وقف سعد قرب الركشة...كان متطمئنا جدا..وضع يديه على خصره..وهو ينظر الى الضباط..كان يبتسم..لم يدر بخلده انه سيتم تفتيشه..ثقته في نفسه جعلته هادئا..ابتدر الرجلان في تفتيش الركشة..كان سعد يراقبهما..اخذا في التفتيش خلف المساند..تحت الركشة..حتى اللساتك لم تسلم..قال سعد لهم(يا جماعة انا م عارف زاتو بنقو شنو وكلام شنو..خلوني امش راجيني شغل)..نظر احد الرجلان له..اما الاخر فرفع المسند الذي يجلس عليه..اخرج كيسا اسود..نظر سعد بدهشة..فتح الرجل الكيس كان عبارة عن 5 رؤوس بنقو..فتحها امام سعد..جحظت عينا سعد..لم يستطع الكلام..اخذ ينظر في الكيس..ويلتفت الى الضابط وهو يشير نحوه(دا..دا م تبعي والله..وربي الكعبة م تبعي)وهو يبلع ريقه بصعوبة..جاء بوكسي المكافحة بعد اتصل احدهم به..نزل ثلاث عساكر..وسعد قد اظلمت الدنيا في عينيه..احس بضيق في نفسه..زادت ضربات قلبه..صعب عليه الوقوف بعد ان كان يقف كالجبل صامدا..كانت يداه باردتين..وقف بالقرب من ركشته..نظر اليها كالخائنة..لم يكن يدري ما الذي يحدث له..من اتى بالكيس..من اتى بهذا البنقو داخل ركشته..لم يحدث ان حمله من قبل..طلب الضابط من سعد ان يركب في البوكسي..كان سعد بباقي طاقته التي انحلت وهو يجاهد خوفه ان يحاجج بها الضابط(يا جنابو دي ركشتي..وربب الكعبة البنقو دا اول مرة اشوفو..صدقني..عليك الله ما تكذبوني..والله ما حصل شربتا بنقو ولا حصل تاجرتا بيو..اسألو مني..اسأل امي اسأل اخواني..اسأل ناس الحلة..اسأل نزار اسأل المحطة كلها من سعد)..والضابط يشير عليه بالركوب وسعد يلح عليه(يا جنابو شيل الركشة اعمل اي شي..بس خليني ارجع بيتنا..وراي اسرة..وراي ناس بأكل فيهم..وراي امي راجياني)والضابط لا يتكلم معه فقط يشير عليه بالركوب..وسعد ينظر الى العساكر ينظر الى ركشته..ثم يصرخ عاليا(والله الركشة دي بت كلب..ما عارف انا قصرتها معاها في شنو..طوالي بغسلا وبملاها بنزين..وقت تزعل مني تجيب لي بنقو..يا جنابو عليك الله فكوني..وربي تعبتا من المشاكل ..خلوني ارجع بيتنا..والله تاني م اسوق ركشة..اصلا ماشي قطر..ماش طالع من البلد دي)..والضابط يصيح في(ي زول اركب..امسكو الزول دا خلاص ي عساكر..وجيبو معاو ركشتو)..امسك العساكر بسعد من كلتا يديه ..كان ضخما..رموا به في البوكسي..كان يصيح(يا جنابو خليني ارجع بيتنا ياااخ..خليني امش..البنقو دا م حقي..خلوني ارجع لي يمة..امي م حتنوم كدا..ربنا بسألكم..انعل ابو دي بلد ياااخ).
في القسم..تم ادخال سعد على الضابط ومعه كيس البنقو..كان قد فقد امله..انكسر من الداخل..اصابه احباط عظيم..
رأى الضابط المعروضات..سال سعد(البنقو دا حقك صاح)..صاح سعد(ورب العباد م حقي وما شفتو قبل كدا الا في يد العسكري)..كان المكتب خالي سوى من الضابط الذي قبض على سعد والضابط الاخر برتبة رائد في المكافحة وسعد..كان الوقت قد مضى..الساعة حوالي 11 ليلا..نظر الضابط للبنقو ثم ابتسم(دا بنقو كتير والله اعلم جاء براو كدا)..وسعد يرد(والله ي جنابو م حصل شربتا بنقو..ولا بتاع الحاجات دي..انا بعول اسرة..غير انو كعب ودمار هو زاتو غالي..فمستحيل اعمل كدا)..كان سعد على امل ان يصدقه الضابط..كان يترجى الضابط في الافراج عنه..حتى لو كلفه ذلك ان يتم اخذ الركشة..قال له الضابط(بس انتا العندك دا م بنقو تعاطي دا بنقو متاجرة)..احس سعد ان الضابط يتهمه..لاول مرة يحس بأنه مجرم..رد على الضابط(انتا جاي تحقق ولا جاي تتهم..اقوليك انا اول مرة اشوفو)..رد الضابط(بس نحنا جاتنا معلومات انك تاجر)..رد سعد(بس ود الكلب الاتهمني دا م وراكم انو ود حلال..وربوني لمن كنتا صغير انو الما بترضى لي نغسك م ترضى لي غيرك وانو الدنيا لو كنتا يوم دائن حيجي يوم تبقى مدان..فكيف روحي تسمح اني آذي الناس بالبنقو دا)..صرخ الضابط في وجه سعد..(ود كلب كيف..احترم نفسك..انتا زول متهم)..تحطمت كل آمال سعد..شعر انه قد وقع في مصيدة الفكاك منها صعب..قال بعد ان استجمع شجاعته وهو يبتسم وهو في داخله محطم(ميزان العدل في بلدنا دا مائل ..عمري كلو انا متهم..لو قلتا الحق ابقا متهم..لو عملتا الحق ابقا متهم لو باريت الحق ابقا متهم..شريف ادريس صح..انا متأكد انو وراء الحكاية دي..الله يكون في عونكم)..نهض الضابط بغضب بعد ان استفزه كلام سعد..صرخ(كلبش الزول دا وودوهو على النيابة ومعاو المعروضات دي)..اخذ الضابط سعد..وضع"الكلبشات"على يديه..امسك بذراعه وخرج به من المكتب..وعند الخروج وجد امه حنان ومعاها وليد..في الخارج ..احتضنته امه..كانت تبكي قالت له(ي ولدي ديل دايرين منك شنو..بنقو شنو)..رد سعد(م تبكي ي يمة..ربنا بفرجا)..ردت عليه (واسع مودينك وين)..رد(موديني النيابة..ي وليد سوق امك..ولمن تصبح تعالو لي هناك..ولدك لسع بي خيرو ي يمة..سلام)...رجع وليد وامه الى البيت..كان الخبر كالصاعقة عليهم..جلست الام علة السرير..كانت خطواتها ثقيلة..حتى الخبر لم تصدقه..رهف والحجة زهرة كانا نيام..اما الام فكانت كل مرة تسأل وليد(يا وليد سعد مالو)..ووليد يطمئنها(بخير ان شاء الله ي يمة..هو دا لسه اتهام ساي)..وامه تدعي(يا رب سهلا ليو..يسر كربو دا)..وضعت خدها على السرير وتقول(غاب الحنين والله..اول يوم تبيت برا البيت..ي رب سهل ليو..ي رب سفرو لي قطر..سهل ليو)..حتى باتت ليلتها تلك
يتبع....