(٤)
كل هذا يجري في خاطرها لمدة ثوانٍ قليلة معدودة، أما هو فيشعر أنه ذلك الهدوء البشع الذي ستلحقه العاصفة لتدمر كل ما أتمّه في حياته خلال لحظات قِلال، فأراد أن ينسحب بهدوء تام...
"أنا آسف لو ضاي...."
"..أنا بعشقك"
انتفضت عيناه، هل هذا يُعقل؟ وقعت عليه الجملة كالصاعقة التي تخطف البصر بسرعة غير محسوسة، هو الآن مجرد جسد، ترقص روحه في عنان السماء مما سمعته من تلك الفتاة،فأراد أن يستكمل سباق الجُمل العذبة،ولكنها قد أنهت الاتصال؛خجلاً مما سيحدث بعد ذلك..الشوارع هادئة، الظلام يغطي أركان الحيّ،سبات عميق في جميع المنازل، الأنوار مغلقة ، إلا في هاتين الحجرتين..
كلاهما لم يحظى بالقدر الكافي من النوم، ولكن لا يهم ذلك ، المهم هو ما حدث قبل قليل..
يعبث هذا الأمر بعقليهما اشد العبث،لا يدركان ما حدث، لا يدركان أن طوال هذه السنين تنتهي ببعض الكلمات ، وفي نفس الوقت تكون بداية لسنين أخرى، تحمل ألوان أخرى...يُطرق على باب الغرفة ثم يُفتح الباب..
"اي اللي مصحيك لحد دلوقتي يبني"
"الشغل يا حاجّ،المشروع لازم يخلص قبل نهاية الأسبوع"
"وياترى اي الشغل الجميل اللي يخليك مبتسم وباصص للسما في الوقت ده؟"
يضحك خافضاً رأسه من الخجل، هل لهذه الدرجة الأمر مسيطر على عقله وجسده؟
"قوم يابني صلِّ الفجر ربنا يرزقك"
"حاضر يا بابا"
" الشغل شكله حلو أوي عشان يخليك تقول بابا بدل حاج اللي اتعودتها منك"
.......
كان مسيطر على نفسه قليلاً، على الأقل ظاهراً..
أما هي ،فما أن أغلقت هاتفها إلا وأن بدأت تطير في كل أرجاء الغرفة، تقفز نحو أختها النائمة، تُيّقظها مخبرة إياها بصوت عالٍ متكرر " أخيراً قالها، أخيراً قالها"وهكذا ، ظل الاثنان يقضيان ليلهما هكذا...حتى استحوذ عليهما وحش النوم.
أنت تقرأ
هو وهي.
Romanceأحيانًا نجد عقلنا يحاكي قصة حب لم نراها في حياتنا اليومية، وتلك إحدى المرات الذي راوغني عقلي فيها.