كلّ محاولات التذكّر ذهبتْ سدى في طيِّ النسيان.
للصباحات طعم المشروبات الساخنة فقط، بغير ذلك فأنّها بالنسبةِ لي، لا تمتلك طعمًا.
أجلس مقابلةً للحاسوب أدوّن معلومات المواقع في حقولٍ مجدولة، أعمل في هندسةِ الحواسيب
وهذا يشمل كلّ ما يحدث بداخل الحاسوب، وإنّه لعملٌ مملٌ ومرهق بعكس توقعات أيام الثانويّة تمامًا.
ما أن تجلس مقابلًا له فأنّك لن تضمن نهوضك إلا بتصلّب الظهر أو تشنّج الرقبة المؤقت.
كنتُ أتحمّل نتاج الألم المصاحب لمزاولتي العمل بحبوبٍ مسكّنة للألم يوميًا، غير أن زميلتي بالعمل، آن -المتذمّرة والمتشدّدة على العادات الصحية من عدم تناول المسكّنات بكثرة- كانت لا تمّل من التذمّر طوال نهار العمل، كلما سنحتْ لها الفرصة." مورن، هلّا راقبتِ لي التعداد ريثما أحضر القهوة لكلينا؟"
أومئت بالإيجاب، لن أمانع؛ بسبب القهوةِ أولًا، ولأنني أعلم بأن عملها شاقٌ جدًا؛ إنّها تراقب التعداد السكاني للبلاد وتسجّل كل الأرقام بالثواني والدقائق، أقل خطأ منها قد ينجم أضرارٍ فادحة.
وها أنا ذا، أراقب سجّل المواليد والوفيات الّذي يرتفع وينخفض بالأعداد بدون شعورٍ واضح، يا لهذا السخف.
-أنتهيت مساءًا ورافقتني آن حتى تقاطع الطرق، ودّعتني ثم مضيتُ لأقربِ بقّالة لشراء حاجيات المنزل
رحّب بي صاحب الدكان لأرّد التحية
" مرحبًا أيّها العم"
تلكأتُ قبل أن أذكر أسمه، نعم لقد نسيته مجددًا فقلتُ له 'أيُّها العم' أنا أواجه مشكلة فعليّة بالآونة الأخيرة في تذكّر الأشياء، الأشخاص، والأسماء.إبتعتُ ما أحتاجه ولحسن الحظ، لم أنسى طعام الجرو خاصتي.
لكن إنْ كانت لي هذه المقدرة في نسيان الأشياء، هل سأصحو يومًا وأكون قد نسيت من أكون؟
أم أن ذاكرتي تحب تعذيبي عبر نسياني للأشخاص، وتذكُّري الدائم لكونيّ إياي؟
مالّذي يمكن أن أفعلهُ في حالٍ كهذا؟ بالطبع لا شيء، سأسيّر الأمور حيث يفترض لها أن تسير، ولا آبه أن نَسَيتُ .. أو نُسيِتُ.