المقدمة

1.1K 14 0
                                    


الشغف كلمة أصبحت تحمل الكثير من المغالطات أو تحمل الكثير من الآمال, جلست ولأول مرة منذ وقت طويل تشعر بالسعادة بالحرية والراحة, لا... تشعر بالتوازن والإكتمال, دارت بعينها الثالثة الأحادية وضيقت كمية الضوء المتدفق داخلها لصوت هذا الصغير الذي يصدر أصواتا بفمه داعياً للطعام تلك البجعة الضائعة بقلب القناة الأفعوانية بمدينة البندقية العاشقة الأثيرة التى أصرت أن تزدان بالرهبة والجمال وتتشح بالنعومة والرقة... الترقب والأنتظار يدق قلبها بقوة يتدفق الدم الحار بخريطة شريينها وباللحظة الحاسمة يتدخل الشغف لتلتهم المنظر أمامها وتسلبه خصوصيته ليكون ملكها وحدها ..صرخ الطفل الصغير عندما انقضت نورس جائعة من الفضاء على الطعام الذي ألقاه بالجدول المائي.

- هذه البجعة سارقة أمي!

ارتفعت كفان بالهواء تدعوان الصغير المرتجف نتيجة المفاجأة لتهدهد انفعالاته فما كان منها سوى أن يرتفع شغفها لمداه وتلتقط صورته المندفعة داخل أحضان أمه التي كادت تفترش الأرض وبدلاً من إصدار صرخة انزعاج كانت الضحكة بديلاً رائعاً وخياراً محباً... توحدت مع الصغير في لحظة عفوية.

- رائع!

هتفت المصممة الفرنسية التى كانت تتابع المنظر من بعيد, دارت الكاميرا لتواجهها فما كان منها إلا اتخاذ موضع خاص مغري للتصوير... تم التقاط صورة لها بينما يدلف للمدخل المائي للفندق رجلاً يتهادي بقامة فارعة يقود امرأة جذابة القوام, همست بيرين: تباً لقد أفسدا صورتي باختيارهما هذا الوقت بالمرور! - ثم أبعدت عدسة الكاميرا عن وجهها – لابد لنا من أتخاذ نفس الموضع لأعيد إلتقاط الصورة!

رفعت سيمون المصممة الفرنسية إصبعها معلنة رفضها التام: لا وقت لدينا... هيا إلى العمل وإلا سوف يلقي بنا ديمتري المستبد للخارج! لم يجلبنا لنتسكع!!

هرولت إليها فتركتها الأخرى خلفها: انتظري سيمون أرجوكِ... كنت فاتنة جدا! دعينا نفعلها وسوف أرسلها لحبيبك عله يعلم أنكِ ملكة من ملكات الجمال!

رفعت سيمون سبابتها ولوحت بها للخلف: ليس الآن... لدينا مشكلة رهيبة وعلي حلها قبل أن أجد حذاء الدب القطبي بمؤخرتي بركلة محترف طارداً إياي للخارج!

ارتفعت عين الشغف داخل المصورة ودارت بعينها الأحادية لتلتقط الكاميرا الحياة الحقيقية, لا تهدف لتلك الصورة المزينة بزيفها تصبو أن تواجه الحياة بسلبياتها قبل إيجابياتها علها تلتقط ما يوحدها مع حياتها, لدرجة أنها حاولت مرات عديدة تصوير ذاتها, أرادت أن ترى حقيقتها من خلال العين الحقيقية بالحياة, الكاميرا لا تزيف او تزين الحقيقة بل تمنحك رأيها الصادق.

تلك الكاميرا التي ترصد كل لحظة بلقطة مميزة إذا جمعتها ستخرج بقصص رهيبة درامية أو رومانسية تلك النظرة الشاعرية للأمور وهذا الحب الجارف لعينها الثالثة هو ما جعلها تغادر تركيا موطنها الأم وتجوب العالم لتحوز على صور غاية في القسوة أو صور بمنتهى الرقة يجمع بينها فقط الصدق.

كوني عطري[سلسلة لا تعشقي أسمراً(3)]حيث تعيش القصص. اكتشف الآن