pt. 1

1K 43 0
                                    

يتدفق ضوء الصباح عبر الستائر ذات الالوان الكريمية، تضيء جزيئات الغبار الصباحية الصغيرة التي تطفو حول المطبخ والوهج الذهبي المريح منتشر حول طاولة الطعام الصغيرة، صحنين على الطاولة ولا شيء فقط الفتات.. مرطبان المربى نصف مفتوح وهناك بقايا من الأرز في طباخة الأرز وملعقة ساقطة على الأرض تُرِكت منسية أو أن الشابين تكاسلوا عن التقاطها فقط.. انتباههم الكامل على حامل الألواح الموجود في زاوية الغرفة بجانب المدخل المفتوح المؤدي إلى غرفة المعيشة الصغيرة التي يتشاركها الاثنان..
تشارك الغرف يكون غريبًا عندما يكون أحدهما طالب جامعي (واغرب عندما يكون الاثنان منهما يكسب القليل من المال) كان من الصعب العثور على مكان يدفع لهم جيدًا بينما دراستهم تأخذ الكثير من وقتهم الثمين.. ومع هذا تمكنوا من ذلك، وفي هذه الشقة الصغيرة المريحة الموجودة في ميونق دونق، كان الطالبان المقيمين في هذه الشقة جالسين على الطاولة يحدقون بحامل الألواح...

"إذًا؟ ما رأيك؟"
تشاني يميل رأسه ويحدق في حامل الالواح اثناء جلوسه، زميله في الغرفة تايانق وضع صورتين بجانب بعضهما وسأل بحماس تشاني عن رأيه، كانتا لقطات لجسلة تصوير أُخذت أمام خلفية بيضاء، واحدة مليئة بالالوان والاخرى بالأبيض والاسود وهناك يجلس زميله يوو تايانق، طالب السنة الثانية من جامعة جونقهوا للفنون، نرجسي بالرتبة A، يتموضع للكاميرا بنظرة بعيدة على عينيه.. لاحظ تشاني الطريقة التي يسقط بها شعر تايانق الأسود المرتب بدقة فائقة على عينيه السوداء اللامعة، ملامح منحوتة وحادة مضخمة بدقة عالية الوضوح، مطبوعة ليراها العالم وحتى الآن ما رآه تشاني كان بلا شك هو ما كان زميله يخطط له..

"تشاني" تايانق يأن، "اعطني شيئا استفيد به هنا، ما رأيك؟"
تشاني يلقي نظره على زميله في الغرفة، التناقض الواضح بينه وبين الفتى النظيف اللطيف في الصور.. تايانق جلس في الجانب الآخر من الطاولة ببجامته المنقوشه باللون الأسود والأبيض التي على الأرجح أكبر من مقاسه بمرتين، البنطال يستمر بالوقوع وتشاني يستمتع برؤية تايانق يكافح للحفاظ على بنطاله على وركيه النحيفين، هو لا يشبه شيئًا في الصورة، تايانق الحقيقي لديه شعر فوضوي ولم يستحم بعد.. ولديه مربى في كمه.

نظر مجددًا الى الصور واخيرا تنفس الصعداء.. "مثلي"
اخذ تايانق الملعقة الساقطة على الارض على الفور ليرميها على تشاني الذي تفاداها بسرعة واصطدمت بالحائط خلفه بدلًا منه، ضحك تشاني وهو ينظر إلى النظرة الساخرة على وجه تايانق، "لقد سألتني عن رأيي!"
"أنا لا أعلم لما أزعج نفسي بسؤالك عن أي شيء، انت لا تأخذ فني على محمل الجد" تايانق بتكشيرة على الرغم من انه لم يهان حقًا، حِسُّ تشاني الفكاهي الجاف هو شيء مألوف لدى تايانق.

