني.
صباح اليوم التالي حاولت إيقاظ تاتيانا لكني لم ارد ايقاظها فعليا ناديت بإسمها مرة واحدة ثم همست قائلا أنا ذاهب الى نيويورك لعدة أيام ، لأنني إذا أيقظتها أعرف انني سأدخل في شجار معها و سأتأخر و ستفوتني الطائرة ، هذه طريقتي لكي لا تلومني تاتيانا عندما تستيقظ ولا تجدني ، ستتصل و ستقول لماذا لم تخبرني انك ذاهب و عندها سأقول لقد أخبرتك لكنك لم تسمعيني ، مررت بي بن و قبلته كان لا يزال نائما .
ركبت سيارة أجرة ذاهبا الى ساكرامنتو و من ساكرامنتو الى نيويورك ، وصلت نيويورك حوالى الساعة الرابعة و النصف مساءا ، ذهبت مباشرة الى المنزل لأتصل بتاتيانا و من أول رنة رفعت السماعة لابد انها كانت تنتظر الهاتف حتى يرن
- تاتيانا
قالتها بهلع و خوف
- أين انت توم
- إهدئي أنا في المنزل في نيويورك
- لماذا ؟ ماذا تفعل في نيويورك ؟!
أتاني اتصال متأخر ليلة البارح من العمدة و قال انه هناك أمر طارئ علي العودة لأجله
- الحمد الله ، اتصلت بالمنزل اكثر من عشر مرات اتصلت بأمي ، لست بالمنزل او في منزل والداي إذا أين ؟ خطرت على بالي أفكار مجنونة قلت في نفسي هذا الرجل فقد صوابه أتى بي أنا و الفتى الى هنا رمى بنا في أبعد مكان ممكن و هرب
- قلت مازحا ، حتى ان كنت سأهرب سآخذ معي ابني بالطبع
- كفى مزاحا لقد كنت خائفة حقا ، حسنا لماذا انت في نيويورك ؟ متى ستعود ؟ لا يمكنك تركنا هنا بهذا الشكل
- آسف جدا و لكنه العمل تاتيانا انت تعرفين
- و لكنك في إجازة !
- أعرف هذا ، لا يمكنني الرفض أدين للرجل بخدمة
- يالي غباء معاملاتكم أنتم الرجال ، جاوبني على سؤالي ، متى ستعود ؟
- خلال اربعة أيام
- ما هو هذا الأمر" الطارئ "بالتحديد
- لا أعرف لم يخبرني بشيء بعد
- ألا تشعر بالقلق علينا لتتركنا و تذهب هكذا في مكان بعيد ؟ ليس لنا فيه اي معارف
- ما من شيء يدعو للقلق المنطقة آمنة و الجيران طيبون أغلبهم عجائز ، اسمعي تاتيانا انا في عجلة من أمري الآن علي الذهاب ، وداعا سأتصل بك الليلة عندما أعود الى المنزل
- حسنا وداعا
بعد 10 دقائق أتصلت بي حماتي مارينا و عاتبتني و كادت تشتمني ، أعني انها شتمتني و لكن بالإيطالية و لذلك لم أشعر بالإهانة قائلة كيف تترك زوجتك و ابنك بهذه الطريقة و على هذا البعد في مكان لا نعرف فيه أحد تلك الفتاة و ذاك الصبي هما زوجتك و ابنك و هما ابنتي و حفيدي أيضا و لذلك لست الوحيد الذي قد يقلق بشأنهما ، إياك ان تفعل هذا مرة أخرى يا توماس و أضافت كلمة إيطالية متأكد انها لست كلمة جيدة أيضا و قطعت الاتصال .
بدت غاضبة جدا أعرف انها سيدة لطيفة و لكنها تتحول الى شخص مرعب إذا أسأت الى ابنتها بأي شكل .
أعرف ان تاتيانا تكاد تنفجر غضبا الآن ذلك واضح في نبرة صوتها ، لأنها تشعر أنني فضلت شيئا آخر عليها و هذا أكثر شيء قد يغيض النساء لكنني لم أفعل انه عملي لا أكثر .
