نهض وليد من السرير..وضع القصبة في كيس..ذهب بسرعة الى الميدان..كان مظلما..الليل في اوله..كان الميدان خالي من المارة..وقف وليد قرب العراضة المكان الذي اتفق مع ريم ان يلتقيا فيه حاملا الكيس في يده..لم يقف طويلا...نظر اذا بفتاة تمشي بهدوء..اخذ يراقبها..اخذت في الاقتراب منه...كان وليد يتحرك بإضراب..لم يكن وجه ريم بائنا في ظلام الليل..سوى بعض الضوء القليل من البيوت قرب الميدان..اقتربت ريم من وليد ..اشارت بيدها نحوه(انتا وليد)..خرجت هذه الجملة بصوت مبحوح كان اشد جمالا من صوت الطيور وهي تغني في صباح ربيعي...اجاب وليد وهو يبتسم(وانتي ريم)..تبسمت ولم تبدو ابتسامتها (اي ريم...اتشرفنا)..رد وليد(لي الشرف...اتفضلي)..ناولها الكيس امسكت به بحنيه...رفعت رأسها(شكرا ..بالجد)..ضحك وليد(ي بت بطلي خجل البشوفك في الفيس ونبزك لي م بصدق الخجل دا)..ضحكت ولم يبدو غير صوت ضحكتها التي كانت مثل النغم(يعني م عارف اني خجولة وكدا)..ضحك وليد(اي ظاهر ياخ)..تذكرت ريم(اي صح...استاذنك ي وليد انا راجعة..اصلا قلتا لي ناس البيت ماشة الدكان وبالجد تشكر على القصبة..يلا سلام)..ثم ذهبت ريم الى بيتها ..كان وليد مبتسما وهي تغادر..ينظر الى مشيتها الجميلة التي لن ينساها في مخيلته ابدا..الى قوامها المتناسق الجميل المزدان في ثوب امها..قال في نفسه(الله يخلي لي القصبة الجمعتنا مع بعض).
في اسطوب الواحة..جلس سعد وصديقه نزار ..جلب نزار كوبين من القهوة..اعطا سعد كوب...كان مزاجه معكرا..ساله نزار(ي خوة مالك..صاني كدا من قبيل)..رد سعد وكان جالسا في الركشة قرب ركشة نزار..(والله قافلة معاي..هموم بس والله)..ونزار يرتشف من القهوة(كدي اشرب الحبنة دي مظبوطة للدين...م تشيل هم..م كل يوم زي القبلي الفارق شنو)..نظر سعد الى نزار(ياخ هو لي نحنا كدا..زيتنا طالع ..مشلهتين..يومي تعبانين..مدروشين..مننا ولا من البلد..ولا من اهلنا الما قامو مليانين قروش..ياخ في ناس عايشة ي نزار)..رد نزار(والله ي سعد اي زول ونصيبو..وبعدين بلدك دي زاتت م خلت فينا شي)..رد سعد وكان ممسكا بقهوته(البلد دي بقت م زي زمان..بقت بتفرم الغلبان..اكتر من كدا موديانا وين ياخ)..رد نزار(ربك بفرجا...وبكرة احسن من غيرو).
عند الساعة ال10مساءا...رجع سعد الى البيت..وجد امه في المطبخ تغسل بعض الصحون..سالها(يمة كيف)..ردت وكانت منشغلة بالصحون(تمام ي ولدي..دي جيتك)..رد وهو يفتح الثلاجة ليشرب منها(اي والله غايتو الشغل كويس..لحمتكم انتهت صح)
ردت امه(والله ربنا يفرجا عليك ي ولدي..وان شاء الله بعد ننزل المدرسة اساعدك واخش صندوق ونخطب ليك سلافة)..رد سعد وكان ممكسا بباب الثلاجة(الله يسهل..كل يوم ببقا اصعب من القبلو...كل يوم بعشم البت دي..شكلا مافي النصيب)..تركت امه الصحون اقتربت منه(م تقول كدا ي ولدي..انتا عيبك شنو والعرسو احسن منك في شنو)..رد سعد(عيبي ظاهر م عايز كتمان..وغيري احسن مني بي قروشم)..ردت امه(والله ي ولدي لو ابوك حي م كان قلتا كدا..بس ربنا يرحمو مات وفجعنا)..رد سعد (يمة م تقلبي المواجع ساي..مات وخلا ورواو رجال)..سكت سعد ثم قال(البت دي لسع صاحية)..رجعت والدته الى صحونها(لسع صاحية...هنداك عاملاو بكا لسع)..ذهب سعد الى غرفة التلفاز...وجد رهف "مصنقرة"تبكي بحرقة..وفي التلفاز تشاهد مسلسل"سحر الاسمر"راى سعد ذلك وضحك بشدة..نظرت اليه ثم واصلت بكاءها..اقترب منها سعد(عليك الله بطلي استهبالك دا..يعني حتى لو زعلانة ما بتفوتي مسلسلتك دي)..نظرت اليه ولم تتكلم كفت عن البكاء اخذت تمسح دموعها..وتنشج وتنتحب(ي بت بتكلم معاك)ردت(شنو ي سعد..مش قبيل دقيتني وكفتني)..رد سعد بهدوء(ي بت والله م قصدي..بس كنتا هايج شوية)..ردت رهف(يعني انتا قصدك اني قليلة ادب..والله انا م قصدي شي بس سالني من صحبتي واصلا اول مرة اعمل كدا انا)..سكت سعد قليلا ثم قال(اي عارفك..وانا عشان اول مرة قصدتا كدا..وعارفك انك الادب كلو ي رهف)..ردت رهف وهي تنشج (بس انتا كفك حار ي سعد بي يدك الكبيرة دي)..ضحك سعد(طيييب اسف ي رهف على الكف..لو عايزة اتسدي حقك) ..ردت (م بتسدا ولا شي انتا قايلني شافعة ولا عويرة)..ضحك سعد ثم اخرج علبة"نوتيلا" من جيبه (طيب هاك دي النوتيلا البتحبيها)..نظرت رهف الى النوتيلا...كادت تموت فرحا..كانت تحبها جدا..وكان سعد دائما م يجلبها لها..نظرت اليها(لا لا..يعني انتا مثلا عايز ترشيني بيها)..ضحك سعد(ي بت شيليها ودي عربون اعتزار..ولا اوديها لي امك تاكل وهي حبوبتا ام سنونا ماف دي)..ضحكت رهف وضعت يدها على فمها لتوهم سعد انها غاضبة(طيب انا حشيلا عشان انتا اخوي الكبير وانا م عايزة ارفض ليك طلب)..تبسم سعد(والله البت المستهبلة دي...طيب اكليها ونومي طوالي الوقت اتاخر ..يلا).
يتبع...