"اي فن؟" يلتفت تشاني ويستند على كرسي المطبخ الحاد، "اعتقدت أن كونك عارض كان مجرد شيء بدوام جزئي بالنسبة لك بينما تنهي هذا الفصل؟"
"الشيء بدوام جزئي الآن سيصبح شيئًا بدوام كامل لاحقًا وستكون آسفًا عندما اكون على غلاف مجلة ما وقد وصفت صورة ملفي الشخصي (مثلي)"
تشاني يرد "انظر في ذلك كمجاملة لأن هذا حقيقي.."
"لدي ملعقة اخرى ولست خائفًا من استخدامها" تايانق يهدد بينما يغلق مرطبان المربى اخيرًا وبدأ بالتنظيف وتشاني يتثاوب بتعب، لم ينم جيدًا الليلة الماضية، الكثير من الافكار في ذهنه والكثير من الاشياء التي يجب التفكير فيها، وهذه ليست المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك..
الأرق الاكلينيكي هذا ما يطلقونه عليه الأطباء، وعلى مر السنين كان تشاني يصف ويجرب جميع أنواع الحبوب تقريبًا، لم ينجح أي منهم فقط ينتهي به الأمر مستلقيًا على سريره محدقًا في السقف، ويتساءل كيف سينجح كعضو في المجتمع إذا كان لا يستطيع ان يكون واعيًا تمامًا خلال الساعات المهمة، كيف انه لم ينجح في دراسته هو شيء يمكن لأي احد ان يخمنه بالنظر إلى أنه من النادر ان يكون مستيقظًا لكي يحضرهم..

"سوف اختار الصورة السوداء والبيضاء" اعلن تايانق وهو يرمي الصحون في الحوض، تشاني القى نظرة خاطفة على الصحون المتراكمة داخل الحوض مكونة جبل من الأطباق غير المغسولة، ويعرف ما الذي سيفعله تايانق بالضبط، تايانق نظف الطاولة وقال انه انهى جزءه من المهمات وترك الجزء الصعب منها لتشاني، من حسن حظ تايانق ان تشاني متعب جدًا ليثير ضجة او يعير اهتمامًا للامر.
"السوداء والبيضاء" اومأ تشاني وأدار عينيه مجددًا لصورة الملف الشخصي، "حسنًا ربما هذا للأفضل، حتى لا يتمكنوا من رؤية القميص البرتقالي والأصفر الذي كنت ترتديه"
يأخذ تايانق صورته ويحاول مقاومه الرغبة في ضرب تشاني بها، "انه يوم الغسيل" يقوم بتذكير تشاني.
"لا اهتم أنا لن اخرج معك ابدًا في الأماكن العامة وانت ترتدي مثل هذا القميص" تشاني بتثاؤب، عيناه مغلقة لكن يمكنه معرفة ان تايانق يصرخ عليه، انه يستمتع بإزعاجه، لا احد يمكنه ان يدفع تايانق للجنون تقريبًا مثل تشاني.
"آمل أن تشتري لك جدتك في يوم من الأيام قميصًا بشعًا للغاية" تايانغ بزمجرة.
"لا تفكر بذلك" تشاني بانكار، "جدتي تمتلك ذوقًا"
تايانق ضرب تشاني بملفه الشخصي، فتح تشاني عينيه في اللحظة التي سار فيها تايانق بغضب إلى غرفته، إنه يشعر بالرضا الذي فقط تايانق المنزعج يمكن ان يحققه، الصباح مضى جيدًا..
دفع نفسه من كرسيه وقام بتجاهل كومة الأطباق، سيختفون ويقومون بغسل انفسهم إذا تجاهلهم كفاية (أو على الاقل هذا ما يفكر به).

يمشي إلى غرفة المعيشة، يقفز على الأريكة البنية الصغيرة ذات المقعدين ويدفن وجهه في وسادة الهيبي الرخيصة التي اشتراها تايانغ عندما انتقلوا للشقة.. لديه مناوبة بعد عدة ساعات، في الايام التي يكون لدى تشاني شيئًا ليفعله في ساعات النهار فإنه عادةً ما يفعله بصعوبة، قلة النوم وفي أسوأ الحالات الهلوسة ليس عذرًا لتخطي العمل، خاصةً عندما يحتاج لدفع نصفه من الإيجار، وعندما لا يعمل فإنه يدرس، في الأشهر القليلة الأولى كان هذا ممكنًا إلى حد ما ولكن كلما استمر هذا أصبح مستحيلًا أكثر.
انه مرهق، اجفانه كأنها حمل ثقيل.. يمكنه الموت من أجل الراحة، جسده بالكامل خالٍ من الطاقة، أفكاره في كل مكان، معدته تقرقر بسبب فقدان الشهية، والجزء الأسوأ أن تشاني معتاد على هذا، هذا هو يومه، نوم ليل لعين وإذا كان محظوظًا يحضى بخمس دقائق وبعدها يعاني طوال اليوم.

منتصف الليلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن