(ثقة محترقة)كان هادى جالسا فى مقعده متململا كأنما يجلس فوق جمرات من نار، فكل ما يحيطه يثير اشمئزازه
أصوات صاخبة، أضواء مختلفه، متداخلة ، نساء كاسيات عاريات، ضحكاتهن الرقيعة تعلو على أصوات الموسيقى الهابطه، رائحة كريهة للخمور تنتشر في كل المكان.هادي بانزعاج: هى دى المفاجأة ياسي أسر، ده مكان تجبني ليه؟!
رد أسر وهو يتمايل على أصوات الأغاني، وعيناه لم تلتفت لهادي بل كانت تخترق أجساد الفتيات: ماله المكان يا هادي؟
الحق عليا حبيت أحتفل بالصفقه الجديدة اللي كسبتها، يبقى تستحق سهرة تخرجك من دور الهدوء، والكأبه اللي معيش نفسك فيه ده.هادي بغضب: تقوم تحرجني وتشدني كده قدام الناس بره، وكأني طفل، لما رفضت أدخل، وبعدين الفضل في الثفقه لربنا الأول ياأستاذ إنت؛ ربنا اللي انت بتعصيه عيني عينك، لا وطلبت كمان بيرا، أنا لولا صداقتنا من واحنا صغيرين كنت قطعت علاقتي بيك نهائي.
وقف هادي وهم بالخروج، فأمسكه أسر بإصرار: علشان خاطر صداقتنا جرب بس النهارده، وهجيبلك مزه تنسيك معنى إسمك اللي مأثر على شخصيتك ده، ومفيش معصية ولا حاجه ده مجرد قاعده حلوه، مش هنروح مكان وحدنا ولا حاجه، فرح قلبك، الكل بيعمل كده
هادي بتعجب من حديث صديقه الذي تغير بطريقه ملفته بعد خيانة زوجته له: وهو لو كل الناس قتلت بقى القتل مش حرام يا آسر؟! ارجع لرشدك ياصاحبي الأماكن دي مبيجيش من وراها خير، ولا فرح أبداً، فوق قبل فوات الأوان، وقبل الندم.
تركه، وذهب وعندما اقترب هادي من الخروج وجد بين يديه فتاه كادت أن تسقط أرضاً، لكنها استندت عليه، ثم إعتدلت وقالت له بلهجه سريعه وهى تتلفت حولها، ودموعها تتسابق على وجنتيها: أنا أسفه، أنا أسفه معلش.
ليتحول مسار عينيها إلى شئ ما خلفه لتشهق بفزع، واحتضنته محاولة إخفاء وجهها بكتفه، وهو في حالة من الذهول لا ينطق، ولا يتحرك حتى سمع صوتها هامسه ببكاء، وتوسل: أرجوك إطلب إنك تاخدني، وأول ما نبعد من هنا مش هتشوف وشي أرجوك انقذني.
دفعها هادي لتبتعد عنه بعد أن بدأ يدرك الموقف، ونظر لها بتعجب فبدالته بنظرة توسل وعيون دامعه.
اقترب منهما رجلا أقرب ما يوصف به هو أنه حائط بشرى، وأمسك ذراع الفتاه وقال بصوت أجش غاضب: إنتي بتعملي إيه هنا يابت يازوزو مش قولتلك مكانك عند البار لعند ما أشاور لك.
رآها هادي ترتجف رعباً بين يدي هذا الوحش، وكادت أن تنطق إلا أنها تفاجأت بهادي يحدث الرجل طالباً إياها، وعرض مبلغاً كبيراً ليملأ عين هذا الذئب البشري.
بالفعل عندما أخذها وخرج، استقلا سيارة هادي، وابتعدا عن هذا المكان والصمت يسود الموقف بينهم، كل منهم في أفكاره.
توقف هادي فجأه على جانب الطريق، ونظر للفتاه بتعجب فمظهرها يدل على انتمائها لهذا العالم، حيث كانت ترتدي فستان من اللون الأحمر اللامع، عاري الكتفين، وتضع مساحيق على وجهها بطريقه مستفزه للعين.