الفصل الثامن

5.3K 98 4
                                    

كان ينظر إليه من مكانه الجالس فيه وكأنه ملك هذا المكان المتوج.. بينما الآخر يشعر بالتمزق حتى من النظرة.. حرباً لم يكن كلاهما مستعداً لها في هذه اللحظة التي جاءت لتحدد ما بينهما بالصدفة البحتة.. فيتوريو ينظم وجوده الجديد بكل الأوراق الجديدة بهويته الأصلية التي صار يريد الاحتفاظ بها فقام بطلبات تبديل اسمه على أن يحتفظ بكل ألقابه.. فكل منها هو جزء هام من هويته التي ينتظر مندوب السفارة هنا في منزله ولم يكن في باله أن مفتاح جنة أمه مع أحد غيره.. بعد ساعة كاملة من الحنين الجارف له بالمكان يجد هذا المتطفل أمامه فيزداد حنقاً عليه.. فكانت إجابته مرآة لهذا الشعور الغاضب..
لم يشعر جواد بنفسه إلا وهو يسحب هذا الإيطالي الأفاق المغرور بقوة ولدتها داخله أعصابه الموضوعة على حافة البركان الثائر من غضب حارق لكل ما سيقف بينه وبين

أميرته.. يجذب جسده فيطاوعه جسد فيتوريو وقف أمامه

بكل شموخ كسد حديدي محصن من الانهيار.. بينما صوت جواد يسأل بإدراك بعيد كلياً عن الاستفسار بإنجليزية حريص عليها :" فرسان ".

أجابه فيتوريو وهو يزيح كفيه الذين كانا قابضتين على ياقة سترته الصيفية الفاخرة مضيقاً عينه بإنذار شديد اللهجة :" نعم فرسان.. الجواد العربي الأصيل الذي لا يستحقه أصحابه من ذوي العقول الضيقة بشكهم الدائم".

تنفس جواد بصعوبة.. وعقله يدور بغيرة مريرة من هذا الذي عرف ما كانا يعانياه معاً ..متسائلا باستفسار حرق عضلة قلبه :" هل تعرف أنك ستقابلني هنا ؟!!".

لم يكذب فيتوريو عندما أضاف بتعليق هازئ :" حقاً تسأل.. هل كان بيننا موعد مثلاً.. أنا نفسي لم أكن أعلم أني سأقابلك هنا.. لكن ربما تتكهن فيما بعد، فهي سيدة هذه الأشياء.. تجيد الاستنتاج لتصل حيث تريد ".

ابتلع جواد غصته داخل حنجرته المسدودة سلفاً فكاد يختنق ما جعله يرفع أصابعه يفك رابطته عنقه، وزري قميصه العلويين مفكراً في كل كلمة ساقها أمامه.. قال ببطء معترفاً :" أنت فعلاً تعرفها.. هكذا هي حادة الذكاء".

مسد فيتوريو ياقة سترته عندما أدرك أنه اكتسب نقطة تفوق على هذا الشاب فنظرة الانكسار داخل عينيه مع الضباب الداكن المتجمع أعلمته بهذا :"بدأت أشك بهذا.. لو كانت هكذا ما اختارت.." .

قضم كلماته حتى لا يكشف نفسه متنفساً بجمود معقباً:" عامة بما أني هنا سأتفق معك ".

جلس مكانه مرة ثانية وهو يضع ساقه فوق الأخرى مضيفاً كرجل أعمال متمرس :" كونك العضو القانوني لشركة دحية سأمنحك أوراق إنهاء القرض نهائياً مع مبلغ عمولة محترم لك ".

أسرع جواد ليعقب بكلمة واحدة فهو يدرك هذه المساومات :" مقابل ".

مد فيتوريو ببرودة أعصاب أصابعه لجيب سترته الداخلي ليخرج إحدى سجائره الغليظة رافعاً ساقاً فوق الأخرى يتحدث من فوقية متعمدة فما زال لديه شك أن هناك من يستحق أخته، ومن القصة التي سردتها له كقصة مختصرة الأحداث تحدثت فيها عن حب وخطوبة سابقة تحولت لامتنان ثم ثورة وخوف فكانت كما فهم الجائزة الكبرى التي تسابق عليها الجميع لتسقط في يد من لم يقدر قيمتها حتى لو كانت أحلامه فقد أضاعها بأفعاله :" أن تعود لتقول للجميع أنك لم تجدها هنا.. وهذه ليست بكذبة حتى لا تدعي المثالية.. هذه الحقيقة كاملة هي بالفعل بإسبانيا وأنا الوحيد الذي يمكنه جعلك تصل إليها كابن عم.. فقط ليطمئن قلبك عليها وأنها ستكون بأفضل حال بدون من شككوا فيها وتركوها وحيدة ".

عجباً   لغزال[الجزء الرابع من سلسلة حد العشق]!حيث تعيش القصص. اكتشف الآن