بعد 4 ايام عشية يوم الجمعة انهيت العمل و سأعود الى نيفادا سيتي ، أقصد العمل التافه الذي استدعيت لأجله لم يكن عملا يستحق وقتي كان يمكن ان يتولاه أي ضابط شرطة عادي فقد اتضح ان ابن العمدة كان في رحلة في الغابة يدخن الممنوعات مع اصدقائه و قد ظلوا طريق العودة كنت منزعجا بشدة بسبب طريقة استدعائي و للسبب أيضا ، قطعت عطلتي و تركت عائلتي على بعد 3000 آلاف ميل لأجل فتى حقير مدمن ضائع في الغابة .
كانت تاتيانا تتصل كل ليلة لتطمأن علي و في كل ليلة كانت تبدي لي بإنزعاجها و تقول لا تدعهم يعاملوك بهذا الشكل مرة أخرى قل لهم لدي عائلة و مسؤوليات انا ايضا لا يمكنني تركهم بهذه الطريقة مرار و تكرارا ، فأحاول ان أهدئها و اقول لابأس تعرفين انني لا افعل هذا قصدا او بنية مني أعدك ألا يتكرر هذا .
أعتذر فرانك تولمان "العمدة " أكثر من عشر مرات و عرض علي خدماته ان احتجت لأي شيء و قدم لي تذكرة العودة الى ساكرامنتو على متن الدرجة الأولى في قسم رجال الاعمال و من هناك استأجرت سيارة أجرة عائدا الى نيفادا سيتي ، في طريق العودة كنت غاية في التعب والارهاق ولكن في نفس الوقت في قمة الراحة النفسية و السعادة شعرت بأن كل شيء مرتب و صحيح و كما يجب فقد قمت بعملي و لم أعد مدينا لأحد بل هناك أشخاص مدينون لي و الآن عائد إلى المنزل لإنهاء بقية عطلتي مع عائلتي و أخذ قسط من الراحة ، العمل في نطاق زمني محدد ليس بالشيء المريح اطلاقا .
بينما انا جالس في المقعد الخلفي لسيارة الأجرة أتأمل الغابات الجبلية المجاورة كان السائق يراقبني في المرآه الامامية ثم قال يبدو ان هذه المناظر تعني لك الكثير قلت نعم انها كذلك قلت في نفسي انه يتحدث بلكنة روسية .
منزل العطلة في منطقة خضراء على حافة الغابة ، عشت في الريف في صغري لم أعجب يوما بحياة المدينة الكبيرة و المكتظة بالسكان لكن التعليم الجيد و الوظائف الجيدة في المدن الكبيرة فقط و لذلك اضطررت لمغادرة الريف ، أشعر ان سكان المدن الكبيرة لا يهتمون لأمر بعضهم البعض " انانيون "
- قلت يبدو انك لست من هنا
- أنا من رومانيا اسمي كولاروف
- سررت بمعرفتك انا توماس .
قبل أن أصعد على متن طائرة العودة شعرت بالذنب تجاه تاتيانا و بن لتركهما هناك بهذا الشكل ، فاشتريت لكل منهما أغلى هدية يمكنني تحمل كلفتها اشتريت لتاتيانا ساعة يد من ماركة رولكس بأكثر من200 دولار و لعبة خشبية لبن لعبة متينة و صلبة لدرجة أنني أعتقد أن أحفادي سيلعبون بها قبل ان تبلى ، أعرف ان المال ليس الحل هنا و لكن هذا ما يمكنني تقديمة الآن . كنت جائعا فتذكرت الثلاثة الايام الماضية كنت آكل البيتزا على الغذاء و العشاء لمدة ثلاثة ايام لأنني لم أستطع أكل أي شيء آخر بعد أن أعتدت على طعام تاتيانا التي تعلمت الطهو من والدتها إمرأة إيطالية من الطراز القديم ، لابأس أنا عائد إلى المنزل ستطهو لي تاتيانا بعض الطعام الحقيقي كنت مرتاح البال لا أفكر في شيء تقريبا عدى الراحة في المنزل برفقة زوجتي و أبني .لكن المصائب تقع دون سؤال لو كانت تسأل لما كانت مصائب .

أنت تقرأ
كذبة باندورا Pandora's Lie
Misterio / Suspensoماذا ان كانت باندورا بالفعل كذبت عندما قالت ان كل الشرور خرجت من الصندوق ما عدا "فقدان الأمل" لربما خرج هو أيضا ؟!....... دراما / غموض / مرض نفسي