صباحاً،،
يقف أمام باب أبيه كغريب غير مسموح له بالدخول ..غير مصدق ما حدث بالأمس وكأنه أوهام.. تحققت جميع أحلامه بيوم واحد.. ما زال صوتها الخجول الموافق على الزواج يرن في أذنه كمعزوفة متناغمة النغمات.. لينتهي اليوم كله على صوت أبيه الحاد عندما حمل مازن الذي غفى على أحد المقاعد وهو جالس ..يدلف به غرفة أمه الفارغة.. أرخى جسده الغض على السرير ودثره بعد نزع حذائه من قدميه الصغيرتين.. ودعه بقبلة وخرج ليصطدم بأبيه الحاج ناصف الذي طالبه بأغرب شيء في الوجود :" فهمي ..هات مفتاح المنزل هنا فقد أضعت مفتاحي ".
دفع أصابعه داخل جيب بنطاله ورفع سلسلة مفاتيحه وقبل أن ينزعها هتف فيه :" أبي هل بحثت جيداً.. فيها مفاتيح المعرض أيضاً.. أليس كذلك ؟!!".
كان أبيه يترقبه بانتظار ماداً أصابعه تجاهه بتعجل لم يكن من أبجديات أبيه مما جعله يغلق كفه على السلسلة بشكل صبور ينافي ما فيه الرجل من فقده لصبره :" سوف أنسخ لك اليوم مفتاح والدي وسوف أبدل جميع أقفلال المعرض نحن نبيع ذهباً ولسنا نبيع طعاماً.. دعنا ننتهي من هذا.. إذا كان الله سترها علينا طول الأشهر المنصرمة لأننا هنا مع أهلنا وهم خط دفاع لن يقتحم أحد الغرباء المعرض في وجودهم ".
هتف أبيه فيه بعدم صبر محاولاً أن يأخذ المفتاح من يده المغلقة عليه :" إن الله لو أراد أمراً سيتمه.. كنا بالماضي أنا وأبي نترك المعرض مفتوحاً ونصعد لأمي نأكل ونرتاح قليلاً ثم نعود فنجد المعرض على حاله.. هات مفتاحك فهمي".
وعى أن أبيه يتقصد مفتاحه بالذات.. خلع المفتاح من السلسلة ومنحه
إياه مستفهماً:" أبي ما القصة بالضبط ؟!!".
وضع الرجل المفتاح في جيب جلبابه العلوي فوق صدره وحرك مسبحته بين كفيه يسحبها جميعها وكأنه يربت عليها بحنان أبوي.. أجلى صوته ثم تحدث بجدية :" من اليوم ستبيت في شقتك.. هنا للطعام فقط ولو لم نكن في اجتماع جميعاً ستتناول طعامك في المعرض كأي عازب في الشارع ".
عقد فهمي حاجبيه مستعداً للمجادلة لتنبت أمه خلف أبيه قادمة من الخارج هاتفة بصوت لائم :" هل ارتحت الآن ناصف.. لن أنساها لك.. ما تفعله لا يليق يا رجل ".
نظر لأمه يطالبها بتفسير فحال أبيه غامضة عليه :" أمي ماذا هناك ؟!".
شبكت كفيها ببعضهما نظرت لناصف الذي كان يخزها بعينيه ألا تنطق ثم سددت نظرها لأبنها :" يا بني أبيك منذ شعر بما بينك وبين شروق وهو لا ينام الليل يظل متيقظ.. ليس لعيب فيكما ولا شك .. لكن لحمايتكما بني ".
تمدد جلد جبينه العريض لتتحرك حاجباه بتنافر غريب لدرجة كادا يخرجا عن محيط وجهه ثم ضج بالضحك مما أثار حنق والده :" أنا اليوم كهذا الصغير.. أريد النوم بعد عناء أيام طويلة أشعر بالراحة أخيراً وتجمعت كل إمارات التعب على جسدي ".
أنت تقرأ
عجباً لغزال[الجزء الرابع من سلسلة حد العشق]!
Roman d'amour"الثأرُ ثأرٌ، عزيزي... وأنتَ تدين لي باثنين!" بالرابعة كنتُ، والعاشرة أنتَ... حين جلستُ أتلاعب بجدائل غزالي، أتذكر ذراعه الخشبي المفقود؟ أظنني تشبثتُ حينها بعود الخشب المكسور.... والتساؤل يغمرني: أتُرى ذاك الفتى صاحب الظل الطويل يعرفني؟ أتُراه يأتي؟...