الفصل الثامن

373 11 0
                                    


تحرك تجاه سترته يقلب داخلها يعثر على حافظة نقوده ويفتحها ناظراً داخلها مطولاً بنظرة حالمة ثم يطويها داساً إياها في جيبه، مال برأسه إليها مركزاً نظرته عليها.. لم يدرك أن الكاميرا تدور وكل تركيزها على وجهه فعينها ملتصقة بالعدسة، ظنها تتفحص ما سبق والتقطته كعادتها دائماً كلما خلت لنفسها ليطلق داخله العنان لمشاعره، نظراته تقيس المسافة الزمنية بينهما.. ليست بقليلة ولكنها لا نهائية أيضاً، أحياناً يشعر أنه يقدر على طيّها بلحظة فتكون له كما يريد ويتمنى.. أحياناً أخرى يتجمد من هول طولها، يريدها الآن.. بل يريدها منذ سنوات، كثيراً ما اعتبر حبه المجهول لامرأة مجهولة لا يجمعهما سوى ليلة ورغبة محمومة كانت موجهة لامرأة أخرى اعتبره نوع من أنواع الانحراف السلوكي وخشي أن يكون من هواة تعذيب الذات أو الغير ولكنه بمجرد أن وجدها أدرك أنها مكملة روحه ولا يرغب في الاقتراب من سواها، أوليس هذا ما حدث؟ وقد أصبحت معه بصفة دائمة لكن أي رفقة هذه؟ رفقاء قطار أم اثنان تم دعوتهما على عشاء وجاء ترتيب جلوسهما متجاورين ليتسامرا ساعة أو ساعتين كل مآله للافتراق، يريد قطع خطوات مشلولة مقيدة بهجوم قديم.. سيستيقظ المارد داخلها إذا خطا خطوة واحدة، (التجمد) هذه هي الكلمة التي يشعر بها أمامها، مشاعره تجاهها يجب أن تظل بصندوق أسود فقد مفتاحه وعلاه الصدأ!
تنهدت وهي تلتقط تلك النظرة التي تعني أنها شيئاً خاصاً جداً لديه.. بل كأنها تعني له الحياة كلها أو أنها الشخص الوحيد الذي يملكه بالدنيا، نظرة غريبة تعني التمسك بها.. تجتاحها بقوة، تشعرها بأمان غريب لكن الدونية تتوزع بمنتصفها برغبات أقل ما يقال عنها متوحشة، شرسة لو أطلقت عليها ستمزقها إرباً وستجعلها بحالة أكثر شتاتاً من الماضي بل تشعر بالرخص إن جارته بمشاعره، داخلها إدراك خفي أن نظرته هذه تختلف كلياً عن نظرته بالماضي، في الماضي كان هناك فراغ كبير وكأنه يقاوم فعل شيء أو مندفع لدرجة الغباء للقيام به أما الآن فهي تجمع بين الأمان والقبح.. مصمم على نظرته التي التقطتها لرجال عديدين لا يخصوها ولا تخصها نظراتهم ولكنها وجهت لنساء أخريات تقول لهن بتعهد طويل الأمد أنتِ امرأتي.. مشاعر جارفة ستكتسح أي مقاومة منها، ستنتزع منها إشفاق وغفران لن تستطيع منحه له.
هل يعني هذه النظرة أم أنه ممثل رائع قدير؟ ربما أوهامها قد أثرت عليها.. في كل الحالات لن تستطيع تجاوز مشاعرها ومنحها له هو بالذات، تأثرت بما رأت لدرجة الوهن الذي جلب إحباط قاسٍ معلناً أن هذا الزواج كان أكبر خطأ في حياتهما فسوف يظلان على طرفي نقيض هو يحب ويرغب وهي تهرب من المنح، لا تقدر عليه.. حياة بدايتها حرب ونهايتها عذاب وحقد!
اقترب منها حتى وقف أمامها ماداً لها يده بلا كلمة، بدا سعيداً بوضعهما فما كان منها سوى أن منحته أصابعها ليسيرا للخارج في اتفاق صامت فكلاهما قد عانى الأيام السابقة ولابد لهما من هدنة خالية من التوتر، ربما يستطيعان اكتساح فيض المشاعر التي تتصارع داخل كل منهما.
*******
جالس بالظلام يضع رأسه بين كفيه يفكر بها، لابد أنها لجأت لبيرين فهي الوحيدة التي تعرفها هنا بحكم العمل والمقابلة الشخصية، وأكيد سوف تطالبه بالانفصال وسيقع أبوها تحت تأثير ذنبه وإجبارها على اتخاذ موقفاً مغايراً لمبادئها أو بالأحرى طريقها الموعود.. إنه يدرك خطأه ولكنه أحبها وأرادها بقوة!
دفع الباب بقوة لدرجة أنه التصق بالجدار محدثاً ضجة كبيرة، اندفعت ساقاه لتحملا لأعلى جسده المتألم من طول جلوسه بمركز الشرطة.. وقف منتصب القامة لكن منكس الرأس، لا يعلم ماذا يفعل حين سمع صوتاً غريباً.. رفع رأسه بسرعة كبيرة ثم عبس، كانت هناك تحمل أوراقاً غير منتظمة كأنها سقطت منها وأعادت جمعها، ولما سقطت أنظارها على وجهه هتفت بفرحة: "عمرو!" اجتازت المسافة بخطوات واسعة لدرجة أنه ظن أنها ستصطدم به.. هي هنا؟ هي هنا! كادت سعادته تغرقه وهي تتحدث بتبرير يتحرق له: "كنت أظن أن الإجراءات ستأخذ وقتاً أكثر من هذا!" توقفت أمامه مباشرة وأردفت: "كنت.. كنت..." فجأة اختفت كل الكلمات وفقدت معناها بينهما، وجدت نفسها بين أحضانه، لا تعلم هل هي مَنْ تركت لنفسها العنان لتسقط ما بيدها أرضاً وتطرح ذاتها على صدره حتى يلملم جناحيه عليها بحماية أم هو من اجتاحها وأخذها في أحضانه.. المهم أنهما هنا معاً وأنه موجود معافى من محنة كادت تودي بمستقبله، وأنها هنا فعلاً بعد أن تخيل أنها غادرته للأبد.
ظلا هكذا مدة لم يعلما مقدارها، متعلقان ببعضهما فقط تستند برأسها على صدره تستمع لخافقه يهدر بالوجود وهو يخشى أن يتركها فيجدها حلماً أو عبثاً لخيالاته، أبعدها قليلاً ولم يتركها بل ظلّ محدقاً بها يمسد خصلة تهدلت للأمام يبعدها حتى يرى وجهها بكل تفاصيله، همس باسمها وكأن حياته معلقة به: "مروة" ثم أضاف بخشوع خشن: "أنتِ هنا!" أدركت ما يقصد فصمتت بعد أن كادت تجيبه (وأين أكون غير هنا؟!) لكنها استبدلتها باستفسار مرتجف: "لماذا يا عمرو.. لماذا؟" وكأن جميع أسرارهما تكمن في أداة استفهام وحيدة.. ازدرد لعابه الذي جف وكأنه محكوم يتلقى حكماً بإنهاء حياته، ارتجف صوته بنبرة مشوهة التقطها أذناها على الفور: "فعلتُ هذا حتى لا تكوني لغيري، أحببتكِ قبل أن أراكِ.. وداد جعلتني أعشق تفاصيل امرأة كانت تداعب خيالي بلا صوت، فقط تصرفات.. أقوال، عشتُ أعواماً بين مروة قالت.. مروة فعلت.. ثم رأيتكِ فكان نصيبي ألا ألفت أنا نظركِ ويسجنه آخر، كنتُ هناك وشاهدتُ نظرة كنتُ أتوق لها ورغم عني أحببتُ امرأة من أول نظرة، لم أربطها بصورة أخرى.. عشقتُ تفاصيلها عن لسان وداد أختي الصغيرة" ارتجفت بين جناحي كفيه النائمين بخمول على كتفيها فجعله يردف بقوة: "علمتُ أن المرأة التي أحب هي التي عشقتها عندما أردتُ إيصال رسالة لوداد، عندها فقط علمتُ أن مروة التي عشقت هي ذاتها مروة التي رأيت فاكتملت جميع أسرار العشق داخلي، والدك كنتُ أحادثه من قبل وخاصة عندما أخبرني عمي أنه يريد استثمار جزءاً من أمواله في إحدى شركاتنا وقد توليتُ هذا الأمر ثم طلبتكِ منه على نظام دخول البيوت من أبوابها ولكني خشيتُ أن ترفضي حتى مناقشة الأمر، فهناك نظرة هامت برجل آخر.. أدرك أنها نزوة أو انبهار ولكن حتى الوهج في عيونكِ أرعبني، جعلني أفقد شجاعتي أمامكِ وخاصة عندما وجدناه على المرفأ يتعذب أمام امرأته ونظرة حسيرة تجلت داخل مقلتيكِ، كدتُ أخنقكِ يومها فماذا كنتِ تريدين مني أن أفعل؟ فليكن! أفعل كما يفعل الرجال.. نتزوج ووقتها أستطيع أن أبثكِ أشواقي، أعلمكِ كيف حبي وأجعلكِ تتعلمين الحب على صدري هذا وعلى يدي هاتين" رفع كفه ليهزها بالهواء ويضرب صدره فكان لابد لها أن تهرب لتقف بعيداً، يشعرها بالذنب حياله وهو المذنب!
همست بتلقائية: "أخطأتَ!" صرخة معذبة خافتة ندت من بين شفتيه مؤكدة: "نعم، أخطأتُ" تحرك للطرف الآخر من الغرفة ليقف بجوار النافذة العريضة التي تطل على وسط المدينة كأنه لا يرى شيئاً، فقط الذنب مَنْ يتحدث داخله: "أخطأتُ، نعم لكوني جعلت الطريق واحداً بلا اختيار، فقط شرط مقايضة إما زواجنا أو لا سفر، لا فرصة!.. جعلت الطريق بيننا بلا قرار، فلا يوجد مكان لصارب أو لغيره ولا سبيل لكِ لأحد سواي، كان لابد أن تكوني لي فقط" استدار ليواجهها فيما كانت تنظر له بحدة كلما ذكر صارب، جعلها تشعر بالذنب أكثر لمجرد افتتان لم يكن سيتخذ أبعاداً أخرى تعدو عن كونه افتتان: "لم يكن القرار قرارك أو قراري، نحن اثنان كان لابد لهما أن يتوحدا بعشق كالمرض لا مفر منه، أعرف أنكِ تكرهينني الآن أكثر ولكني أحبكِ فقط وهذا ما أستطيع أن أبرر به فعلتي التي لم أرها ذنباً أو حتى خطأ، فقط انتصار لهذا الحب الذي ولد بليلة.. شاهد سمراء خلال ورقة حظ، ولكن نظرتها لم تكن له!".
"اصمت عمرو!" نظر لأعلى تجاهها ليقطع المسافات التي طالت بينهما، مسافات من أحراش نبتت، لم يعد قادراً على اجتيازها ولكنها تولت عنه المهمة هذه المرة بعد أن عادت مروة سيدة نفسها، خطت وهي ترغمه على سماعها: "للمرة الأخيرة، كان وهج طيف، شيئاً خارج عن المألوف!" صرخ فيها بحدة الغيرة المستعرة داخل قلبه: "حتى هذا الطيف لم أكن أريده، كنتُ أريد النظرة الأولى لي أنا والنبضة الأولى تهتف باسمي أنا داخل قلبكِ، عندما يجف حلقكِ يكون بسببي، عندما تنسجين حلماً أكون أنا بطله الوحيد" أغمضت عينيها على صورته المتألمة بشجن وعادت فتحهما بثقة: "ولكني لم أتمنى أن أقول لأحد غيركَ (أحبكَ)، لم أتمنى أن يقبلني رجل سواكَ أو أن يجعلني امرأته غيركَ أنتَ عمرو!" ابتلع كل منهما غصة كانت تسد حلقهما وهي ترد أثناء اقترابها: "كنتُ أريد أن أقول لكَ أحبكَ عمرو، اجعلني امرأتكَ ولكنكَ اتهمتني بأشياء غريبة ثم غادرت و.. و.." تلون صوتها ببعض من نحيب جعلها تبحث باتجاه آخر عن أي شيء تهرب به من أمامه ولكنه لن يمنحها فرصة الفرار مرة أخرى، جذبها إلى مكانها الأزلي فوق صدره العريض يسمع همهماتها داخل صدره: "أحبكَ عمرو، ولم أحب سواكَ ولم أرَ غيركَ رجلاً بحياتي... لا تتركني عمرو، لا تتركني وحدي بعد الآن" تتوغل همساتها داخل عظامه فتحيلها لمياه منثورة على الطرقات ثم تجمعها فتنتصب مرددة اسمها ولكنه فقد المعرفة بعد تجربته القاسية، يريد منها أكثر من هذا!
احتضنها بقوة وأمال رأسه ليستند على رأسها بينما يهمس بوفاء: "شكراً لكِ مروة على كل ما فعلتيه اليوم" رفعت رأسها إليه بوله وداخل عينيها نظرة فاقدة الصبر أو إحباط فأسعده ردّ فعلها بطريقة لا يتصورها ثم أضافت بصوت هو عنوان الغيرة: "نالت الوقحة عقابها" ليردّ بتبرير: "لم أكن أنوي أن أبتعد عن لوبي الفندق، كنتُ غاضباً منكِ جداً وبعد هذا وجدتها أمامي وطلبت أن أقلها إلى قلب المدينة وبدأت تتحدث عن الوحدة والحب، لمست عصا تغير السرعة بطريقة موحية لم أنتبه لها إلا عندما وجدتُ أصابعي تحط فوق أصابعها، قَدّمَتْ عرضاً رخيصاً فوجدتني أفتح لها الباب وأطردها ثم بدأت بالصراخ... وهكذا كانت القضية، كيف تخيلتِ أني سوف أتعجلك لتقدمي التضحيات من أجل أن تثبتي أنكِ لا تحبين أحداً؟ وكيف تخيلتِ أني أريدكِ جسداً بلا قلب؟!" ضربتها كلماته بمقتل في إدراك أنه لم يرفضها، فهمست بغيظ: "تلك الوقحة كانت تريد أن تشاركني فيكَ حتى بالزواج، أتصدق؟!"
"إنها مريضة" فردت بحب: "لستُ أنا تلك الفتاة التي تضع نفسها لرجل لم تمنحه قلبها" نظر إليها وهي تضيف ببريق الخجل: "بيرين منحتني أمس صورة لكَ وأنتَ تقرأ ورقة الحظ، ونظرتك لي كانت واضحة لأعلم أنكَ تحبني فعلاً فقد كنتُ متوجسة من أشياء كثيرة، أن يكون ما تمر به ليس حباً إنما انجذاب لامرأة من نمط مختلف عن حياتكم بالقرية أو أردتَ إنقاذي وإعادة تهذيبي أو لكونكَ معتزاً فخوراً فأغضبكَ رفضي لكَ" حرك رأسه بـ لا قوية مما جعلها تبتسم مستفسرة: "إذاً ما الإجابة الصحيحة عمرو؟" ردّ بانفعال ظهر في صدره الذي بدأ يعلو ويهبط بجنون وأنفاسه الحارة قادرة على أن تذيب قمم الثلوج بسيبيريا، جذبها أكثر إليه ضاغطاً على جسدها اللين مجتازاً ملايين الهكتارات الفارقة بينهما بصوته: "فقط أحببتكِ!" رفعت نفسها لتتلقى قبلته عندما شعرت بأنه سيفعلها، مست شفتاها حرارة شفتيه اللافحة لتزداد تورداً عندما اجتاح كل سوء الفهم بقبلة مرحبة رائعة بينهما، تركها ليحصل على الهواء بأنفاس مقطوعة فوجدها تضحك بسعادة بينما كل خلاياها ترتجف بين ذراعيه: "أنتَ لا تعرف، لقد أبلغتُ الوقحة أني سأعمل على تغيير الوضع وسوف أريكَ الباردة التي تزوجتها" ابتسم بوجع من مجرد الذكرى فسألته بعبوس: "لِمَ رفضتَ أن تراني؟" أغمض عينيه ثم رفع أهدابه ليسقطها على أجمل نظرة تحمل دعوة للحب داخل امرأته: "كنتُ لن أتحمل أن تسأليني مجرد سؤال، هل فعلتها؟ أو لِمَ كانت معك؟ هذا بالطبع مرافقاً لكوني لم أكن أرحب أن تبقى صورتي بغرفة التحقيق عالقة في ذهنك" رفعت ذراعيها لتطوق عنقه: "أحمد الله أني رفضتُ شرط أبي أو بالأحرى شرطك فلو كان حدث كنتُ سأظل أشعر بأني أجبرت على الزواج منكَ" ابتلع ريقه بغصة أفعاله ليسألها: "ولكنكِ بالفعل أجبرتِ بسبب الجريدة؟" ضحكت بدلال: "لا، هذه المرة أنا التي اخترتُ طريقتي ولم يجبرني أحد" نظر إليها ملياً وقد فقدت عينه بريقها للحظة مستوعباً أن أفعاله الأخرى ستفضح يوماً ما، لتهمس أمام شفتيه المائلتين عليها: "حبكَ كان قراري" وهي تمس أنفه بطرف أنفها، همستها أعادت بريق الرغبة لعينيه بقوة فخفت صوته وتحشرج بفعل الرغبة المحمومة بينما عاد ينثر قبلات محمومة صغيرة على كل بقعة من بقاع وجهها وصوتها الراغب أشعله عندما طالبته: "خذني حبيبي!".
لم ينتظر أكثر في غرفة الاستقبال، حملها للجناح الرئيسي الذي لم يشغله أحدهما وما أن اجتازا بابه حتى فرغ الهواء من رئتيها وهي تراه معدّ بفخامة، أوراق الورود متناثرة مشكلة طريقاً من بداية الباب حتى الفراش، شمعتان صغيرتان بجانب باقة من الورود على إحدى المناضد الجانبية الصغيرة عندما ستضاءان ستصدران ضوءاً شحيحاً لكنه شاعرياً، دفنت وجهها في عنقه هامسة: "متى حضرت كل هذا؟" أجابها وهو يميل برأسه للخلف في محاولة فاشلة ليرى نفسه في عينيها: "منذ جئنا".
أنزلها أمامه ووضع يده على كتفها ويده الأخرى تمر على خصلات شعرها تفكه من عقال هذا الدبوس فيسقط أرضاً معلناً استسلامه تاركاً لشعرها الحرية الكاملة ليتناثر على جانبي رأسها كغيمة حريرية سوداء، غامت عيناه بطريقة جعلتها تريد أن تخترق قلبه.. اقترب منها بعينين تلتهمان كل ستقع عليه منها، أنفاسه الحارة اختلطت بأنفاسها المماثلة، أخيراً ستكون له! شفتاه تدغدغان شفتيها ووجنتيها، كان كمن يتعرف عليها بواسطة شفتيه ويديه، تمنحه نفسها بما يليق له ولها.. تعلم أنه لم يعد يفرق إن كانت مجبرة أو مخيرة فهي بآخر الأمر، عشقته وانتهى الأمر...!
********
"تبدو كطفل أمامه أحجية صعبة الحل!" قالت تضحك بقوة ترج مسامعه بنعومتها بينما يدفع أصابعه في شعره فشعثه كطفل شقي وأشار إليها: "تبدو كمتاهات وليست خريطة لمترو المدينة! تجعلك تضيعين!!" ابتسمت وسألته: "أين سنذهب؟" فأجابها بعبوس: "وسط المدينة ميدان كوناك" تتبعت بإصبعها الطريق من حيث يتواجدان حتى عرفت أي عربة سيستقلان، هرولت وهو يتعقبها بخطوات واسعة، مالت برأسها تجاهه لتحادثه فصارت خطواتها جانبية على ذات سرعتها: "لِمَ أصريتَ أن نأتي بدون سيارات؟ ظننتكَ تعرف الطريق بسهولة بواسطة المترو!" أشار إليها بإصبعين ذاكراً السببين الظاهرين: "البعد عن الصحافة، وكذلك المتعة بلا تقيد بأمر السيارة" أما السبب الخفي أنه لم يعد يحتمل بقاءه معها منفردين، كل ما فيها يثير أعصابه يجعله يريد أن يمزق أي حوائل بينهما، جنونه يحدثه أن يجعلها ملكه حتى لو أتم ما لم يكتمل بينهما في الماضي، إنها تخرج أسوأ ما فيه حقاً!
نادته لينجذب إلى بسمتها الخلابة فتفقده أنفاسه: "سيماف هذه هي البوابة التي تؤدي لمترو وسط المدينة".
تأفف وهو يجلس، لم يدرك أن المترو سيكون مزدحماً هكذا رغم القلة الواقفة إنما جعله يلتصق بها ليفسح المجال لشخص يجلس بجواره وهي زادت الطين بلة بأن وضعت كفيها على كتفيه كمن تحتضنه من الخلف يشعر بنبضها من كل خلية تلتصق به ودفئها يدفق دماء حارة في جسده كله بتماوج غريب يندفع بدفقة تجعله كاد يشهق ثم ينقطع ويعاود التدفق مرة أخرى، صوتها وهي تحكي عن دراستها التي لم تكتمل بعد فهي بالسنة النهائية وعملها منذ أربع سنوات وكيف سافرت إلى كينيا وغيرها من الدول وهو يجيب باقتضاب وسط حالة الوسن الذي وجد نفسه فيها.. لم يعد يتحمل وهي تجبره على النظر إليها وهي تشرح له كيف تدار الكاميرا، شعرها يكاد يشكل ستارة مخملية تكفل لهما خلوة لحظية، تميل بوجهها إليه تكاد شفتاه تمتدان وترحلان لتلتصقا بشفتيها بلا حق لهما بالعودة لوجهه، وقف فجأة كملدوغ فاضطرها للتراجع للخلف بدعوة لسيدة كبيرة أن تتخذ مكانه بينما يهمس بصراخ داخلي: "لا يمكن ما أنا فيه، تعذيب محاصرة للفضيلة ومع مَنْ؟! مع زوجتي!!" وضعت يدها على كتفه وهي تشير: "المحطة القادمة هي وجهتنا" بالفعل تحرك وهو يقبض على أصابعها الصغيرة ليدورا في الميدان حيث ينتصب برج الساعة، رمز مدينة إزمير، في ميدان كوناك، قلب المدينة النابض، بهيئته الأنيقة ليضفي عليها طابعاً جميلاً خاصاً، وقد شيد هذا البرج عام 1901 احتفالاً بمرور 25 عاماً على اعتلاء السلطان عبد المجيد العرش، أما الساعة المثبتة عليه فقدمت كهدية من الإمبراطور الألماني (ويلهيلم) الثاني..
وقف أسفل البرج وهي تلتقط له صوراً، هنا انطلقت بداخلها ثورة عارمة بالمعرفة فاقتربت منه وهي تشير لأحد المقاهي: "فلنجلس هناك وسوف ألعب معكَ لعبة الصور" قبل أن يندهش أو يستفسر قطعت السبل عليه: "سوف أذكر لكَ اسم شخص وأنتَ تجيب مَنْ هو بالنسبة لكَ وأنا سألتقط لكَ صوراً مع كل تغيير، هل تقدر على التحدي؟" فأجابها من فوره: "نعم، ولكن بشرط.. سيكون لي دوري" فهمته بسرعة ورفضت: "لا، إن الكاميرا من حقي فقط" فتحداها بقوة مقنعاً إياها: "ليكن لكِ من التحدي نصيب، فإن كنتِ على قناعة أن الكاميرا عين الحياة والحقيقة تكمن داخلها لِمَ تخشين أن تري حقيقتك الخفية؟" أجابته بعد زوال الصدمة التي نالتها إنها فعلاً تخفي أشياءاً فهي لم تقم بتصوير نفسها أبداً، ربما تخفي تسامحاً أو غفراناً أو ربما تخفي رغبة بالحياة معه، لا.. لا يمكنها أن تشعر بذلك!!
صدحت بصوت عالٍ: "أنا لا أخفي شيئاً وسأبرهن لكَ" مدّ لها كفه مسلماً وقال لها: "اتفاق، لكن بعفوية أي لن تكوني متوقعة وقت السؤال ولا مَنْ يخص".
جلسا على المقهي وبدأت تسأله عن عمله الذي لا تعرف عنه شيئاً فكل ما تعرفه أنه مدلل العائلة سكير برصالي، ليجيبها بمرح زائد: "أضيفي على كوني السكير المدلل أني بتلاعبي ببعض الأموال وعدد من الشركات مكاسبي تعد بملايين اليورو كل أسبوع، أتعلمين أني أملك نصف الشركة المالكة لفيوتشر بارك؟" صرخت فيه بحنق وهي غير مصدقة: "لقد خدعتني وحاصرتني حتى بمنزلي!" همس بهدوء: "ألم يفت أوان الندم بيرين؟ لقد سكنتني يا امرأة! حتى منزلي الذي كان خالياً إلا من أشباحي صرتِ أنتِ الطيف الوحيد به!" صمتت فجأة ثم رفعت الكاميرا أمام عينها وسألته على حين غرة: "جيندا؟"
"رفيقة تجيد الإصغاء" ثم تلونت عيناه بالذنب بعد الحنين الذي كان اكتسى وجهه: "لقد ساهمتُ بلا دراية في فراقها لحبيب طفولتها أفيندار" ثم توشت عيناه ألفة جميلة: "لكني حميتها من فورال أبيها العربيد فلم يقدر على كسرها" تنفست الصعداء فكل إشارات صوره تعني أخوة، صداقة، رفقة حسنة!
ثم همست براحة: "أفيندار" ابتسمت عيناه قائلاً: "مجنون! لكنه صديق جيد، أتعلمين أنه هو الذي اتصل بالصحفيين حتى يأتوا إلى منزله القديم" شهقت وكررت: "وغد! وغد لئيم!!" ضحك على سبابها وأجابها: "لو تعلم جيندا أنكِ تسبين زوجها كانت انتزعت شعركِ بأظافرها" وقصّ عليها قصة أظافر النساء معهم فظلت تضحك بقوة ثم مدت إحدى كفيها على زر التصوير بعد أن ثبتته باحتراف على وجه محدثها والكف الآخر مررته على عنقه وهي تهمس بقلق: "هل مازالت تؤلمك؟" تلعثم وتعثر لدرجة شعرت أن العرق النابض بعنقه كاد ينفجر تحت أناملها، ملأت عيناه الرغبة وضرب الدم العرق الخفي في وسط جبينه لينتفخ لدرجة صارت ترى رحلة الدماء داخله وهي تتدفق لرأسه، حركت أصابعها على جانب وجهه ثم سألته بغتة: "بيرين؟".
ارتجف جسده بانتفاضة فشل بالسيطرة عليها أو على انتظام أنفاسه وقرر أخيراً أن يجيبها بالصدق: "ماضٍ موجع، وحلمٌ مؤلم ظللت أجري خلفه..." صمت لحظات قبل أو تواتيه الشجاعة هامساً بشغف: "فقط أحبها!" وقفت باندفاع وهي تهاجمه: "كاذب، أنتَ لم تفعل، أنتَ لا تفعل!" هالها أنه تجمد أمامها وهو يرفض أن يمنحها ما تريد لمجرد أن هذا يريحها، تريده أن يعلن أنه كاذب.. كيف هذا وكاميرا عين الحقيقة قد أثبتت صدقه؟!
دفعته بصدره ومرت أمامه تجتاز ألمها الداخلي بمشاعر متغيرة بين التصديق والنفي، الحب والبغض بإنكار تام أنه يحمل لها مشاعراً غير بربرية صرفة، امتدت أصابعه بعد عدة خطوات لمرفقها يوقفها قائلاً بانفعال: "أنتِ لا تصدقين حتى هذه!!" وأشار لكاميرتها التي كانت تعلقها على كتفها وتكمل طريقها كأنها ستدوس فوق جثته إن لم يتركها، صرخ بها وهو يتقهقهر للخلف أمامها: "نعم أحبكِ.. أنتِ وليس جيندا! أنتِ وليس أي امرأة بالكون!!" لم يبالِ أن هناك بعض المتلصصين الذين تابعوا مشهد عتاب بين حبيبن، صرخ بها وهو ينال من كتفيها يهزها بحدة: "عشتُ أبحث عنكِ، أتنفس عطركِ الذي رسخ داخلي منذ تلك الليلة السحيقة بسبب هجومي عليكِ، جاهدتُ حتى أشفى من معاقرة الخمور والكحوليات حتى عندما ألقاكِ وأجدكِ أكون قادراً على مواجهتكِ، قادراً أن أمنحكِ حباً ظللتُ أدفنه داخلي.." عندما مالت شفتها للسخرية منه صدح صوته بما يشبه الصراخ ولكن بخفوت: "نعم، أنا قادر على الحب، أحبكِ أنتِ بيرين.. زوجتي وحبيبتي!".
تململت من بين قبضتيه اللتان اشتدتا عليها حتى نجحت في الفكاك من بين براثنه قائلة بقسوة: "لا أريد حبكَ.. لا أريد أن أظل زوجتكَ، أنتَ بنظري كل الفساد، كل الكره.. أنتَ بنظري... مغتصب!" أغمض عينيه كمن تلقى رصاصة شقت قلبه، لم يعد يدري ماذا يقول أو ماذا يفعل، كسرته.. مزقت رجولته بكلماتها ولم يعد هناك ما يُقَال، تحرك ليقف جوارها ويسير بمحاذاتها ولم تجد سوى التحرك بجواره، ولفترة طويلة ظلا هكذا يسيران فقط لدرجة أنهما وجدا نفسيهما خارج إطار المدينة متجهين للشاطيء الذي تمتع بالجمال رغم الظلمة الحالكة التي ضربت البحر الأبيض المطلة عليه.. سارا على كورنيش الشاطيء حتى توقفا وقد أفرغ كل منهما شحنته السالبة بالمشي، أراح سيماف كفيه على السورالأبيض المعدني بينما حاولت أن تضع كفها على كتفه لتربت عليه مواسية أو معتذرة فلم تتمكن من هذا، لقد وضعت بينهما أسواراً من أول ليلة، لم تدري أن انزعاجها من ذاتها وأنها تعيش متعة بتعاملها النقي معه.. أرادت أن تلوث علاقتهما الوليدة قبل أن تحبه وتعلن له عن هذا، تعلم أنه ربما يكون صادقاً، أنه في داخله يريد منح هذه الطفلة القديمة حقها بعد الهجوم عليها.. وجدته يتحدث بهدوء كمن يحكي للبحر: "أتعلمين؟ لم أكن أتخيل أني قد أؤذي أي امرأة، أنا بالذات مَنْ عشت الكل ينكرني بالعائلة لكوني ولدتُ من سفاح، فأبي كان يهيم عشقاً بأمي وكانت لا تعيره اهتماماً حتى حصل عليها فأجبرها على أن تتزوجه وكنتُ أنا قط العائلة الأسود، ثمرة فاسدة محرمة مجرمة.. كرهني الجميع بما فيهم عمي أولمارت برصالي الذي يحوم حولي الآن فقط لسببين أولهما المصاهرة مع دمارجي والثاني بلغه نجاحي في عالم الاستثمارات العقارية ويريد أن أمنحه امتيازاً بمشاركتي بواحد من مشاريعنا الحديثة، أتعلمين لِمَ سأوافق أن أكون أنا الجسر له في الطلبين؟ فقط لأشعر بالرضا.. أني أنتمي لعائلة حتى لو كانت ظاهرية، أريد أن أشعر أن لي عائلة!" نظر لها بانكسار ثم أعاد بصره للبحر مستطرداً: "كرهتني أمي ولم تنظر لوجهي ولم تقبلني يوماً، كانت تقول لي: أكرهكَ فأنتَ تذكرني بكل لحظة بالماضي وأني سمحت لأبيك أن يمارس قذارته على جسدي، وأبي حملني كل الذنب كوني لم أستطع أن أجعلها تحبه.. عاشا وقتهما يتناحران ولم يتفقا على شيء واحد طوال حياتهما لدرجة أنها حاربت الجميع من أفراد عائلتها حتى حصلت على الطلاق من أبي وأقامت حفلاً لذلك حتى أنها دعته عليه وظلت تراقص جميع الرجال بالحفل تحت أنظاره وأنظاري... ثم ماتت بعدها بحادث سير مروع أما هو فقد أصيب بالزهايمر نتيجة طول اكتئابه لفقدها منذ أقدم على فعلته معها وحتى بفقدانها الحقيقي بالموت، عاشا يكرهانني!" صمت ثم تحدث باستدراك مرير: "ولكن مهلاً! الآن أدركتُ أنهما اتفقا على شيء واحد.. وهو كرهي أنا، الاثنان كرهاني وبشدة" قهقهة هستيرية صدرت منه لتنتهي بدمعة طفولية على معاناة طفل عاش يبحث عن طفولته داخل شعاب الكره بين والدين حملاه كل الذنب الذي هو لا ذنب له فيه، وضعت كفها على كتفه فالتفت إليها وهو يتمسك بكتفيها تاركاً جسده يرتخي فوقها لتربت على ظهره بنعومة: "آسفة" همسها المعتذر يتغلغل داخل طيات جسده بمشاركة فعلية مذيباً أعواماً من الوحشة، همس باعتذار مماثل وهو يحتضنها كما سيظن مَنْ يراهما ولكن الحقيقة أنه يتمسك بها حتى لا تضيع منه أو يضيع بدونها: "أعتذر، لم أكن أقصد أن أجدد الماضي.. ولكنها الحقيقة، أنا بالفعل أحبكِ منذ تلك الليلة أحبكِ منذ وجدتكِ بعد أن كنتُ أفكر فعلياً بالانتحار وجدتني أتمسك بطوق النجاة الوحيد الذي ألقي إليّ، إنه أنتِ.. كنتُ أخاف المكوث بالمنزل وحيداً، الآن يسعدني التواجد بمنزلي لكونكِ ستكونين فيه... أنا لا أقول هذا لتصلي لحل وتمنحيني ما ترفضين، فقط اعلمي أنني برحيلكِ عني سأموت...كوني عطر حياتي الخفي" تمسكت به أكثر حتى لا يرى دموعها ولم تلاحظ أنه شعر برطوبتها على صدر قميصه فازداد تعلقاً بها بينما همست بصوت مختنق لا تعرف كيف تبلغه أنها تتأثر بوجوده ولكنها تخاف من القادم.
"ربما لو كان هناك وقت قد مر بيننا... ربما ولكن.. لا أستطيع.. أنا لا..." تراجع للخلف ليقطع مسار الكذب على شفتيها وهو يقول: "أنا لا أطالبكِ بشيء، فقط الرفقة والصداقة ولا زيادة عليهما" أطرقت بصمت وأكملا طريقهما بتوتر خفي قد أذابته رياح الليل الباردة، ارتجفت رغم كنزتها الصوفية ولكن هواء الشاطيء صار أبرد فأحاطها بذراعه وتركت نفسها بتجاوب لتنال من دفء جسده، سارا يتجها للعودة وكل منهما محمل بعشرات المشاعر التي قطعاها اليوم ولكنها أخذتهما خطوات للخلف مرة أخرى... إلا أنه لن يتركها تعود للتقهقر لنقطة الصفر.
بالقرب من برج الساعة صرح لها بطفولية: "أنا جائع، ما رأيك بالعشاء هنا قبل العودة؟" ابتسمت له بعذوبة مؤكدة: "كنتُ أموت جوعاً ولكني خجلت أن أطالب بشطيرة حتى لا تعتقدني بلا مشاعر" ضحك من ردة فعلها ومضيا باتجاه أول مطعم فابتاعا شطيرتين للمأكولات البحرية أخذاها هي وكوبين كبيرين للمياه الغازية ثم سارا عائدين وهما يتسامران حول الطعام والشراب مجتازين تلّ التوتر الذي كان قد بُنِيَ اليوم.. ليهدّاه مرة أخرى.
جلسا أمام برج الساعة على إحدى الأرائك المنتشرة ليتناولا طعامهما الذي اكتشفا أن أذواقهما فيه واحدة، كلاهما يعشقان المأكولات البحرية والمشويات ويفضلان المياه الغازية بلا لون.. انتهيا من الطعام ثم وقفا ليتحركا فجمع الأوراق والأكواب الورقية ليلقي بها في سلة المهملات القريبة من إحدى الأشجار الكثيفة الفروع وهي خلفه، اختار إحدى الطيور التى تملأ الميدان ليل نهار وتقيم في الشجرة أن يفرغ محتوى معدته على ملابسه، أذهله اللون الداكن الذي أصاب صفرة قميصه بالتشوه فتجمد ونظر للشجرة يسب ويلعن هذا الطائر القذر، بينما ظلت بيرين تضحك وتطوح كفيها بالهواء مثلما يفعل مشكلين صورة ساخرة فريدة، أخرجت مناديلاً من حقيبتها واقتربت تحاول تنظيف هذا الرجل الذي بدا كأنه يحتاج لأم تنظف له أصابعه، لا تعرف هذه الصورة كيف خطرت لها على بال.. حتى انتهت من تهذيب الوضع قليلاً وهو لايزال يهمس بحنق: "طائر قذر، قذر!!!" وهي تضحك سخرية من الوضع أما هو فقد رفع رأسه للسماء شاكراً لها اتحادها معه وجعل هذا الطائر يعمل على إعادة التجاوب بينهما مرة أخرى.
*******
بعد أسبوعين،،
في البندقية،،

كوني عطري[سلسلة لا تعشقي أسمراً(3)]حيث تعيش القصص. اكتشف الآن