6

3 0 0
                                    

(٦)
يومٌ جديد ببداية متكررة، تعلن عنه شمسٌ تبدد ضوئها بين السحاب الكثيف، صوت عصافير تعزف تلك المقطوعات الصباحية التي يحبها البعض ويمقتها الآخر،أصوات الجوّالة بصوتهم العالي وهم يتغنون بجمال مبيعاتهم...
ولكن هذا الجمعة له بداية جديدة، بداية غير سارّة..يذهب الطفل سيف نحو غرفتها باكياً بصوت قادر على إيقاظ أمة كاملة،حتى يقترب منها وهي نائمة ثم يصرخ"اصحي يا خالتو جدو مات..جدو مات"
تسللت هذه الجملة إلى أحلامها حتى أصبحت كابوساً، كابوس جعلها تنتفض وتستيقظ بسرعة لتجد سيف باكياً، تجري نحو غرفة والدها، تكاد تفتح باب غرفتها حتى تسمع  عويل النساء، من هؤلاء؟ ماذا يفعلون هنا؟ يا إلهي ، أنا لا أحلم!!
تعبر بينهم حتى تدرك أمها وأختها، هن أيضاً سيطر عليهن العويل، "فين بابا؟" " مماتش صح؟"
ترفع أختها  إصبعها لتشير إلى سريره، يا إلهي!هذا حقيقي، يرقد على سريره، يحول بينه وبينها ذلك الستار أبيض اللون ، لونه أبيض ولكنه يقتل القلوب من كثرة البكاء، تشعر بشيء غريب بداخلها لتجد نفسها تضمه بين ذراعيها وتحدثه"اصحى يا بابا"   "اصحى يا حبيبي"  " طب يرضيك سيف بيْعيّط؟" ولكن كل هذا بلا جدوى، كيف يصير بجدوى وهو لا يرد عليها؟

تمر ساعات إلى أن يتم تجهيز مراسم الدفن ثم العزاء، ولكن هذه المرة يوجد شيء جديد ، يوجد هو.

هو الآن متكفلٌ بإنهاء تلك المراسم، كان من هؤلاء الذين يأخذون العزاء، كان الأول في الصف،يشعر البعض بالغرابة؛لما يأخذ هو العزاء؟، كان يومه كله بجوارهم يساندهم ، ويساندها هي بالأخص، هي تريد أن تقع في حضنه ، ولكن الموقف غير مساعد بالمرة..

كالعادة، تنتهي المراسم بحلول الليل، يختفي الجميع ولكن يبقى يظل هو...يجلس بجوار المنزل يساندهم، تأتي إليه الأم "تعبناك معانا يبني"
"تعبكم راحة يا طنط،ربنا يصبركم وإن شاء الله آخر الأحزان"
"اللهم آمين"
"هي كويسة دلوقتي؟"
"أحسن من الصبح،روّح إنت يبني عشان الوقت اتأخر"
كان حزيناً، حزيناً لوفاة والدها، وحزيناً على حزنها، كان يظن أنه من غير العدل أن تحزن تلك الفتاة،وخاصة بعد أن أخبرها بحبه لها، كان يقسم كل ليلة أنه سيبفعل مافي وسعه حتى يري ابتسامتها مرسومة على وجهها.

تدخل الأم للداخل، وتنادي على بنتها طالما غادر الجميع
"بصي يا بنتي، أنا عارفة إن الوقت مش مناسب، ولكنها وصية أبوكي إني أبلغك يوم ما يتوفي، وربنا توفاه النهارده، هو جه من فترة يطلب إيدك من باباكي، ولكن أبوكي قاله إنها تخلص كليتها الأول وبعدين نبقى نسألها، أبوكي كان عارف إنه بيحبك، وإنه هيوفي بوعده وهيتجوزك..وعشان كده كان متطمن لما يلاقيه معاكي برا"

لا تعرف ما حالها، أهي حزينة على والدها؟ فرِحة بما تسمعه؟ لا تعرف ماذا فعلته، الشيء الوحيد الذي فعلته أنها بكت وهي بين أحضان أمها...

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: May 07, 2020 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

هو وهي.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن