الرسالة الثالثة |.. زفافٌ بائس•|

83 19 4
                                    

لا نتألمُ لأننا كذَلِك، بل نَتألم لأنهُم لا يُبالون.

دلف للغرفة وأغلق الباب لـ يتلاشى صوت الزغاريد من الخارج وتعود الأجواء ساكنة كما كانت، لم يبدو عليه السعادة ولا الحُزن، ملامحهُ جامدةٌ، جلس أعلى مكتبه ثُم أخرج دفتر يومياته، فتحه وبدأ يكتب..

"مرحبًا ثانيةً يا من أسرتِ قلبي، وأظن بأنه سـيظلُ مأسورًا إلى أن يموت، بل لا يكفي قلبي موتٌ واحدٌ كي ينسىٰ حُبُكِ، مر على فراقنا ستُ سنوات، آسفٌ أنني لم أكتُب لكِ مُجددًا بعد رسالتي الأخيرة والتي مر عليها أكثر من سنة، ذلك لأن أيامي تسير بوتيرة مُكررةٍ، لا جديد إلا قلبي والذي يزداد حُبًا لكِ، أعرف أنني مجنون، مجنونٌ بـ حُبُكِ!

المهم.. حدث أمران مُهمان يجب أن أحكيهما لكِ، الأول هو أنني اشتريت المنزل الذي حلمنا به سويًا، واسعٌ كما أردتِ، بنفس الألوان التي اخترتها أنتِ، حتىٰ الأثاث.. كما انتقيته تمامًا.

الأمر الثاني أنني.. سـأتزوج! لا أعرف إن كُنتِ معي كيف سيكون رد فعلُكِ، هل ستحزنين كما حزنتُ أنا حين رأيتُكِ مع زوجكِ! الأمر صعبٌ بالنسبة لي.. فـ هل هو كذلك بالنسبة لكِ؟

لا يُهم كُل هذا، فـ لقد عاهدتُ نفسي أنني سابتعد عن كُل ما يدلني إليكِ، كالمرة الماضية، لن أزعجكِ ثانيةً، لا تقلقي سأرحل عن هذا الوطن للأبد.. ولو أنه لا يهون عليّ، لكني سأرحل تاركًا خلفي ماضٍ موجع، ونقطة سوداء.. حوّلت حياتي إلى كابوسٍ! أعترف بهذا بيني وبين نفسي لأول مرة، أنتِ هو الكابوس الذي يُلازمني منذ ستُ سنوات، فـ هل سيظل ملازمًا لي إلى ما تبقى من حياتي؟

بعد محاولاتٍ عديدةٍ من أمي لإقناعي بالزواج، وبائت جميعها بالفشل إلا واحدة، هذه المرة التي قررتُ فيها أن أقوم بـ استئصال مشاعري نهائيًا وأخرجكِ من حياتي للأبد، وإن لزم الأمر.. سـ أستئصل قلبي نفسه، ذاك القلب الذي أُنهكتِهِ حُبًا لسنواتٍ دون أن تكترثي لأمره، حان الوقت حتى يموت، حتى يرتاح!

فكرةُ أني سـأتزوج فكرة لا بأس بها، فـ لم أعُد أهتم، لكن... أتزوج من غيرُكِ! وأكون لـامرأة أخرى، لا أعرف لما لا أتقبلها، لكني سأحاول.. مع مرور الزمن سـأنسى هذا الحُب القاتل، وأحب زوجتي الجديدة!
ازعجتُكِ مرةّ أخرى بكثرة ثرثرتي، آسف.. لكن هذه هي المرة الأخيرة التي سأكتبُ لكِ فيها، لذلك أردتُ أن أبوح لكِ بما يُكنه صدري، عله يرتاح"

بعدما انتهى من كتابة الرسالة، قام بنزعها من الدفتر وفتح الصندوق ووضعها فيه، ثُم لفه بـشريطٍ لاصقٍ حتى لا يفتحه مجددًا، ووضعه أعلى الخزانة.

جلس على السرير ناظرًا أمامه.. وقد بدأت تنساب بضع قطراتٍ من عينيه، هذه أول مرة يبكي دون أن يهم لمسح دموعه، دون أن يقوم بإخفاء ضعفه.. حتى لنفسه!

- يُتبع.

رَسائِل عاشقٍ√.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن