الفصل العاشر

5.9K 84 17
                                    

انتفضت مكانها بعد أن مسحت أصابعها في فوطة صغيرة ثم بدأت تهرول لهاتفها بصوت يملئه اليقين :" يجب أن نعلم راشد بقصة القبر الفارغ هذه ".

صرخ بصوت وجل يملئه الذعر: "لا.. لا".

لو كان الفقر رجلاً لقتلته.. عبارة مرت بعينيها وهي تنظر لحالة الخضوع التي لاحت بعيني توأم روحها.. ذاك الرجل الذي لم يكن يخضع لأحد.. لم يكن من المستسلمين.. نعم على صاحب المقولة تعديلها ليسعد قلبه أن يقتل الخضوع والاستسلام.. حتى الفقير يكون لديه ما يقاتل من أجله يكفيه لقمة عيشه التي يكد من أجلها.. مناقضة لعين أحبت إرادتها المتحدية بالماضي لكن الآن عينيه لم تعد مسكن لأي مشاعر سوى الخنوع بهذه اللحظة ..

هتفت بصوت ميت تخشى الصراع داخل قلبها :" لماذا؟!!.. أتشك فيه ؟!!.. هل راشد من فعلها.. لا أظن أنه شارك في

قتل أحلامنا مجدي ".

وقف ببطء مكانه ينظر إليها بنظرة استعطاف أن تصمت ثم نظر لابنه المترقب ما يحدث ويلتهمه إلتهاماً.. أطرق للأرض متحاشياً نظراتها القاتلة.. دوماً كانت أقوى منه حتى في ضعفها كانت قوية.. يخشى عليها مما ستراه منه.. كانت الثواني تلتهم عقلها.. فلا يمكن أن يكون أخاها هو الآخر ممن تأمروا عليها.. لا تريد التصديق ولكن صمته أبلغ من أي حديث.. تقبض على هاتفها المحمول القديم ذاك الوسيلة الوحيدة التي كانت لها بالعالم الخارجي فترة من الفترات.. عمرها كله صار فترة.. تخدرت أصابعها المطبقة بشدة على الجهاز البلاستيكي من الألم.. تكاد ساقيها أن تنحنيا سقوطاً إزاء صمته الخانع الذي أخيراً أعلن توبته على يديها لينهض متحرراً من مكمنه.. يخرج كخفوت النسيم :" لا.. لا أتهمه.. لكنه لم يستطيع حمايتنا.. ولن يستطيع الآن.. أتظنين أخاكِ سيتفرغ لنا.. لديه عائلته وابنته أولى بإهتمامه خاصة بعد وفاة باسم ".

رفعت الهاتف الكائن داخل قبضتها :" فرسان ظهرت برائتها وزوجها لن يتركها.. دعني أبلغه فهناك جسور وهادر المصاب.. روحين تتعذبا مثلنا ".

صرخ فيها بألم كحيوان يئن.. أصابعه تهتز بضعف أكبر مشيرة لخلفها حيث مدخله :" لا.. اختاري إما وجودي هنا مع صمتي أو خروجي من هذا الباب الذي لم أصدق نفسي أنه لي وأنا أجتازه للداخل ".

انتفض جسده الواهن بترقب بينما يدها تهبط لأسفل دليل إعلان تواطئها وصوتها يهدر بتصميم :" اخترتك منذ زمن.. اخترتك على دوار جدي الذي كنت فيه ملكته المجابة الأمر.. اخترتك بكل ما فيك.. حتى ضعفك وخوفك الحالي اخترته يا مجدى ".

لم يصدق وحيدهما هذا الزخم من المشاعر المتناقضة الذي شعر به على مدار دقائق.. لام قدره أنه لم يكبر في قلب هذين العاشقين.. لم يخطو بينهما فخوراً بأبوتهما.. كان يكتم شهقاته بلا وعي للسائل المالح الذي انساب داخل أخدودين حفرت حرارة دمعاته مجراهما.. لتنساب بلا إنقطاع دموع لا يمكنه إيقافها.. مدركاً الآن لتوه ما هو رده لو تم الاتصال به من هذا المهدد الواثق من جوابه ..

عجباً   لغزال[الجزء الرابع من سلسلة حد العشق]!حيث تعيش القصص. اكتشف الآن